دعا نواب في الكونغرس الأمريكي، العودة عن قرار رفع اسم «الحوثيين» كمنظمة إرهابية، واتخاذ قرار جديد باعتبارهم بالفعل حركة إرهابية.
وجاء في المشروع المقدم للتداول والتصويت عليه، أن الحوثيين بنشاطهم الأمني والعسكري، أصبحوا يهددون أمن البحر الأحمر، وأمن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وكانت واشنطن قد أعلنت على لسان وزير خارجيتها في 11 فبراير 2021، شطب الحوثيين رسمياً من قائمة الـ 16 جهة ومنظمة إرهابية على «أمل أن يدعم هذا القرار الجهود الإنسانية في اليمن»، على وصف بلينكين.
الغريب أن الرجل قال في ذات البيان، أن بلاده ما زالت ترى الأعمال الخبيثة للحوثيين!!
ويذكر أن «الحوثيين» قد أطلقوا 4 دفعات من الصواريخ والطائرات المسيرة من قواعد من منطلق سيطرتهم في اليمن، على سواحل إسرائيلية، تقع قبالة سواحل إيلات.
وفي الدفعة الأولى، قامت أجهزة الدفاع الجوي المضادة القابعة لسلاح البحرية الأمريكية الموجود في البحر الأحمر، بالتصدي لها وإسقاطها، أما بقية الدفاعات فقد تصدت لها أجهزة الدفاع البحري الإسرائيلية.
وجاء في البيانات الرسمية الصادرة من صنعاء، أن هذه العمليات تتم دعماً للشعب الفلسطيني في غزة، ورداً على الأعمال العدوانية التي تمارس ضد المدنيين، على حد وصفهم.
يا الله!
وكأن الأمريكيين الآن فقط، قد اكتشفوا أن حركة الحوثي هي إرهابية، وتقوم بنشاط تخريبي في المنطقة، وأنها ذراع للمشروعات الشريرة للحرس الثوري في طهران.
هذه المرة ثبتت الرؤية عند واشنطن بأن حركة الحوثي إرهابية، ليس لأسباب موضوعية، ولكن لأنها هذه المرة لا تمارس الاعتداء على أهداف في السعودية أو الإمارات، ولكن لأنها توجه أعمالها العسكرية تجاه إسرائيل.
منذ خمس سنوات، ونحن نصرخ ليل نهار، بأن حركة الحوثي حركة مستلبة الإرادة السياسية، وتمارس العدوان ضد شعبها أولاً، وضد جيرانها ثانياً، بأوامر من المشغل الرئيس لها، وهو الحرس الثوري الإيراني.
لم تسمع إدارة بايدن ذلك الصراخ وهذه الأصوات، وقررت رفع اسم حركة الحوثي من قائمة الإرهاب.
حينما سألنا لماذا فعلتم ذلك؟
جاء رد إدارة بايدن، لأننا نريد أن نلعب دور الوسيط السياسي والدبلوماسي لتحقيق السلام في اليمن، وذلك لا يمكن أن يتم دون أن نكون على علاقة حوار مع الحوثي.
هل أوقف ذلك مشاريع الحوثي؟
الإجابة لا. ولكن الذي أدى بالدرجة الأولى لقبول الهدنة وتبادل الأسرى، هو العلاقات التي تحسنت بين طهران ودول الخليج، والتي توجت باتفاق بكين بين إيران والسعودية.
إدارة بايدن من أكثر الإدارات التي تعاملت حتى الآن بارتباك مع ملفات الشرق الأوسط.
لو تأملنا سياسات إدارة بايدن من مرحلة الحملة الرئاسية الأولى، سوف نكتشف الآتي.
بدأ بايدن في حملته الرئاسية الأولى بكلام ووعود شعبوية مؤيدة لإسرائيل، مبتعدة عن مصالح الحلفاء العرب في المنطقة.
وبدا للوهلة الأولى أن واشنطن قد قررت الانسحاب من مسؤوليتها في المنطقة، لذلك نجد الانسحاب المرتبك من أفغانستان، وسحب الصواريخ من المنطقة، وإعادة النظر في صفقات السلاح لدول المنطقة.
وأخطر ما جاء في الفكر الاستراتيجي لهذه الإدارة، أنها قررت إعطاء المركز الأول في الاهتمام الاستراتيجي لمنطقة المحيط الباسيفيكي وشرق بحر الصين، بدلاً من الشرق الأوسط.
وحانت الأحداث تتوالى، لتثبت لفريق بايدن الخطأ في هذا المنظور.
وها هي حرب غزة تحتل الصدارة الاستراتيجية، بدلاً من الحرب الروسية – الأوكرانية.
حسابات فريق بايدن (جيك سوليفان – أنتوني بلنيكن – ويليام بيرنز – ويندي شيرمان)، تثبت كل يوم افتقارها إلى الرؤية العميقة، التي يمكن أن تخدم مصالح واشنطن، وتساعد حلفاءها التاريخيين في المنطقة.