سر «الحيرة» الإسرائيلية مع غزة وحيالها

سر «الحيرة» الإسرائيلية مع غزة وحيالها

سر «الحيرة» الإسرائيلية مع غزة وحيالها

 العرب اليوم -

سر «الحيرة» الإسرائيلية مع غزة وحيالها

بقلم - عريب الرنتاوي

لطالما تمنى «الآباء المؤسسون» لدولة الاحتلال والعنصرية، أن يستيقظوا ذات صباح، فيجدون غزة وقد ابتلعها البحر، بما فيها ومن فيها ... ليس «زهداً» بالضم والتوسع، ولا انتقاصاً من مكانة القطاع في «الأساطير المؤسسة» للرواية الصهيونية، بل لأسباب أخرى سياسية وأمنية وديموغرافية، أكثر تعقيداً، وأبعد مدى.
عشرات الاجتماعات التي عقدها مجلس الوزراء الإسرائيلي على امتداد السنوات الماضية، موسعاً ومصغراً، والنتيجة «مزيداً من الشيء ذاته»: إغلاقات وحصارات وعدوانات مستمرة، يتخللها بين الحين والآخر، حربٌ أكثر شمولاً، وشلالات من دماء الفلسطينيين، وجبال إضافية من ركام المنازل وأنقاض البيوت ... حتى أن البعض، ومن ضمنهم فلسطينيين وإسرائيليين، باتوا يعتقدون بأن إسرائيل «حائرة» في القطاع وحياله، وأنها لا تتوفر على استراتيجية واضحة للتعامل معه، مع أن آخرين، ومن ضمنهم كاتب هذه السطور، يعتبرون أن ما يجري بالفعل في القطاع وعلى حدوده، هو «الاستراتيجية» بذاتها... بها، وربما بها وحدها، يمكن حفظ أعمق وأبعد المصالح الاستراتيجية لـ «دولة اليهود فقط».
تستطيع إسرائيل أن تحتل قطاع غزة، وفي ظني أنها مستعدة وقادرة على دفع «فاتورة» هذا الاحتلال، وهي بوجود «مقاومات» فلسطينية عديدة، ستكون عالية الكلفة بلا شك ... لكن العقل الأمني والاستراتيجي في إسرائيل، ينظر للمسألة من زاوية أخرى، تتخطى حسابات الخسائر وكلف الحرب، إلى قراءة المكاسب والخسائر لأي سيناريو من السيناريوهات الأخرى، وفي هذا السياق، يبدو أن سيناريو «إدارة الأزمة» القائم حالياً، مناسب لإسرائيل وخادم لمصالحها وأولوياتها، أكثر من أي بديل آخر، أقله في المدى المرئي والمنظور.
السؤال الذي يقلق إسرائيل فعلاً هو: ماذا ستفعل صبيحة اليوم التالي لإعادة احتلال القطاع؟ ... هنا، لا يدور الحديث عن كلف بشرية ومادية، ناجمة عن الاحتلال المباشر للقطاع، على أهميتها، بل ماذا سنفعل بأزيد من مليوني فلسطيني يقيمون على 365 كيلومتر مربع فقط؟
سؤال «الأمن» هنا، يبدو مرتبطاً بسيناريو «الديموغرافيا»، وكلا السؤالين، يقعان في القلب من فرضيات «نظرية الأمن الإسرائيلية» و»مفهوم «يهودية الدولة» على حد سواء ...لذلك، وأياً كانت الإغراءات التكتيكية قصيرة الأمد، لسيناريو إعادة احتلال القطاع، فإن كلفه على المديين المتوسط والبعيد، تبدو أعلى بما لا يقاس ولا يقارن.
يقودنا ذلك، إلى سؤال/سيناريو ثانٍ: لماذا لا تساعد إسرائيل على إنهاء الانقسام الفلسطيني، ومساعدة السلطة على العودة للقطاع، وبيدها أوراق كثيرة يمكن استخدامها لتحقيق هذا الغرض؟ ... والحقيقة أن الصيغة الأدق لطرح هذا السؤال هي: لماذا تعمل إسرائيل على تعميق الانقسام، وربما تحويله إلى انفصال دائم، وساذج من يعتقد أن ليس لإسرائيل دوراً في هذا الأمر؟ .... طالما أن السلطة الفلسطينية، هي واحدة من ضمانات أمن إسرائيل واستقرارها، والتزام الأولى «التنسيق الأمني المقدس»، خضع لاختبارات عديدة، وأظهر صلابته وديمومته؟
مرة أخرى يعيدنا الجواب على هذا السؤال، إلى حسابات «المؤقت والآني» في النظرية الأمنية الإسرائيلية، و»المتوسط والبعيد المدى» في مفهوم «يهودية الدولة» ... بمعنى أن عودة السلطة إلى غزة، وإنهاء الانقسام، قد يوفر لإسرائيل وضعاً أمنياً مريحاً على المدى التكتيكي والمباشر، بيد أنها ستفعّل «ديناميكيات حل الدولتين» وتعطي زخماً أكبر وشرعية أقوى للمطلب الفلسطيني بإقامة دولة قابلة للحياة، مترابطة جغرافياً، وعلى شطري الوطن المحتل والمحاصر، ويسقط الدعاية الإسرائيلية السوداء عن «غياب الشريك الفلسطيني» وأن «الفلسطينيين لا يستطيعون حكم أنفسهم بأنفسهم»، وأنهم موزعون على سلطتين، واحدة عاجزة وفاسدة، وثانية «إرهابية» ... مثل هذه الديناميكيات قد تجبر إسرائيل على دفع ثمن لا تريد دفعه، من «كيس احتلالها للضفة الغربية»، عاجلاً أم آجلاً»، وهذا أمر يتناقض مع شهية إسرائيل التوسعية المفتوحة دوماً، وبأقل تكاليف ممكنة.
عندما قرر شارون الانسحاب على نحو «أحادي الجانب»، وأشدد على أحادي الجانب، وحتى من دون التنسيق «اللاحق» مع السلطة الفلسطينية، كان يرمي إلى ضرب جملة من العصافير بحجر واحد: (1) الخلاص من العبء الأمني في شوارع غزة وأزقتها ... (2) الخلاص من فائض الديموغرافيا الفلسطينية بأقل قدر من الجغرافيا الفلسطينية ... (3) إطلاق العنان لديناميكيات الانقسام الفلسطيني الداخلي ... ولو قُدّر لـ «البلدوزر» أن يخرج من قبره، لأبدى ارتياحه لنجاح خطته، بل ولربما فكر بإعادة انتاجها في مناطق معينة من الضفة الغربية، فإن كان شارون مستعداً للتخلي عن 300 كم من الأراضي المحتلة، كوسيلة للخلاصة من مليوني فلسطيني، فإنه سيكون أكثر استعداداً للتخلي عن 3000 كم من الأراضي المحتلة، للتخلص من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة والقدس.
بالطبع، لم يكن على الفلسطينيين تقديم «طلبات استرحام» لبقاء الاحتلال في قطاع غزة، لكن «العقل الفلسطيني» عجز عن إدراك مرامي الخطة، وذهب الفلسطينيون بأقدامهم إلى الانقسام الأخطر في تاريخهم، وتناسلت منذ ذلك الحين، النظريات «الفوق ثورية» التي وظفت لتفسير ما حصل صيف العام 2005، وتبرير ما سيحصل بعده، إن على المستوى الداخلي الفلسطيني، أو على صعيد الصراع مع إسرائيل.

 

arabstoday

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر «الحيرة» الإسرائيلية مع غزة وحيالها سر «الحيرة» الإسرائيلية مع غزة وحيالها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab