حماس والحقبة القطرية

حماس و"الحقبة القطرية"

حماس و"الحقبة القطرية"

 العرب اليوم -

حماس والحقبة القطرية

عريب الرنتاوي

يبدو أن "كبير العلماء" قد تحوّل من "ذخر" لحركة حماس إلى عبء عليها..فالمعلومات والتسريبات المتواترة، تتحدث عن شرخ كبير داخل الحركة، أحدثته تصريحات الشيخ القرضاوي، التي بايع فيها آل الشيخ على السمع والطاعة، وقدّم بين يديه آيات "النقد الذاتي" والاعتذار"، ما دفع الأخير للترحيب بـ"عودة الابن الضال" إلى رحاب السلفية الوهابية. القرضاوي، ومن مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة (ويقال بحضور خالد مشعل ورهط من قادة الحركة)، شنّ هجوماً ضارياً على حزب الله (حزب الشيطان) وعلى إيران التي قال فيها ما لم يقله مالك في الخمر..بل وذهب أبعد من ذلك، حين دعا أهل السنّة للجهاد ضد العلويين (النصيريين) والشيعة (الروافض) في سوريا.. بلد الجهاد ومقصده ووجهته..هنا، حيث يصبح الجهاد فريضة عين على كل مسلم ومسلمة..أما فلسطين، فهي أرض وقف، باركها الله وتكفل بها، وبإمكانها أن تنتظر مائة عام أخرى للخلاص من رجس الاحتلال. مثل هذا الخطاب "الفِتنَوي" بامتياز، يجد صدى طيباً عن "بعض حماس" و"كثير من الإخوان" الذين وإن ترفعوا قليلاً عن استخدام اللغة المذهبية التحريضية البائسة التي استخدمها شيخهم، إلا أنها تقع برداً وسلاماً على عقولهم المذهبية..ولقد رأينا على الهواء مباشرة (الجزيرة مباشر) احتفالاً في غزة، بالإسراء والمعراج، وتحت رعاية وزير أوقاف حماس، وبتنظيم من "جميعة ابن باز الخيرية"، رأينا "حفلة ردح" يندى لها الجبين، ضد "النصريين الملاعين" و"الروافض الأشرار" الذين هم أشد كفراً من اليهود النصارى. قلنا أن بعض حماس، تستهويه مثل هذه المواقف..لكن بعضها الآخر، ما زال مؤمناً بحكاية "المقاومة" وثقافتها ونهجهها إلى غير ما هنالك من عبارات صمّ ضجيجها آذاننا طوال عشرين عاماً أو يزيد..هؤلاء، هالهم انتقال الحركة من خندق إلى خندق (فندق)، كما تروي التسريبات عن مسؤولين كبار في حماس ذاتها، من بينهم عماد العلمي ومحمود الزهار ومروان عيسى وغيرهم..هؤلاء هالهم أن يكتشفوا أن حلفاء الأمس، الذين احتضنوا حماس، ليسو سوى "نصيريين" و"روافض" ملاعيين وأشرار؟!. وزاد الطين بلة، ما يتردد باستمرار عن انخراط عناصر من حماس في القتال إلى جانب "إخوان سوريا" و"النصرة" ضد نظام الأسد، وبرغم النفي المتكرر للحركة لهذا التورط، إلا أن تواتر الأنباء والمعلومات الدالّة عليه، وآخرها من "مدينة القصير"، يوصل الحركة إلى نقطة اللاعودة في علاقاتها مع محور طهران – دمشق – الضاحية، حتى أن التسريبات تؤكد أن مسؤول أمن حزب الله، الحاج وفيق صفا، أبلغ حماس بضرورة مغادرة "مربعة الأمني" في بيروت، بعد أن بات الحزب ينظر لها بوصفها امتداداً للحلف القطري – التركي – الإسرائيلي – الأمريكي في نهاية المطاف، وأن "صنابير" المال الحلال قد أغلقت في طهران. ليس الشيخ (كبير الشيوخ) وحده،  من بات عبئاً على الحركة..قطر، والإقامة المريحة فيها باتت عبئاً على الحركة، وسيفاً مسلطاً على وحدتها الداخلية، دع عنك "نهج المقاومة"، الذي لا يمكن لعاقل أن يصدق بأنه يمكن أن يُدار من الدوحة، اللهم إلا إذا أُريد لنا أن نقتنع بأن الدوحة باتت "هانوي"، وأن هو شي منّه يظهر متنكراً في عباءة الشيخ، وأن الجنرال جياب يدير مركزاً لأبحاث السياسات النفطية. وأحسب أن النقاش في أثر "الحقبة القطرية" على حماس، لا يجب أن ينحصر في المسألة السورية، ومن هي الجهة التي يتعين على حماس أن تنجاز إليها في الصراع الدائر في سوريا وعليها، وما إذا كان يتعين عليها أن تنحاز أصلاً أم لا؟.."الحقبة القطرية" في تاريخ حماس، يجب أن تدرس من منظور فلسطيني مجرد، وما إذا كان الحلف القطري – الحمساوي، سيساعد حماس في مواصلة أو استئناف خياراتها المُقاوِمة، أم أنه سيكون عبئاً ثقيلاً، وقيداً قاسياً على حماس والمقاومة على حد سواء. لن نتحدث عن الدولة الخليجية التي استعادت علاقاتها مع إسرائيل مؤخراً بغرض تنسيق المواقف بخصوص سوريا..لكننا نلفت إلى مبادرة "التوسل والتسول" التي أطلقها رئيس حكومة من "بلير هاوس" عارضاَ تبادل الأراضي مع إسرائيل، بالضد من قرارات الجامعة العربية ومن الرغبة الفلسطينية، فضلاً عن نظرية "من لا يملك ومن لا يستحق"..كل ذلك في الوقت الذي تضمن فيه الدوحة، صمت حماس القابعة تحت إبطها، وفي أسوأ الأحوال، ضبط ردات فعلها على هذا "التنازل الطوعي والمجاني". هو أول القَطْر، ينهمر من قَطَر، ومسلسل التنازلات العربية لن يتوقف عند هذا الحد، وثمة محاولة أمريكية جديدة، لتكليف قطر بقيادة تحرك عربي للاعتراف بـ"يهودية الدولة"، فتوفر بذلك لنتنياهو البضاعة التي لم يحصل عليها من الفلسطينيين بعد، وتجعل مهمة أي متخاذل فلسطيني لاحقاً، أكثر يسر وسهولة. حتى الأمس القريب، كنت أظن، أن أكثر النكات "سماجةً" تلك التي تتحدث عن رعاية قطر للمشروع الديمقراطي – التحرري العربي، إلى أن استمعت لنكتة أكثر سماجة ووقاحة، تلك التي تتحدث عن رعاية الدوحة لمشروع المقاومة ونهجها..فهل سيستمر موسم النكات السوداء هذا، أم أن الإخوة في حماس، سيتدراكون ما يمكن تداركه، وقبل فوات الأوان..قبل خراب البصرة وغزة ورام الله.تنهض كحاجز وسد، يحول دون إغلاق "دوائر النفوذ" التركي في العالم العربي، فدخلت إلى رمال المستنقع السوري، بأرجلها وأيديها، واتخذت من المواقف، كل ما ناقض أطروحات العدالة والتنمية التأسيسية في حقلي السياسة الداخلية والخارجية. لقد تحولت "الفرصة" إلى "تحدٍ"..وشرع الحزب مستفيداً من نجاحاته الداخلية في تحجيم خصومه الداخليين، في "امتطاء صهوة" الانقسام المذهبي في المنطقة، ليظهر بمظهر حامي أهل السنة في العراق وسوريا ولبنان، مقامراً باستعداء شرائح وفئات ودول في المنطقة، مطيحاً بسياسة "صفر مشاكل"..ومن دون أن يحسب ألف حساب، لأثر هذا السياسة، ذات المنسوب المذهبي المرتفع، على الداخل التركي، فجازف باستعداء العلويين، الذين سيصبحون منذ الآن، مشكلة تركيا الداخلية الرئيسة الثانية، بعد المشكلة الكردية. ظن أن النظام في دمشق "يعد أيامه الأخيرة"، ولمّا ملّ أردوغان وأوغلو من "العد"، كثّفا مساعيهما لتسريع إسقاطه، وباتت "الغاية تبرر الوسيلة"، أيقظا الروح الأطلسية لتركيا، بخلاف الحال في 2003، وفتحا الحدود لكل أجهزة الاستخبارات العالمية ولكل صنوف الجهاديين والتكفيريين والإرهابيين، فضلا عن المعارضات السورية بأشكالها ومرجعياتها المختلفة..ومرة أخرى، من دون أن يدرك هؤلاء حجم الارتدادات التي ستحدثها هذه السياسة على الداخل التركي، والأهم، سرعة حدوث ذلك التي فاقت كل تصور. لا جديد عند الحديث عن "أزمة المعارضة التركية"، فهي معارضة مأزومة، ولولا ذلك لما أمكن لحزب أن يسجل كل هذا الانتصارات المتراكمة..لكن أحداث "تقسيم" وتداعياتها، تعكس فقط أزمة نظام العدالة والتنمية، أزمة خروج الحزب عن منهاجه وثوابته، والتي هي مشتقة من ثوابت تركيا الكمالية – الديمقراطية، السائرة على طريق عضوية الاتحاد الأوروبي..لقد سجل الحزب إخفاقاً مركباً في إدارة ملف "الربيع العربي"، فهو لم ينجح في تعميم نموذجه العلماني – الديمقراطي – التعددي على دول ومجتمعات الربيع العربي وحركاتها الإسلامية فحسب، بل واقترب كثيراً من خطابها وممارستها الأصولية – المذهبية، ودائماً تحت ضغط أحلام الزعامة الشخصية وهاجس "الحزب القائد/ الدولة القائدة" لمنطقة لن تعرف الوحدة والانسجام، لمائة عام قادمة. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس والحقبة القطرية حماس والحقبة القطرية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab