همسة حائرة فى قضية شائكة

همسة حائرة فى قضية شائكة

همسة حائرة فى قضية شائكة

 العرب اليوم -

همسة حائرة فى قضية شائكة

همسة حائرة فى قضية شائكة
مصطفى الفقي

أريد أن أتناول هنا قضية مسكوتًا عنها ولكنها تطفو على السطح بين الحين والآخر وأعنى بها العلاقة بين أهل الثقة وأهل الخبرة، أو بين من نعرف وبين من لا نعرف، وهى قضية برزت على الساحة المصرية فى أعقاب ثورة يوليو 1952 حيث شعر بعض الضباط أنهم يعرفون أكثر من غيرهم وأن الحق معهم دائمًا وأن العسكريين يحتكرون وفرة المعرفة وحسن الإدارة وسرعة الإنجاز، وأشهد أن الزعيم «جمال عبدالناصر» لم يكن فى كثير من المناسبات حبيس هذه النظرة فهو الذى اختار «عزيز صدقى» و«مصطفى خليل» و«عبدالمنعم القيسونى» و«عبدالرزاق صدقى» و«سيد مرعى» وغيرهم من العناصر المدنية التى تألقت فى مجالى الإنتاج والخدمات فى العصر الناصرى كله بل وامتد نشاط بعضها إلى عصرين بعدها، كما أن الرئيس «أنور السادات» أيضًا اختار من جانبه بعض العناصر اليسارية المتميزة فى مناصب وزارية مهمة وفى مقدمتها «إسماعيل صبرى عبدالله» و«محمد الإمام» و«عبدالمعبود الجبيلى» وغيرهم من رموز العمل العام فى «مصر»، إننى أريد من هذه الكلمات أن أقتحم همسة حائرة تراود بعضنا أحيانًا لتصنع قضية شائكة ذات حساسية خاصة، وأبادر وأعترف بأن الحياة المدنية المصرية قد شهدت نماذج مبهرة جاءت إليها من القوات المسلحة، فالخارجية المصرية ـ على سبيل المثال ـ مدينة لضابط كفء رفيع المقام هو «محمد حافظ إسماعيل» الذى وضع أسس التنظيم الحديث لتلك الوزارة، وإذا كنت أتحدث عن المجال الذى عملت فيه فإننى أسجل هنا أن «سعد الشاذلي» عندما أبعِد عن رئاسة الأركان وجاء إلى «لندن» سفيراً حمل معه عقلية متميزة وفكراً جديداً غير تقليدى حتى إننى أعتبره أفضل السفراء الذين عملت معهم طوال خدمتى فى السلك الدبلوماسى، فإذا كانت هذه هى قناعاتى منذ البداية فإنه لا يزايد أحد على موقفى من القوات المسلحة وهو الامتداد الشرعى للوطنية المصرية والتى دافعت عن شعبها العريق عبر العصور، وقد شعرت فى الفترة الأخيرة بعودة نغمة لا مبرر لها ترى أن الكفاءة والخبرة حكر على قطاع معين فى بلدنا ربما فى ظل زحام الأحداث فى السنوات الأربع الأخيرة والدور الوطنى المشهود الذى قامت به القوات المسلحة وكأن أصحاب هذه الرؤى لا يدركون أن الجيش جزء لا يتجزأ من الشعب الذى جاء منه وأنتمى إليه، دعونا نناقش القضية فى شفافية وأمانة لنعطى القوات المسلحة حقها الذى لا جدال فيه ولا نحرم العناصر المدنية المتميزة أيضًا من حق تسعى إليه، فلنتأمل الملاحظات التالية:

أولاً: إن أبطال «مصر» العظام قد تخرج معظمهم من القوات المسلحة التى هى مصنع للرجال ومصدر للكفاءات ومورد للخبرات ومدرسة للوطنية المصرية ذلك أمر يستحيل الجدل حوله أو التشكيك فيه لأن من يضع حياته على كفه فداء لوطنه يحتل مرتبة عالية فى سماء ذلك الوطن لعلنا نتذكر «عرابى» و«محمد نجيب» و«عبدالناصر» و«السادات» و«عبدالمنعم رياض» و«سعد الشاذلى» وغيرهم من الرموز التاريخية للعسكرية المصرية بل وللشعب المصرى كله، ذلك أمر يتذكره الجميع ولا ينساه أحد واضعين فى الاعتبار أن القوات المسلحة مدرسة كبرى فى علم الإدارة لأن الضابط الصغير يبدأ حياته العملية بقيادة «سرية» فيها عشرات الأفراد ويتعلم فى مستهل حياته كيف يكون قائدًا يعمل فى ظل قواعد الانضباط التى تقوم على التسلسل القيادى الذى لا خروج عنه، تلك كلها ميزات لا تغيب أبدًا عن ذهننا.

ثانيًا: إن المسافة التى تفصل بين الكادر المدنى والعنصر العسكرى لا يجب أن تكون واسعة على الإطلاق فالأمر يعتمد فى النهاية على الخبرة السابقة والتميز الإدارى ولا يجب أن يكون له علاقة على الإطلاق بقضية الثقة، فالمصريون فى هذا السياق سواء دون تمييز أو مفاضلة فالكفاءةــ والكفاءة وحدهاــ هى معيار الاختيار مع افتراض توافر عنصرى الولاء للوطن والانتماء لترابه المقدس، إننى هنا لا أثير نعرة جديدة ولكننى أقاوم نعرات بالية وألفت النظر إلى أنه يوجد فى صفوف المدنيين من هم ذوو كفاءة ومنهم فاشلون كذلك، ومن بين العسكريين أيضًا من يتألقون فى سماء الوطن وفروع التخصصات المختلفة ومن بينهم أيضًا عناصر عادية لا يجب أن تتصدر المشهد الوطنى لمجرد شرف انتمائها لأعظم مؤسساتنا الوطنية وهى القوات المسلحة.

ثالثًا: إننى أدعو الرئيس المصرى المشير «عبدالفتاح السيسى» الذى يتمتع بجماهيرية غير مسبوقة ربما لم يحصل عليها قائد مصرى فى العصر الحديث باستثناء «سعد زغلول» و«مصطفى النحاس» و«جمال عبدالناصر»، إننى أدعو هذا الرئيس الذى حقق فتوحات رائعة فى زياراته الخارجية ويقوم بمحاولة جادة للإصلاح الداخلى أدعوه إلى مزيد من الانفتاح على العناصر ذات الخبرة فى كافة القطاعات من أجل توسيع دائرة اتخاذ القرار الوطنى فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد بل والمنطقة كلها، واضعين فى الاعتبار غيبة برلمان منتخب إلى جانب التحديات التى تحيط بمصر من كل اتجاه، وأنا ممن يقدرون حصافة الرئيس وحكمته، ولكننى أتمنى عليه أن يحيط نفسه بدائرة من مستشارين شرفاء يكونون أهل فكر وعلم وخبرة، يقدمون المشورة ويكملون عناصر الرؤية لرئيس رفع عن كاهل الوطن صخرة ثقيلة كادت تكتم أنفاسه وتطيح بهويته وتعصف بمستقبله.

هذه ملاحظات موضوعية ثلاث أطرحها ابتغاء مرضاة الله والوطن وليس لى ولا لغيرى دافع إلا رفعة مصر ووضوح مستقبلها وسلامة شعبها.

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

همسة حائرة فى قضية شائكة همسة حائرة فى قضية شائكة



إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:51 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab