يخطئ للغاية من يعتقد أن الرد العسكري الإيراني على إسرائيل كان مسرحية أو تمثيلية متفقاً عليها بين كل من طهران وتل أبيب وواشنطن.
حقيقة الأمر أن الرد لم يكن تمثيلية متفقاً عليها، لكنه «تراجيديا» تعكس عدم كفاءة أسطورة السلاح الإيراني، وتعكس أيضاً كفاءة أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتوفرة لدى تل أبيب، والمتوفرة في قواعد حلفائها في المنطقة. ويقولون إن هناك 3 أمور لا تحتمل وجهة النظر، ولكن يجب احترام النتائج العلمية فيها وهي:
1 - التحليل الطبي.
2 - موازنة الدول والشركات.
3 - خسائر الحروب.
في الحالات الثلاث الأرقام، والأرقام وحدها هي التي تتحدث، وهي التي تؤشر وتدلل على حقيقة النتائج. لذلك علينا أن نتوقف طويلاً أمام الحقائق التالية:
1 - إن أسطورة القدرة العسكرية التدميرية للسلاح الإيراني قد ظهرت في حدها الأقصى في هجوم يوم السبت الماضي. هذه الأسطورة التي قيل على لسان قادة الجيش الإيراني وقادة الحرس الثوري إنها «قادرة على تدمير إسرائيل من البحر إلى النهر في سبع دقائق دون قدرة الدولة العبرية على الرد». وللأسف عاش الرأي العام المناصر لإيران على هذا الوهم، حتى إن سكان الضاحية الجنوبية في بيروت قاموا بتوزيع الحلوى والعصائر فرحة وابتهاجاً ببدء حرب التحرير الإيرانية.
2 - حقيقة الأمر هذه هي أن قوة إيران في أقصى القدرة التدميرية من صواريخ كروز وصواريخ باليستية وطائرات مسيرة ذات أبعد المديات.
3 - هنا يجب أن نتوقف حول عدة حقائق للتوازن العسكري بين البلدين:
أولاً: الإنفاق العسكري الإيراني في أقصى حالاته عشرة مليارات دولار، مقابل 24.5 مليار دولار لإسرائيل.
ثانياً: مصادر تسليح إيران من الخارج هي روسيا والصين وكوريا الشمالية، بينما مصادر تسليح إسرائيل من أحدث ترسانات الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا.
ثالثاً: تكنولوجيا الحرب الحديثة المتوفرة لإيران تعتمد أساساً على المتوفر لديها من أبحاث علمائها، بينما تمتلك إسرائيل برامج تعاون مع أكبر مراكز البحث التكنولوجي التي تعطيها الأفضلية والأولوية فيما هو حديث.
رابعاً: تمتلك إسرائيل ما لا يقل عن مئة رأس نووي منذ أن بدأت أبحاث الطاقة النووية منذ عام 1957، بينما ما زالت إيران تشتغل على أبحاث التخصيب للماء الثقيل.
خامساً: في مجال القوة الجوية تمتلك إسرائيل 612 طائرات حربية منها 241 مقاتلة و39 هجومية، كما تمتلك 146 مروحية من بينها 48 من النوع البحري. ولدى إسرائيل أهم طائرة مقاتلة قاذفة في العالم وهي طائرة (إف 35)، بالمقابل لدى الجيش الإيراني 551 طائرة حربية بينها 186 مقاتلة و23 هجومية.
سادساً: تحظى إسرائيل بوجود قواعد عسكرية داعمة لها في المنطقة. وتحظى أيضاً بالخدمات البحرية لأساطيل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا في البحرين الأحمر والمتوسط. بالمقابل تحظى إيران بخدمات ودعم من وكلائها في اليمن، ولبنان، وسوريا، والعراق.
سابعاً: هناك شبكة قوية للغاية في التجسس والاختراق لدى إسرائيل المعروفة بتفوقها التكنولوجي في هذا المجال توفر المعلومات اللحظية، وقادرة على الاختراق والتنصت، والرقابة، والرصد، والمتابعة. ولدى إسرائيل بروتوكولات تعاون مع كبريات أجهزة التجسس للاستخبارات العالمية التي تستخدم شبكة رصد من الأقمار الصناعية فائقة الدقة.
لذلك كله كان الرد الإيراني يفتقر لعنصر المفاجأة، ويعاني من البعد الجغرافي لمسرح العمليات، ويعاني من محدودية قدرة السلاح على الوصول أو الاختراق أو القدرة على التدمير.
يكفي أن تعرف أن نصف صواريخ إيران أو مسيّراتها ضربت في الطريق من بطاريات التحالف الغربي في المنطقة، أما النصف الآخر فقد تكفلت به بطاريات القبة الحديدية.
باختصار هذه لحظة كاشفة لحقيقة قوة إيران وقوة إسرائيل.