عن أبو قتادة وبريطانيا

عن "أبو قتادة" وبريطانيا

عن "أبو قتادة" وبريطانيا

 العرب اليوم -

عن أبو قتادة وبريطانيا

عريب الرنتاوي

   مضى على وجود عمر محمود عثمان المعروف باسم "أبو قتادة الفلسطيني" في بريطانيا عشرون عاماً..فقد كان وصلها بجواز سفر إماراتي مزوّر، طالباً اللجوء "الإنساني" فيها، حيث منح هذا الحق، وظل منذ ذاك التاريخ حتى العام 2005، حراً طليقاً فيها، برغم ملاحقته قضائياً بتهم إرهاب من قبل عدد كبير من دول العالم، منها الأردن، الجزائر، بلجيكا، فرنسا، أسبانيا إيطاليا والولايات المتحدة، حتى أن اسم الرجل أضيف لقائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية بموجب القرار رقم الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 1267 لعام 1999، كما تقول "ويكيبديا". بعد تفجيرات لندن الشهيرة في العام 2005، تم اعتقال الرجل، إلى أن قررت المحكمة ذاتها، بعد عامين، ترحيله للأردن، وطوال السنوات الست الفائتة، والرجل في صولات وجولات مع الحكومة البريطانية، تارة يعتقل وأخرى يخلى سبيله، لتعاود السلطات اعتقاله من جديد بتهمة الإخلال بشروط "الإفراج المشروط"..الملف ما زال مفتوحاً، وأخرى صفحاته ما صرّح به أبو قتادة من أنه على استعداد للعودة طواعية للأردن إن ضمن "عدم التعذيب" و"المحاكمة العادلة". عشرات التقارير التي نشرتها الصحف البريطانية، تحدثت عن الأكلاف الهائلة التي تتكبدها "ميزانية دافعي الضرائب" البريطانية، لحفظ أمن الرجل، وحفظ أمنها منه..مع أنها كانت ببساطة، قادرة على "إلقائه وراء الشمس" أو وضعه في أول طائرة متجهة إلى عمان (بناء على طلب الأخيرة)، و"يا دار ما دخلك شر"..لكن بريطانيا لم تفعل، لأنها دولة لديها قوانين ونظام قضائي ومعاهدات ومواثيق. والطريف بالأمر أن الحكومة البريطانية، كبّدت وفد منها عناء السفر المتكرر للأردن، لتوفير الضمانات لـ"أبو قتادة" في بلده، وتوقيع الاتفاقيات معه، خصوصاً في مجال "عدم التعذيب" و"المحاكمة العادلة"..وقد جرى تكليف مؤسسات مدنية حقوقية أردنية وتأهيلها للتأكد من احترام هذه الضمانات..كل ذلك "كُرمى لعيون أبو قتادة"، المتهم الأخطر بالإرهاب، والمحكومة بالإعدام والمؤبد في عدد من الدول، مفتى القاعدة وطالبان، ومنظر السلفية الجهادية الأبرز، أو أحد أكبر منظريها على أقل تقدير. كأي "ناشط مجتمع مدني" ممن دأب على احتقارهم وتكفيرهم، هرع أبو قتادة للاستعانة بـ"قانون حقوق الانسان البريطاني لعام 1998"، وللاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مدافعاً عن "حقه" في البقاء في على أراضي المملكة المتحدة، خشية تسليمة للمملكة الأردنية الهاشمية..ولقد نجح في مسعاه أيما نجاح ..وهو الرجل الذي يصدر عن "منظومة فكرية وثقافية" تحتقر "الغرب الصليبي" و"تكفّر منظومة حقوق الإنسان وإعلاناته وعهوده واتفاقياته"، ولا يقبل بأقل من إقامة شرع الله وحدوده، على الطريقة الطالبانية. لا أدري ما الذي يدور في ذهن الرجل الآن، وهو الذي يحتكم لقضاء كافر "وضعي، دنيوي"، بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمات (فعلياً وليس لغوياً) من معاني الوضاعة والدناءة، ليتقرر مصيره ومستقبله وحياته..هل فكّر للحظة واحدة، أن "المنظومة التي طالما كفّرها" هي ذاتها المنظومة التي أنقذت حياته، وتكلف أعداءه في الدين، الذين استباح دمائهم وأفتى بالجهاد ضد كفرهم وشركهم، ملايين الجنيهات الاسترالينية..هل فكّر للحظة واحدة، بوقفة مراجعة مع النفس؟..هل خطر بباله ولو للحظة واحدة، أنه على خطأ، وأن من الصواب، التراجع عن "العزة بالإثم"؟..هل تساءل عن "صلاحية" منظومته الفكرية والقيمية، وما إذا كانت تتيج لرجل في موقعه، أن يحظى بكل ما حظي به هو شخصياً من رعاية وحماية واهتمام، من قبل"دولة المنفى" التي جعلت من نفسها "محامياً" له، لدى دولته الأم؟. يذكرني "أبو قتادة" بقريب لي توفاه الله منذ سنين، زعم ذات يوم أنه يشفي المرضى بـ"الحجاب" و"الرقية الشرعية"، لكنه ما أن يبدأ بالسعال والتعطيس، حتى كان يذهب إلى أقرب صيدلية لشراء "الأنتي بيوتيك" و"فيتامين سي"..فإن كانت حجب قريبنا ورقاه، كفيلة بمعالجة الأمراض العضال عند الآخرين، فما باله لا يُخضع نفسه لها عند إصابته بأول وعكة صحية..وإن كانت "منظومة حقوق الإنسان" لا تليق بالمسلمين، ولا يليقون بها، فهي كفر مباح، تحل ما حرّم الله، ما بال صديقنا يهرع إليها لائذاً ومستجيراً بـ"عدالتها"؟..لماذا تليق هذه المنظومة بـ"أبو قتادة" ولا تليق بسائر المسلمين..لماذا هي جيدة وعادلة هناك، وهي كفر وشرك مباح هنا؟. لو كان "أبو قتادة" سجين دولة عربية، لما مكث حتى اليوم على قيد الحياة..ولما كان أصلاً قد دخلها "لاجئاً إنسانياً"..ولكان أخضع للتحقيق والتعذيب في أقبية السجون السرية والعلنية..ولكان ترحّل في جولة مكوكية على مختلف العواصم التي تطارده..ولو كان "أبو قتادة" أسير طالبان، أو أية حكومات من شاكلتها وطرازها، لما كان كلف دافعي الضرائب سوى "ضربة سيّاف" أو ثمن الطلقة في رأسه. والمؤسف حقاً، أن "أبو قتادة" يرى الخير كله والعدل كله، في أكثر النظم ظلامية، فيما هو شخصياً، مدين بحياته وحريته، لأكثر نظم "الصليبيين واليهود"، كفراً وشركاً وزندقة..أية فكر شقي هذا؟!. نقلا  عن مركز القدس للدراسات السياسية

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن أبو قتادة وبريطانيا عن أبو قتادة وبريطانيا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab