بقلم - عماد الدين أديب
النفاق اللامحدود أو الطاقة السلبية القاتلة! ما بين هذين الشعورين يتم – للأسف – تقييم كل ما يدور في حياتنا من أحداث!
هناك من لديه شريط تسجيل في فمه يقول بشكل تكراري ليل نهار إن كل شيء عظيم وإن تجربتنا العربية يجب أن تدرس في أعظم معاهد العالم في السياسة والاقتصاد والفن والرياضة والبيئة والعلوم!
وفي المقابل هناك من لديه شريط تسجيل تكراري ينطق به ليل نهار يقول فيه إن كل ما يحدث في حياتنا كارثة كبيرة تحمل في داخلها قليلاً مما يمكن أن نسميه «بيبي كوارث» وإن التاريخ كله مجرد مؤامرة واحدة كبيرة لا يمكن التمرد عليها وهي مكتوبة على الجبين منذ أن نشأت المنطقة العربية!
الحياة، والتجارب، والقرارات، والبشر أيها السادة من بدء الخليقة وحتى قيام الساعة لا يمكن أن يكونوا صواباً مطلقاً أو خطيئة مطلقة.
التجارب الإنسانية تفاعل دائم مع أحداث تحتمل خيراً أو شراً، صواباً أو خطأ، نجاحاً أو فشلاً، صعوداً أو هبوطاً.
أكتب إليكم من الرياض لمتابعة القمة العربية الإسلامية وعجبت لأصحاب الآراء – مع احترامي لهم – الذين يؤمنون بالطاقة السلبية ويتبعون مبدأ التقليل أو التهوين من أي إنجاز من منظور السعي إلى الكمال والمثالية وطلب المستحيل فتبدو دائماً أنك أفضل من إنجازات غيرك.
الجالسون في غرف مكيفة أو في مقهى يدخنون «الشيشة» ويحتسون الشاي بالنعناع الأخضر رأوا أن الــ31 بنداً التي صدرت عن البيان الختامي لاجتماع القمة العربية الإسلامية «غير كافية» وبعضهم الآخر رآها «محبطة».
وحينما نسألهم: إذن ماذا كنتم تتوقعون؟ أو لو كنتم مكان المجتمعين في الرياض بماذا كنتم أوصيتم؟
تأتيك بعض الردود العجيبة الغريبة مثل «اقطعوا النفط»، «اسحبوا السفراء»، «افتحوا معبر رفح بالقوة»، «أعلنوا الحرب»، «اقطعوا العلاقات مع واشنطن والغرب».
المأساة أننا نطلب المستحيل في هذا الزمن المضطرب، نقوم بتصدير اليأس، حيث نعاني من حالة اكتئاب قوي لمشاهد المجازر التي أصيب بها شعبنا وأهلنا في غزة.
تصدير اليأس في زمن يتم فيه المطالبة بإيقاف تصدير النفط والغاز!
هؤلاء الذين يطالبون بهذه الإجراءات ماذا سيفعلون فيما تتوقف مشروعات الرعاية الاجتماعية من تعليم وصحة وإسكان، وحينما يرتفع سعر النفط، وحينما تقف بوارج وأساطيل العالم أمام مياه منطقتنا بسبب تهديدنا للطاقة، وعبثنا بالأمن العالمي.
هؤلاء ماذا سيفعلون حينما لا يجدون مذاق التفاح في الشيشة، ولا الشاي الهندي الفاخر؟!