بقلم : عماد الدين أديب
السؤال اللغز الذى طرحه كبار المحللين السياسيين فى واشنطن، أمس الأول، عقب المؤتمر الصحفى الأخير لباراك أوباما فى البيت الأبيض هو: كيف يغادر الرئيس الحكم باستطلاع شعبى يتعدى الـ60٪ بينما حال حزبه الديمقراطى تعس للغاية؟
عادة فإن الرئيس الحاكم يلقى بآثار حكمه على حزبه، فإن أجاد انتعش الحزب وفاز مرشحه الرئاسى، وحصل على أغلبية فى انتخابات مجلس الشيوخ والنواب.
فى حالة أوباما، ظلت شعبيته متماسكة حتى آخر يوم، لكن مرشحة حزبه الديمقراطى هيلارى كلينتون خسرت انتخابات الرئاسة أمام دونالد ترامب، كما أن الحزب نال هزائم قاسية فى الانتخابات الخامسة بمجلس الشيوخ والنواب، ما جعل الحزب الديمقراطى هو حزب الأقلية البرلمانية.
السؤال فعلاً محير كيف ينجح الرجل ويفشل حزبه فى آن واحد؟.. الإجابة التى تطرحها واشنطن أن «كاريزما» أوباما وأسلوبه الهادئ، واحتضانه للكثير من الحقوق الاجتماعية مثل نظام العلاج الطبى، ورعاية الأطفال والمسنين والتعاطف مع المهاجرين، والقبول بزواج المثليين، كل ذلك صنع له حالة من الشعبوية لا علاقة لها بمكانة حزبه الديمقراطى فى الشارع الأمريكى.. إنها حالة نادرة فى سياق التاريخ الأمريكى المعاصر تلك التى ينجح فيها الرئيس شعبوياً ويفشل فيها حزبه سياسياً؟!
ها هو الرجل يترك مقعده الرئاسى والعالم ملىء بتساؤلات أكثر من إجابات حول المستقبل.. وها هو يترك رئاسته وهناك جدل هائل حول مستقبل الصحة والضرائب والاتفاقيات التجارية والتحالفات الدولية والعلاقات بالجيران، ومستقبل 12 مليون مهاجر غير شرعى يعيشون على الأراضى الأمريكية بلا إقامات مستقرة.
فى مؤتمره الصحفى الأخير أعلن الرجل بشكل مهذب أن هناك قضايا لم يتمكن من حلها، مثل الأوضاع فى الشرق الأوسط ومشروع الدولتين بين فلسطين وإسرائيل، والعلاقات مع روسيا و«بوتين»، ومشكلات الحريات وحقوق الإنسان فى العالم.
دون أن يهاجم أوباما الرئيس المقبل رقم 45 لأمريكا الذى سيتولى مقعد القيادة بدا عليه الخوف العظيم من المستقبل!