ياسين عبدالغفار

ياسين عبدالغفار

ياسين عبدالغفار

 العرب اليوم -

ياسين عبدالغفار

مصطفى الفقي

أستاذ أساتذة طب «الأمراض الباطنية والكبد»، عالمٌ جليل رحل عن عالمنا منذ سنوات، كان يحظى باحترام شديد وتقدير بغير حدود، فهو مؤسس «مركز علاج الكبد» فى «المنوفية» وغيره من المراكز الطبية والبحثية حول الأمراض التى تفتك بالمصريين كل عام، وهو ينتمى إلى عائلة مصرية عريقة ويحمل على كاهله الجزء المشرق من تاريخ الطب المصرى، فقد كان الرجل زاهداً بطبيعته، بسيطاً بفطرته، يهتم بالفقراء وذوى الحاجة ويسعى إلى الخير فى تديّن معتدل وحرص شديد على إرضاء الله والوطن، ولى معه قصة لا أنساها ما حييت؛ فقد كنت سفيراً فى «فيينا» وحضرت إلى القاهرة عام 1997 فى إجازة قصيرة لأشهد ميلاد أول حفيد لى، ولكن الله شاء أن تتدهور صحة أمى فى ذلك الوقت، وأن تدخل فى «غيبوبة كبدية» استمرت ثلاثة أسابيع، ولما اشتد عليها المرض وطالت فترة الغيبوبة استأذنت الطبيب المعالج الأستاذ الدكتور حسين عبدالحميد، وهو أستاذ مرموق فى تخصصه فى أن أدعو أستاذه «ياسين عبدالغفار» ليرى والدتى فى أيامها الأخيرة حتى يطمئن قلبى، وأشعر أننى لم أدخر فرصة لعلاجها إلا وسعيت إليها، ولم أكن على معرفة شخصية بذلك الأستاذ الكبير لذلك اتصلت برقم عيادته ورد علىّ واحد من مساعديه فذكرت له اسمى، وأننى أريد أن أتحدث إلى الأستاذ الدكتور «ياسين عبدالغفار»، وقد اختفى الصوت من جهاز الهاتف لعدة دقائق حتى جاءنى صوت أستاذ الطب صاحب التاريخ العريق والاسم الكبير واهناً وقوراً فى ذات الوقت بحكم سنوات العمر وتراكم التجارب وركام السنين، وقلت له إننى أرجو أن تكرمنى فى أمى بزيارتها فى مستشفى «كليوباترا» بمصر الجديدة، فقد استبد بنا اليأس، ونريدك أن تقول كلمتك بعد فحصها التى تكون فصل الخطاب، وفاجأنى الرجل بقوله إننى أعرفك جيداً، ومثلما كنت أنت مخلصاً لوطنك فسوف أكون كريماً مع والدتك، أعطنى العنوان وسوف أحضر غداً بعد صلاة «الجمعة»! وبالفعل ترقبت وصوله فى اليوم التالى عند مدخل المستشفى وفى الثانية بعد الظهر وجدت سيارة «بيجو» كبيرة مثل تلك التى تعمل بين المحافظات والرجل يهبط منها فى وداعة وسماحة وبشاشة، فصعدت معه إلى حيث حجرة أمى ليلتف حوله تلاميذه ومعاونوه من أطباء المستشفى عندما علموا بقدومه، وفحص الرجل والدتى فحصاً طبياً شاملاً، ووجَّه بعض الأسئلة للأستاذ المعالج، ويبدو أنه قد شعر بالرضا من إجاباته، وأدرك أنه لا يمكن أن نفعل ما هو أكثر مما فعلنا، ثم خرج من الحجرة ورافقته إلى سيارته وكان واضحاً لى أنه من العبث أن أحاول تقديم نقود كمقابل للكشف الخارجى والجهد الذى بذله أستاذ فى قيمته وفى مثل عمره فوجدت أن ما فعل لا يُقدَّر بثمن، وأنه من الأفضل ألا أحاول ذلك، فالرجل جاءنى متطوعاً وسعيداً ولا يمكن أن أعكر صفو تلك المجاملة الرقيقة ولكننى قلت له بعد توديعه إن مدة إجازتى تنتهى يوم «الأحد» فهل أمدها أم أن هناك فرصة للسفر إلى «فيينا» والعودة فقال لى: من الآن حتى يوم الأحد سوف تكون الأمور قد حُسمت، فالله لطيف بالعباد، وبالفعل صعدت روح أمى إلى بارئها فى اليوم التالى، ذلك هو «ياسين عبدالغفار» بقيمته ومكانته. وتربطنى به صلة أخرى، حيث إن زوج ابنته- وهى أستاذة طب مرموقة- هو الأستاذ الدكتور «خالد مأمون الهضيبى»، وهو أستاذ متخصص فى أمراض «النساء والتوليد» ومعروف باستقامة الخلق وحسن المعشر وهو «طبيب العائلة»، وله ابن متوهج الفكر هو «إبراهيم» حفيد «د. ياسين عبدالغفار».
رحمه الله رحمة واسعة جزاء ما قدَّم لوطنه وأمته ودينه، فلقد كان علامة مضيئة فى تاريخ الطب المصرى الحديث.

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ياسين عبدالغفار ياسين عبدالغفار



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab