المسكوت عنه فى الخطاب السياسى الجديد فى دمشق

المسكوت عنه فى الخطاب السياسى الجديد فى دمشق

المسكوت عنه فى الخطاب السياسى الجديد فى دمشق

 العرب اليوم -

المسكوت عنه فى الخطاب السياسى الجديد فى دمشق

بقلم : مصطفى الفقي

 لست من أنصار محاسبة نظام جديد على خطابه السياسى فى الأسابيع الأولى من وصوله إلى الحكم وتولى مسئوليات إدارة البلاد والعباد، فأنا من دعاة التريث فى وزن الأمور وتقويم الأوضاع، فقد أصابت الفرحة العارمة الغالبية العظمى من السوريين، وربما العرب أيضاً، بسبب زوال حكم فردى قام على تكميم الأفواه وإرهاب الشعب تاركاً له ميراثاً كبيراً من السجون والمعتقلات، بدلا من أن يترك لهم وطناً مستقراً وحياة طبيعية، فنظام الأسد لم يجد من يذرف عليه دمعة واحدة أو يودعه بكلمة طيبة، وعاد الشباب الثائر من «أدلب» فلم يجد مقاومة تذكر فى المدن السورية الكبرى حلب وحماة وحمص وصولاً إلى عاصمة الأمويين فى دمشق، ثم بدأنا نرى شخصية مختلفة لهيئة تحرير الشام فى ثوبها الجديد، وبالمناسبة فإننى لا أجد غضاضة فى تغيير النظم والمعتقدات لأصحاب المبادئ والأفكار، فالحياة تتجدد والرؤى تتغيّر، وقد يحدث ذلك أحياناً بما يصل إلى مائة وثمانين درجة للاتجاه الآخر، ولكن يجب ألا ننسى أن سوريا دولة مهمة ومتميزة فى عالمنا العربى ومركز ثقل فى غرب آسيا، بل وبؤرة صراع تاريخى فى الشرق الأوسط، وقد صدرت كتب كثيرة فى القرن الماضى تتحدث عن الصراع حول سوريا، وبرحيل نظام بيت الأسد الذى حكم سوريا لأكثر من نصف قرن من الزمان يكون من حق السوريين التفكير فيما هو قادم، بحيث لا تغطى الفرحة على الحقيقة ولا تطغى السكرة على الفكرة، ورغم أننى شخصياً متفائل نسبياً حول مستقبل سوريا القادم فإن لى بعض الملاحظات كمواطن عربى يحب سوريا بل ويعشق إقليم الشام بتاريخه الثقافى وتراثه الفنى والفكرى وبصماته القومية المهمة فى التاريخ العربى المعاصر، من هذا المنطلق فإننى أوجز ملاحظاتى المبدئية والقابلة للتعديل على ضوء المستجدات، فالجمود ليس ظاهرة سياسية صحية ولكنه يعكس نوعاً من تصلب الأفكار لدى البعض، بحيث لا يرون أبعد من أقدامهم، أقول صراحة ما يلى:

أولاً: نلاحظ خلو الخطاب السياسى للحكام الجدد من أى إشارة للروح القومية والنزعة العروبية بل والتركيز بشكل محدد على القطر السورى ولا بأس من ذلك، ولكننا لا نستطيع أن ننتزع سوريا ذلك البلد المهم من خريطته العربية وانتماءاته القومية.

ثانياً: إن الحديث عن إسرائيل فى الخطاب السياسى السورى الجديد يوحى بأنها دولة عادية فى المنطقة تجمعنا بها علاقات طبيعية ولا نتطلع إلى خلاف معها، رغم الأشلاء والدماء والمذابح والمجازر والخراب والدمار الذى تمارسه ضد الشعب الفلسطينى ثم اللبنانى ثم ضربها المباشر للبنية العسكرية السورية بدعوى القضاء على نظام الأسد، فيما هو قضاء على مقدرات الشعب السورى والبنية الأساسية العسكرية والمدنية له!

ثالثاً: تميز الخطاب السورى الجديد بالانتقاد المباشر للتدخل الإيرانى فى سوريا خلال فترة حكم آل الأسد وسيطرته على مقدرات الدولة السورية، والزج بها فى كثير من القضايا التى لم يكن مطالباً بها، خصوصاً أن الشعب السورى تسبق طبيعته القومية ولاءاته الدينية، وليس يعنى ذلك أن الأديان السماوية ليست متجذرة فيه، ولكنها ليست هى التى تحدد المسار السياسى له فى العقود الأخيرة.

رابعاً: إن تركيا هى الرابح الحقيقى من كل ما جرى، والتى تبدو مثل «أم العروسة» تقدم سوريا إلى المجتمع الدولى فى ثوبها الجديد بعد طرد الوجود الإيرانى وتكريس الجوار التركى، حيث استقبل المسجد الأموى الكبير المسئولين الأتراك فى إعلان مباشر عن العلاقات الجديدة بين الجمهورية التركية والنظام الجديد فى دمشق. وأنقرة تضرب بذلك عصفورين بحجر واحد إذ أنها تطبع العلاقات مع دمشق من جهة وفى الوقت نفسه تضمن تثبيتًا لأوضاع الأكراد فى ظل نظام سياسى يساوى بين الفئات والطوائف المختلفة فى دمشق كما يكرر قادته الجدد.

خامساً: إن إيران هى الخاسر القوى، ولكنها تسعى فى صمت وهدوء للاستفادة من هذه الخسارة للحصول على ضمانات تسمح لبرنامجها النووى أن يمضى فى طريق سلمى بعيداً عن المواجهات الدولية وسياسة الحصار التى عاناها الإيرانيون كثيراً، وتزداد دهشتى عندما أرى نوعاً من الارتياح الهادئ فى طهران تجاه سقوط نظام الأسد الذى كان عبئاً على كل من يعرفه!

إنه من السابق لأوانه إصدار أحكام نهائية على ما تحدث به قائد جبهة تحرير الشام العائد إلى دمشق «أحمد الشرع»، لأن الأمور ما زالت فى بداياتها والعبرة دومًا بما يتحقق على الأرض وليست بما يقال من تصريحات، وعلى العرب أن يدركوا أنهم يواجهون اليوم ظروفًا صعبة وملابسات متداخلة، محاصرين بين إسرائيل العدوانية، وإيران الجريحة، وتركيا والدب الروسى الذى لن يتخلى عن المياه الدافئة فى اللاذقية وطرطوس، والولايات المتحدة الأمريكية التى ترقب كل شيء عن كثب وترى أن ترامب سوف يتسلم تركة أثقل بكثير مما تسلمها سلفه بايدن، الذى كان يمثل واحدة من أضعف الإدارات الأمريكية فى العقود الأخيرة. وسوف نظل نرقب الأحداث يوماً بعد يوم آملين باستقرار القطر السورى الشقيق وإثراء الحياة الإقليمية والدولية بكل ما يتجه بها نحو أجواء الحرية الحقيقية ومظاهر الأمن والأمان.

arabstoday

GMT 10:16 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 10:14 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

وجهة نظر مختلفة في قانون المسئولية الطبية

GMT 10:08 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025.. الإجابات

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 10:04 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الصراع على سوريا.. أين نقف بالضبط؟

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الذكاء الاصطناعي مطوعا في هيئة الأمر بالمعروف

GMT 09:59 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

جيمي كارتر... قصة نجاح وقصة فشل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسكوت عنه فى الخطاب السياسى الجديد فى دمشق المسكوت عنه فى الخطاب السياسى الجديد فى دمشق



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة
 العرب اليوم - 9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة

GMT 04:34 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

بشار الأسد يُصنَّف كأكثر الشخصيات فساداً في العالم لعام 2024
 العرب اليوم - بشار الأسد يُصنَّف كأكثر الشخصيات فساداً في العالم لعام 2024

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 06:35 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

واتساب يوقف دعمه لأجهزة أندرويد قديمة بدءًا من 2025

GMT 18:43 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

فيروز على أعتاب تكريم جديد بجائزة النيل لعام 2025

GMT 01:29 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.5 درجة على مقياس ريختر يضرب إيران

GMT 00:29 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إصابات في انفجار سيارة مفخخة في ريف مدينة حلب السورية

GMT 04:10 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

8 قتلى في غارة على منزل شمالي غزة

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الإمارات تحتفل بعام 2025 بعروض ألعاب نارية وفعاليات مبهرة

GMT 05:34 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

ليفربول يرفض بيع أرنولد إلى ريال مدريد في يناير

GMT 11:22 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

قصف إسرائيلي على خان يونس يقتل 3 فلسطينيين ويصيب آخرين

GMT 05:31 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

باريس سان جيرمان يستهدف فلاهوفيتش من يوفنتوس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab