حماس في عين العاصفة

حماس في عين العاصفة

حماس في عين العاصفة

 العرب اليوم -

حماس في عين العاصفة

عريب الرنتاوي

بعد طهران ودمشق والضاحية الجنوبية، أصبحت القاهرة والدوحة وأنقرة، هي العواصم الثلاث التي تتشكل منها دائرة تحالفات حركة حماس وشبكة أمانها ... كل واحدة من هذه العواصم، ضربها زلزال سياسي، تختلف شدّته على مقياس حماس، بيد أن تداعياته وارتداداته، ستترك أثراً بالغاً على راهن الحركة ومستقبلها، سيما وأن الحركة، حرقت إلى حد كبير، سفنها مع حلفاء الأمس، ولم تبق على كثيرٍ من جسور الثقة والتواصل معها. الضربة الأكبر لحماس، تتجلى في سقوط حكم مرسي والإخوان في القاهرة، لا للبعد ( = الحبل السري) بين حماس والجماعة الأم في القاهرة فحسب، بل لأن مصر هي مفتاح غزة وحدودها البرية الوحيدة مع العالم العربي، وفوق هذا وذاك، فإن مشاعر غير طيبة، تجتاح "النظام المصري الجديد"، نظام ما بعد مرسي، حيال الحركة ... ولقد سمعنا من مصادر مصرية، معلومات تتحدث عن توترات و"اتهامات" للحركة بالانحياز العملي لإخوان مصر (وليس الانحياز الإيديولوجي أو السياسي فقط)، والزيارة الأخيرة لقيادة حماس للقاهرة، وخروجها على عجل من "انتركونتننتال ستي ستار" على وقع التظاهرات الغاضبة من الحركة، تشي بأن مستقبلاً صعباً ينتظر العلاقة بين الحركة والقاهرة. وتأتي الحملات الإعلامية ضد حماس، وطوفان المعلومات الصحيحة حيناً والكاذبة غالباً عن تورط الحركة في عمليات إخلال بالأمن المصري الداخلي، بدءاً من سيناء وصولاً للقاهرة ووادي النطرون، لتزيد الطين بلّة، وتدخل العلاقة بين مصر والحركة في مأزق مركب، ومن بوابة الأمن هذه المرة، وليس من بوابة الخلافات السياسية والإيديولوجية ... والخلاصة، أن موقع مصر في حسابات حماس ومن منظورها، قد استدار بزاوية 180 درجة خلال عام واحد... من حالة التحالف والاحتضان والرهان الاستراتيجي، إلى مصدر للقلق والتحسب، وربما الضغوط والمضايقات. الضربة (الخسارة) الثانية لحماس، إنما تأتيها من مأمنها وملاذ قيادتها في الدوحة ... وقد لا يمر وقت طويل، قبل أن تتضح طبيعة التغييرات التي سيدخلها الأمير الجديد للإمارة الخليجية على سياستها الخارجية، وسط مؤشرات أولية دالّة على أن الأمير الشاب، سيولي اهتماماً أكبر بشؤون بلاده الداخلية، وسينضبط بشكل أعلى بالسياسات الخليجية التي تحدد سقفها وإيقاعاتها، الرياض وليس الدوحة، وأنه سيجنح لمقاربات أكثر واقعية في السياسة الخارجية، محاولاً تفادي مغامرات عمّه ومجازفات أبيه من قبله ... وهذا سينعكس بقدر لا نستطيع التنبؤ بحجمه على علاقة قطر بحماس، التي أعطت الحركة في الخارج وفي غزة، زخماً إضافياً، عوّضها جزئياً، خسارة الدعم الإيران والمأوى الدمشقي والخبرات غير المحدودة لحزب الله. الضربة الثالثة لحماس، جاءتها من أنقرة، التي انكفأت كلاعب إقليمي بعد أن طاشت حساباتها في سوريا، وتأزمت علاقتها في العراق، وفقدت حليفاً في القاهرة، وتأزمت علاقاتها بإيران، وتثير ريبة موسكو ... هذه المرة، تنفجر كرة الغضب في وجه أردوغان والعدالة والتنمية في "تقسيم"، وتداهمه الاحتجاجات في ديار بكر قبل أن يفرغ من وضع المسألة الكردية على سكة الحل النهائي، وتقفز إلى سطح السياسة الداخلية التركية على نحو غير مسبوق ولا منتظر: المسألة العلوية ... وتتراجع صورة السلطان أردوغان، وتذوي آماله بالانتقال إلى رئاسة الجمهورية بصلاحيات كاملة، بعد أن شارف على إتمام ولاية ثالثة وأخيرة في منصبه كرئيس للوزراء ... تركيا المشغولة بمشاكلها الداخلية، باتت كالمنبّت، فلا هي قطفت ثمار ربيع عربي ما زال يبحث لنفسه عن وجهة ومآل، ولا هي سرّعت خطوات انضمامها للاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن تكون حماس في صدارة المتضررين من انكفاء دور أنقرة شرقاً وجنوباً، والمؤكد أنها ستتأثر سلباً للغاية، إن ظل الخط البياني لأردوغان والعدالة في هبوط كما تشير لذلك دلائل عديدة. وضع حماس عربياً وإقليميا، لا تُحسد عليه أبداً ... فما أن كادت تستكمل مسار تموضعها في المحور التركي – المصري – القطري، حتى عصفت بهذا المحور رياح التغييرات والاضطرابات والتراجعات والإنكفاءات، متعددة المستويات والأشكال ... وهيهات أن تقدر الحركة على استعادة زخم ومناخات علاقاتها القديمة بمحور طهران – دمشق – الضاحية، حتى وإن وجدت بعض الأبواب المفتوحة لزيارات وموفدين من قبلها إلى مراكز هذه الأطراف، فما انكسر في عام واحد، سيحتاج لسنوات طوال لإعادة جبره. والخلاصة أن ليس لحماس، بعد انكشاف المظلة العربية والإقليمية من فوق رأسها، سوى المظلة الوطنية الفلسطينية، مظلة المصالحة والوحدة الوطنية، ليس لحماس سوى أن تنتقل سياسياً إلى "الداخل" بعد عامين ونصف العام، من التحليق على أجنحة "القوس السنّي/الإخواني"، وما يمكن أن يأتي به "الربيع الإسلامي" ... ليس لحماس سوى تسريع مسارات المراجعة والمصالحة والتقييم والتقويم، بعد أن تبدد سراب الرهانات والانتظارات التي لا طائل من ورائها. والحقيقة أن المطلوب من حماس أبعد من مجرد استئناف التفاوض والحوار على المصالحة وشروطها ... المطلوب من الحركة وقفة مراجعة شاملة لأدائها ومواقفها في السنوات الأخيرة، مطلوب منها مراجعة سنوات حكمها السبع في غزة، من "الانقلاب/الحسم"، وحتى يومنا هذا ... وكجزء من الحركة الإخوانية العالمية، مطلوب منها مراجعة فكرية أعمق وأشمل، حتى لا تكرر في علاقاتها وتحالفاتها الفلسطينية، ما فعلته الحركة الأم في عامها الأول والأخير في السلطة.  

arabstoday

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

الملحمة الكبرى

GMT 08:00 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

هل صاحب «ويكيليكس» على حق؟

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

هزيمة «المحافظين» ذاتية

GMT 07:56 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

في الوحدة والتقسيم والفيدراليّة وسواها...

GMT 07:55 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

لماذا لا تُفتح أبواب السلام؟

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

جبهات نتنياهو في حربه الأخيرة

GMT 07:51 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

بايدن ـــ ترمب... المناظرة ورهان الفوز

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

الحياة مع الاستدانة وبعدها... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس في عين العاصفة حماس في عين العاصفة



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"

GMT 00:37 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح
 العرب اليوم - أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab