حاجة تِكسف

حاجة تِكسف!

حاجة تِكسف!

 العرب اليوم -

حاجة تِكسف

بقلم : أسامة غريب

 

كان الوقت ليلا عندما اقتربتُ من محطة المترو فى أحد أحياء باريس الهادئة، وكلما توجهت إلى أحد المداخل وجدته مغلقا. بعد قليل لمحت أحد السائرين فتوجهت نحوه وسألته بالفرنسية عن مكان دخول المحطة. نظر نحوى ثم رد بالعربية قائلا: تعالى معى.. كان من أبناء المغرب، سرت معه وبعد قليل وصلنا للمدخل ونزلنا السلالم فوجدت بوابات الدخول بينما لم أجد شباكا للتذاكر ولا ماكينة للشراء الأوتوماتيكى.

وقفت فى حيرة فقال لى رفيقى: لا تضايق نفسك، سنجد حلا. قال هذا ثم جعلنى أتقدم أمامه قبل أن يُخرج تذكرته ويمررها أمام الماكينة فينفتح الطريق وأدخل ويدخل هو ورائى بنفس التذكرة!.. لقد أكرمنى الرجل سُحتا أى جعلنى أضحك على فرنسا وأدخل المحطة بدون تذكرة.. ولقد لاحظت فى فرنسا بالذات أن كمية المزوغاتية الذين يركبون بالمجان مهولة، وهو الأمر الذى لا يمكن أن تجده فى لندن أو نيويورك مثلا. وربما يكون هذا عائدا إلى عدد العاطلين المقيمين بباريس وأغلبهم من العرب والأفارقة الفرانكفونيين.

عادت بى الذاكرة إلى سنوات بعيدة عندما زرت باريس أثناء سنوات الدراسة الجامعية. وقتها كان من أدبيات المرحلة أنّ الشخص الذى يقطع تذكرة هو المغفل المدلل الذى أخذ قرشين من ماما وجاء ليصرفهم، أما الذى يقفز من فوق الماكينة فهو ابن البلد الجدع الذى جاء إلى باريس مفلسا وينوى العودة متوجا بأكاليل الغار ومعه الفلوس، وقد تكون بصحبته فتاة فرنسية!. ركبت المترو واشتعل عقلى بالتفكير.. ما هذا الذى فعلته وكيف طاوعت الشاب المغربى على الركوب المجانى؟ ليست المسألة صحوة ضمير بقدر ما هو التحسب مما سيحدث عند الخروج.

لقد كان الدخول سهلا ووجدت نفسى بالداخل قبل أن يتاح لى الوقت لأفكر أو أرفض، أما الآن فإن الفضيحة ستكون بجلاجل عند الخروج. وقف المترو عند محطة «جار دو نور» فنزلت وأنا أقدم رجلا وأؤخر الأخرى.. المحطة كبيرة جدا وماكينات الخروج منتشرة، والجمهور يتدفق على الماكينات، يدفع الواحد بتذكرته فتنفتح البوابة الصغيرة سامحة له بالخروج.

لاحظت أن وراء كل راكب يخرج بشكل شرعى واحد آخر غير شرعى يندفع خلفه ويخرج قبل انغلاق الباب. قلت لنفسى: هل يليق بك بعد هذا العمر أن تخرج هكذا مثل المشردين واللصوص؟ لقد ولّى الزمن الذى كنتُ فيه لا آبه لمثل هذه الأمور وأعدها ضمن شقاوة المرحلة، أما الآن فلا أستطيع مجرد تخيل أن يمسكنى شرطى أو حتى يلمحنى مواطن وينظر لى باحتقار.. يا له من موقف!. أخذت قرارا بأن أخبر أحد الموظفين أننى فقدت التذكرة ثم أدفع الغرامة المطلوبة وأنصرف.

عثرت على أحد العاملين وأخبرته بالموقف فسألنى: وماذا تريد؟ قلت أريد أن أخرج. أشار إلى الماكينات قائلا: اخرج مثل هؤلاء!.. قلت: أريد أن أدفع ثمن التذكرة وأخرج. قال: هذا ليس من شأنى، ثم تركنى وانصرف. نظرت له مندهشا.. يبدو أنه غاضب من فرنسا!.. وقتها وجدت موجة من الركاب تندفع نحو البوابات فما أشعر إلا وأنا معهم خارج المحطة.. يا دى الكسوف!.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

GMT 02:18 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

لا بديل عن قيام دولة فلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاجة تِكسف حاجة تِكسف



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab