سؤال نطرحه بكل صراحة و«بدون زعل» من قبل القيادات الفلسطينية في غزة ورام الله.
السؤال هو.. هل لديكم تصوّر واضح وعملي للانخراط في مفاوضات مع جنون اليمين الإسرائيلي؟
في رام الله هناك طريق مسدود من الفاجعة التفاوضية، بمعنى مشروع الدولتين أو الجحيم.
في غزة، العمل المقاوم يستمر لتحرير القطاع أو الجحيم.
وفي تل أبيب هناك مجنون يميني خارج عن السيطرة، مستعد لدخول حرب عالمية ثالثة مدمّرة مقابل أن يبقى ساعة واحدة إضافية في مقعد الحكم.
إنها معادلة معقّدة تؤدي إلى نتيجة مؤلمة محبطة للغاية، مفادها أن هذه اللعبة ستصل بلاعبيها إلى طريق مسدود.. مسدود.. مسدود.
لا بد إما أن نغيّر في قواعد اللعبة، وإما في نوعية وسياسات اللاعبين.
بقاء المعادلة كما هي في غزة ورام الله وتل أبيب، لا يبشّر بأي سلام ممكن، ولا استقرار في المنطقة.
من أسهل الأمور إلقاء اللّوم على طرف واحد بعينه، وتحميله المسؤولية الكاملة للصراع والتوتّر والدمار.
علم التفاوض - عالمياً وتاريخياً – يقول إن أي تفاوض يحتاج إلى قبول كل طرف بقدرٍ ما من التنازل من أجل الهدف الأكبر والأسمى، وهو الوصول لتسوية دائمة ومقبولة.
أما عبارة «نحن لا نفاوض، لأننا لا نجد شريكاً قابلاً للتفاوض» التي يستخدمها كل طرف، فهي عبارة مستهلكة عفا عليها الزمن.
الجميع فاوض على مرّ التاريخ: نابليون، وبسمارك، ومترنيخ، ومحمد علي باشا، ودزرائيلي، وتشرشل، وديغول، وجمال عبدالناصر، وجون كنيدي، وخروتشوف، وريغان، وغورباتشوف، وهيلموت كول، وأنور السادات، وياسر عرفات، وبيل كلينتون.
الفارق الكبير في كل هؤلاء، أن كل طرف فاوض، أدرك 4 حقائق:
1 - عناصر القوة والضعف الذي لديه.
2 - عناصر القوة والضعف لدى الطرف الآخر.
3 - طبيعة قواعد توازنات العالم السياسية وقتها.
4 - حسن استخدام الأوراق المتاحة لديه.
ذات يوم، قَرُب أو بَعُد، سوف تأتي لحظة تاريخية لعمل تسوية ما، يجب أن نكون على استعداد كامل لها حتى نخرج بنتائج عادلة ومشرّفة ولصالح شعوبنا الصبورة.