بقلم - أسامة غريب
جلس حمامة الفلايكى على القهوة يتأمل الرسائل والإيميلات التى عرضها عليه سكرتيره أنطوان وأغلبها يحمل رغبة فى الحصول على الإقامة الذهبية بحارة ودن القطة. كانت زوزو هانم المقرطف قد فاتحت حمامة فى سعى بعض أبناء الطبقة الراقية للانضمام إلى تجربتها فى الحارة، واقترحت عليه أن يمنح موافقته لمن يراهم مؤهلين، مقابل التبرع بمليون دولار لتحسين الخدمات بالمنطقة.
رفض الفلايكى فكرة الفلوس وأصر أن تكون الإقامة الذهبية مجانية وتمنح للمتميزين فقط بصرف النظر عن المال. بعد ذلك انهالت الطلبات من كل مكان لدرجة أن شرحبيل بن نوسة خشى أن تتأثر التركيبة السكانية بالأعداد الوافدة من جميع القارات. لم يشارك سمير ألبرتو مخاوف شرحبيل على أساس أن النقاء العرقى فى حارة ودن القطة أمر مشكوك فيه، فقد امتزجت الدماء هناك مع سكان حارة رقبة الوزة وحارة عين الكتكوت وغيرها من مناطق الجوار.
أما نعيم شمبانزى فقد كان داعمًا لفكرة الحصول على منافع من المتقدمين للإقامة بالحارة أقلها أن يأتى الضيف ومعه بعض الدجاج المحمر مع ما تيسر من الكفتة والطرب. من الشخصيات التى طلبت العضوية مؤخرًا «رحيم الإسترلينى» لاعب نادى تشيلسى الإنجليزى الذى أراد أن يجلس مع حمامة لتقييم مسيرته الاحترافية.
أيضاً «توماس توخيل» طلب لقاء الفلايكى ليعيد اكتشاف نفسه بعد تعثر نتائج بايرن ميونخ تحت قيادته.. الغريب أنه طلب استبعاد نعيم شمبانزى من اللقاء لتناثر الأنباء حول سلوكه الرخيص. «مارتن سكورسيزى» أيضاً طلب العضوية لأنه أحس أن قصة حب شرحبيل وسناء مرهم قد يخرج منها بفيلم يعالج الحب على ضفاف الرشاح. رجل الأعمال التركى «رستم قراميط» ألهمته تجربة زوزو المقرطف، وأراد أن يهجر قصره المطل على البوسفور ويأخذ شقة مطرحين بمنافعهم بإطلالة على المصرف كما فعلت الهانم.
كذلك تاجر اللحوم الفرنسى «أندريه كندوز» أرسل طلبًا، حتى «الكاردينال بسيونى» أراد أن يختتم حياته فى معية حمامة الفلايكى. اقترح إبراهيم كازوز رفض طلب أى شخص مهما بلغت حيثيته إذا امتنع عن تناول سندوتش المفتقة التى يصنعها بنفسه، أما المعلم حردوف صاحب القهوة فأراد عمل حد أدنى للطلبات يطبق على الوافدين فقط، وذلك دعمًا لصندوق رعاية المتشخرمين بالمنطقة. تصادف فى هذا اليوم أن وصل المستشرق «فريدريك أبوالليل» إلى الحارة وكان فى استقباله لدى نزوله من التوك توك شرحبيل بن نوسة لإجراء التقييم المبدئى قبل أن يلتقى بالفلايكى.
كان مشهورا عن فريدريك معرفته بعيون الشعر العربى، لذلك كان أول سؤال طرحه ابن نوسة هو: مَن قائل بيت الشعر التالى: يا مَن شرخْتَ الشارِخ النارِخ.. هلّا رفقتَ بأصحاب الأنارخ. وقف فريدريك محتارًا أمام صعوبة السؤال واستفسر إذا كان فى الإمكان الحصول على اختيارات أو الاستعانة بصديق، لكن شرحبيل غضب بشدة وطلب من حمامة أن يأمر برفع الرجل فوق الشجرة لعجزه عن الإجابة، لكن حمامة رفض عقاب الضيف حتى لا يسىء لتجربة الإقامة الذهبية بالحارة واكتفى بترحيله مع منحه ربع فرخة وسطلاً من العرقسوس.