بقلم- أسامة غريب
على كثرة الموهوبين من شعراء الأغنية المصرية فإن لفتحى قورة مكانة خاصة فى نفسى باعتباره أفضل من كتب أغانى الأفلام، وهو يتميز عن غيره فى هذا المضمار بأنه كان يأخذ الأمر بجدية شديدة، ومن متابعة كلمات أغانيه يمكن أن نتصور أنه كان يقرأ السيناريوهات بإمعان ولا يكتفى بأخذ فكرة من المخرج كما يفعل الآخرون، وحتى لو كان يستمع من المخرج لفكرة العمل فإنه كان يتمثل ما يستمع إليه ويصيغ الأغانى مكملة لسيناريو الفيلم وكاشفة له ومعبرة عنه. يمكننا أن نلمس هذا فى فيلم «توبة» لصباح وعماد حمدى وهو الفيلم الذى يعرف الجمهور من خلاله الجملة الشهيرة «الغازية لازم تنزل». يحكى الفيلم عن مغنية تطوف القرى والبلدات وتنغمس رغمًا عنها فى علاقات لا تريدها إلى أن تلتقى بالسيد أحمد وهو أب لثلاثة أطفال فتتعلق بهم وترغب أن تكمل حياتها فى بيت الرجل وأولاده. عندما كتب فتحى قورة أغنية «اللى اتمنيته لقيته» فإنه سار مع السيناريو وواكبه وشد تعاطفنا نحو البطلة التى ظلمتها الحياة. تقول الكلمات: اللى اتمنيته لقيته، وياريته يدوملى يا ريته، مش عاوزة أدوّر تانى ع الأمل اللى استنيته. الدنيا يا قلبى تحيّر، حكايتها معايا حكاية. ودى أول مرة تغيّر عوايدها معاك ومعايا. افرح واتهنى يومين، مين عارف حنروح فين. دا العمر بحاله قضيته، أحلم بهنايا ف بيته.. لقيته. ظلم الأيام ودانى للعيشة اللى ماليش فيها. وصبرت لحد ما جانى صفو الدنيا وأمانيها. لو يوم فى العمر جميل ده يساوى عمر طويل. واليوم ده ياما ناديته وحايلته واترجيته. مش عاوزة أدور تانى ع الأمل اللى استنيته.
كذلك أغنية «شمس وقمرين» التى تتغنى فيها بجمال الأطفال الصغار تكمل وتكشف مشاعرها نحو الحياة الجديدة التى ترغبها. تقول: شمس وقمرين ربى يخلى يا رموش العين سمى وصلى. حبيت الدنيا وحبيتهم ولقيت حلاوتها ف حلاوتهم وحياة غلاوتهم غلاوتهم دى بتكتر ع القلب تملى يا رموش العين سمى وصلى.هذا ما كان يفعله فتحى قورة أما غيره فكانوا يكتبون أغنيات لا علاقة لها بالأحداث مثل معظم أفلام عبدالحليم التى كان المخرج يكتفى فيها بحب الجمهور لحليم بصرف النظر عن منطقية الأغانى ومثال على هذا فيلم «الخطايا» وأغانى مغرور والحلوة وقول لى حاجة وهى أغانى جميلة لكن لا شأن لها بالفيلم. رحم الله طيب الذكر فتحى قورة.
أغنية أخرى من فيلم آخر هى يا سيدى أمرك لعبدالحليم حافظ من فيلم ليالى الحب وفيها يشدو بأغنية تراثية على هوى الباشا الذى يهدده بالسجن، وهنا نتبين حرفة فتحى قورة مع هضمه للتراث الغنائى العثمانلى القديم فيأخذ أغنية «بالذى أسكر من عرف اللمى.. كل كأس تحتسيه وحبب. والذى كحل جفنيك بما.. سجد السحر لديه واقترب». يجعلها قورة: بالذى أسكر من عرف اللمى.. كان فى حاله جاتله بلوة من السما. والذى أجرى دموعى عندما.. كان حيبعتنى لأقرب محكمة.. مبسوط يا سيدى.