أبعد من «شرق الفرات»

أبعد من «شرق الفرات»

أبعد من «شرق الفرات»

 العرب اليوم -

أبعد من «شرق الفرات»

بقلم : عريب الرنتاوي

تسعى مؤسسات «الدولة العميقة» في الولايات المتحدة، في «تنظيف الفوضى» التي خلّفها قرار الرئيس دونالد ترامب بقرار المفاجئ والمخالف لآراء وتوصيات أقرب المقربين منه، بالانسحاب من شمال شرق سوريا، وترك أكرادها، حلفاء واشنطن و»أدواتها» وفقاً لبعض التوصيفات، نهباً للشهية التركية المفتوحة على تدمير أية «كيانية» خاصة بالأكراد، في تركيا أو دول الجوار.

البنتاغون، كونه الجهة ذات الصلة، يتحدث عن «إعادة انتشار» للقوات الأمريكية، وليس انسحابها كما قال الرئيس ترامب، ومن موقعين اثنين فقط، قبالة تل أبيض وراس العين، وليس من خمسين موقعاً يتوزع عليها أكثر من ألفي جندي أمريكي ... البنتاغون طالب تركيا بعد الدخول في مغامرة الاجتياح الواسع للأراضي السورية، في تراجع خطوة للوراء عن مقولة: لا ندعم الحملة التركية ولن نشارك فيها.

مناخات الغضب في أوساط الإدارة والمؤسسات الأمنية والعسكرية والكونغرس حتى عند أقطاب الحزب الجمهوري، دفعت الرئيس ترامب لإطلاق تغريدته الشهيرة: سأدمر الاقتصاد التركي إن تجاوزت أنقرة حدوداً معينة (لا أحد يعرفها، وأظن أن الرئيس نفسه لا يعرفها)، والأدهى أنه يعزز موقفه هذا بالقول: أنه فعل ذلك من قبل، ولن يتردد عن فعله من بعد ... لا أحد يتذكر مرحلة في السنوات الثلاث الأخيرة، أقدم فيها ترامب على «تدمير» الاقتصاد التركي، اللهم إلا إذا اعتبر أن فرض رسوم على واردات بلاده من الألمنيوم التركي تدميراً لاقتصادها وعملتها الوطنية؟!

صقور الإدارة وحمائمها، جنباً إلى جنب مع قادة الحزبين الرئيسين، ولأسباب ودوافع مختلفة، أجمعوا على رفض القرار المفاجئ والمتسرع لرئيس اشتهر بمفاجآته، ولا يتردد عن البرهنة في كل يوم و»تغريدة» على «عدم أهليته» لقيادة الدولة الأعظم ... الإجماع انعقد على أن قراراً كهذا، سيصب القمح صافياً في طاحونة روسيا وإيران وتركيا (ثلاثي أستانا) فضلاً عن دمشق وحلفائها من دول ومنظمات «لا دولاتية».

المجتمع الدولي على اختلاف مواقفه وبصرف النظر عن صراعاته وخلافاته، بدا مصدوماً بالقرار ورافضاً له ... بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الاتحاد الأوروبي... ثمة إجماع على رفض القرار والتحذير من عواقب هذه الخطوة ... حتى روسيا وإيران (وبالإمكان الافتراض أن الصين كذلك)، وبرغم الدعوات المتكررة والمستمرة لانسحاب واشنطن، إلا أن القلق من «ضوء واشنطن الأخضر» لأنقرة باجتياح شمال سوري، جعلها أكثر هدوءًا وحذراً في التعبير عن ترحيبها بالانعطافة التي استحدثها الرئيس ترامب بقراره المذكور.

مصادر الخشية والتحسب الدوليين، ليست كامنة في «التعاطف» مع أكراد سوريا أو الانتصار لقضيتهم الوطنية، يخطئ الأكراد إن هم قارفوا هذا الخطأ مرة أخرى ... مصادر الخشية تكمن في مطرح آخر، في انسحاب واشنطن من الشرق الأوسط برمته، وترك حلفائها «يقلعون أشواكهم بأيديهم»، إن في مواجهة إيران وحلفائها، أو من خلال التساوق مع النفوذ الروسي الزاحف بهدوء إلى المنطقة ... حتى إسرائيل، الحليفة المدللة لإدارة ترامب، بدت قلقة من قراره لسببين: الأول؛ لأنها لم تُستشر ولم تبلغ به من قبل، والثاني؛ لإن القرار يهدم ركناً في استراتيجيتها بناء تحالف مع عرب الاعتدال في مواجهة إيران وبقيادة أمريكية ...

تداعيات قرار ترامب، وبصرف النظر عن المدى الذي ستبلغه «الترجمة الفعلية» لهذا القرار، تتعدى شرق الفرات إلى شرق المتوسط والخليج وإيران وموسكو ... وربما هذا ما يفسر حالة «الهدوء» التي تسيطر على دمشق وطهران وموسكو، فهذه الأطراف، تعرف تمام المعرفة، أنها ستكون في صدارة قائمة «الرابحين» من هذا القرار، فيما حلفاء واشنطن وأصدقاؤها، هم وحدهم من يتقلبون على جمر تقلبات سياستها الخارجية، ويدفعون أبهظ الأثمان لـ»حكمة» رئيسها التي لا تُضاهى، كما قال هو نفسه في وصف حاله وتمجيد قراراته.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من «شرق الفرات» أبعد من «شرق الفرات»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab