عماد الدين أديب
مما لا شك فيه، فإننا نعيش فى أكثر أزمنة العصر الحديث سيولة وتغييراً بشكل يدفع الساسة والمفكرين إلى اللهث بقوة من أجل اللحاق بقواعد اللعبة التى تتبدل كل ساعة فى ظل ثورة هائلة فى الاتصالات والمعلومات.
ولم يكن العالم مترابطاً وشديد التأثر ببعضه بعضاً مثلما هو حادث الآن.
ما يحدث فى اليونان اقتصادياً تدفع ثمنه ألمانيا مالياً!
وما يحدث فى سوريا أمنياً يعطل انتخاب رئيس للجمهورية فى لبنان أكثر من 16 شهراً متصلاً!
وما يحدث من هجرات جماعية فى زوارق بالبحر المتوسط يقوى مكانة الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوروبا!
وما تتخذه رئيسة الاتحاد الفيدرالى، أى البنك الأمريكى، حول خفض أو بقاء سعر الفائدة على الدولار يغرم البورصات العالمية 56 مليار دولار فى ساعات، ويهوى بقيمة الذهب بشكل تاريخى! وانخفاض الطلب على الاستهلاك الداخلى فى الصين يؤدى إلى انخفاض سعر البترول حتى نهاية العام 2017!
وأزمة رئيس وزراء المجر مع شركائه فى الائتلاف الحاكم تؤدى إلى منع مرور المهاجرين من اليونان عبر المجر!
والإفراج عن 120 مليار دولار من حقوق إيران فى البنوك العالمية عقب الاتفاق النووى معها سيؤدى إلى تحسن الميزان التجارى فى كل من تركيا وروسيا والنمسا وفرنسا وبريطانيا! واستمرار الحرب فى اليمن يؤثر سلباً على بورصات كل دول الخليج العربى بسبب شعور المستثمرين بارتفاع سقف التوتر العسكرى فى المنطقة مما يجعل الرغبة النفسية لدى المستثمرين فى دخول هذه الأسواق ضعيفة للغاية.
كل شىء يؤثر على الآخر، وكل منطقة تلقى بظلالها على المنطقة الأخرى.
العالم أصبح قرية إلكترونية واحدة، وجهاز «هاتف محمول» موحداً، وبورصة للشركات والأوراق والمعادن والمشتقات متداخلة التأثيرات بشكل مخيف!
أسوأ شىء يمكن لإنسان أو لحكومة أو لحاكم أن يتم التعامل مع قضاياه المحلية بمعزل عما يحدث فى العالم تحت دعوى أن هذه ملفات داخلية.
العالم كله أصبح مفتوحاً على بعضه بعضاً ولا تستطيع أن تقول لغيرك: «دعنى وشأنى، هذه أمورى الخاصة بى وحدى»!
قانون اللعبة الآن: أنت على الهواء أمام العالم 24 ساعة يومياً!