ركوب البحر والسعادة

ركوب البحر والسعادة

ركوب البحر والسعادة

 العرب اليوم -

ركوب البحر والسعادة

بقلم:أسامة غريب

على ضفة نهر الراين الذى يشق ألمانيا، جلست فى أحد المقاهى الصغيرة بمدينة دوسلدورف أشاهد المراكب تشق النهر حاملة الركاب فى جولات سياحية وهم يلوحون بأيديهم فى سعادة للجالسين على الشاطئ، عندما استمعت إلى حديث جانبى فى الطاولة المجاورة بين شخصين من عرب شمال إفريقيا يجلسان مثلى فى استرخاء ويتابعان مرور السفن.

عبّر أحدهما عن أمنيته بأن يقضى العمر على متن مركب سياحى حيث الماء والشمس والهواء والبشر المتجددون كل يوم بما يحمله هذا من آفاق إنسانية أجمل وأرحب، بعيدًا عن سخافات البشر على اليابسة.

سأله الآخر الذى بدا أكثر خبرة: وهل تعتقد أن الناس يتركون سخافاتهم على ضفة الميناء قبل الصعود للمركب؟.. قال هذا ثم أردف: عن نفسى كلما جلست بهذا المقهى ذكّرنى مرور المراكب أمامى بالسنوات التى قضيتها أعمل فى كروز بالبحر الكاريبى ينقل أثرياء العالم بين الموانئ والشواطئ الساحرة، وهى السنوات التى أعتبرها الأسوأ فى حياتى بسبب الضغط النفسى والجهد العضلى والأعباء التى لا تنتهى فى خدمة السادة المترفين!.

دفعتنى هذه المناقشة للتفكير فى هذا الأمر الذى أثاراه وهما يجلسان بجانبى دون أن يلحظا أننى أتابعهما. هذا الرجل الذى عبّر عن أمنيته بأن يعمل على مركب يجوب البحار أو يتنقل خلال الأنهار ليس فريدًا من نوعه، فهناك الكثيرون مثله يحلمون بحياة يكون التنقل والسفر جزءًا من مفرداتها، ولا يختلف عن ذلك الذين يحسدون كابتن الطائرة أو مضيفة الطيران على السفر الدائم والتمتع بكتاب الدنيا الذى تتغير صفحاته كل يوم.

أما الرجل الآخر فقد عبّر عن الذين تحققت أمنيتهم فجربوا العمل على متن واحدة من سفن الأحلام هذه المرتبطة فى خيال الملايين بالحب والمغامرة واللهو الجميل، لكنه مع ذلك على استعداد لأن يصدم الحالمين ويخبرهم بأن العمل على متن سفينة كهذه لم يحمل له سوى الشقاء!.

فى رأيى أن الغرض من السفر هو الفيصل فى الموضوع، فالمسافر فى إجازة تكون أفكاره مرتبطة بالسعادة والمرح، وهو يعتبر السفينة أو الطائرة بداية هذا المرح.. أما القبطان فهو مشغول بقراءة العدادات وحسابات الوقود وارتفاع الموج ودرجة المد والضغط الجوى ومستوى الخدمة وراحة الركاب، وكذلك بقية العاملين يشغلهم طهو الطعام ونظافة الكبائن وتفريغ المراحيض وإعداد المسرح للعرض المسائى.

وحتى عند رسو السفينة أو هبوط الطائرة، فإن طاقم العمل الذى يتحرر مؤقتًا من الخدمة يكون مشغولًا بالتجهيز لرحلة العودة ويصعب عليه الانتقال للحالة النفسية الخاصة بالمسافرين فى إجازة.

ومع ذلك، فإننى قد أتفهم رغبة الراغبين فى العمل على متن سفينة أو طائرة باعتباره عملًا مختلفًا له مشاقه وقد تكون به بعض المتعة والفائدة.. أما الذين يحسبونه رحلة جميلة متصلة فأولى بهم أن يسألوا العمال الذين أنهكهم العمل الدائم فى خدمة المترفين دون أمل فى أن تتغير الظروف فيصيرون منهم فى يوم من الأيام!.

arabstoday

GMT 05:09 2024 السبت ,20 تموز / يوليو

ضربة تسلل

GMT 04:51 2024 السبت ,20 تموز / يوليو

ضمادة أذن ترمب... رسالة

GMT 04:49 2024 السبت ,20 تموز / يوليو

المحظوظ!

GMT 04:47 2024 السبت ,20 تموز / يوليو

دي فانس... الجواد الرابح أم الجامح؟

GMT 04:42 2024 السبت ,20 تموز / يوليو

انسحاب بايدن!

GMT 04:40 2024 السبت ,20 تموز / يوليو

فانس.. والاستمرار الترامبى (١)

GMT 04:37 2024 الجمعة ,19 تموز / يوليو

تفاهة العنف: ديك صيّاح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ركوب البحر والسعادة ركوب البحر والسعادة



النجمات اللبنانيات بتصاميم فساتين عصرية مُميزة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 21:52 2024 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

ابتكار طريقة جديدة لتسريع التئام الجروح

GMT 20:52 2024 الخميس ,18 تموز / يوليو

انفجارات داخل مقر للحشد الشعبي جنوبي بغداد

GMT 06:21 2024 الجمعة ,19 تموز / يوليو

زلزال بقوة 7.3 درجة يهز شمال تشيلي

GMT 05:34 2024 الخميس ,18 تموز / يوليو

أحبك يا مها

GMT 12:05 2024 الخميس ,18 تموز / يوليو

ميس حمدان تكشف سبب ابتعادها عن الساحة الفنية

GMT 04:32 2024 الجمعة ,19 تموز / يوليو

الميكروبات تنتقل من الشرق إلى الغرب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab