وطن فى محنة

وطن فى محنة

وطن فى محنة

 العرب اليوم -

وطن فى محنة

معتز بالله عبد الفتاح

كتب الدكتور أشرف الشريف تعليقاً يستحق التأمل عن مأزق الحياة السياسية المصرية فى صفحته على «الفيس بوك». ولأغراض المساحة سأختصر بعضه ثم أختم بسؤال.

يقول الدكتور أشرف:

«جوهر الأزمة فى مصر هو أن نظام السيسى قائم على تصور مقدس وثابت ومتوارث عبر تاريخ الدولة الحديثة فى مصر، وهو أن السيادة فى مصر هى للدولة وليست للشعب... وأن الدولة فى مصر (وهى مجموعة من المؤسسات الأمنية والبيروقراطية والإدارية وفى القلب منها المؤسسة العسكرية) هى صاحبة البلد والأوصياء على الشعب.. وهذه الدولة هى مصدر السلطة والشرعية ومستودع القيم الوطنية حصرياً ومرجعية الحقيقة السياسية والأخلاقية المطلقة وصاحبة الحق الحصرى فى وضع قواعد اللعبة وشروط العلاقة بينها وبين المجتمع والشعب بتكويناته المختلفة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وجغرافياً.. وعلاقة هذه الدولة بالشعب كما تراها الدولة تلخصها صورة الجندى والطفل الشهيرة اللى موجودة على الأوتوبيسات وفى الشوارع، فالشعب هو الطفل الرضيع دائماً الذى يجب أن يبقى دائماً رهن الوصاية الصارمة والحانية للدولة (الجندى) قائدة الإجماع والاصطفاف الوطنى.. وكل من هو خارج دائرة مؤسسات هذه الدولة هو دخيل وغير وطنى وغير مهتم بالمصلحة الوطنية (تحديدها هو حق حصرى مقدس لمؤسسات الدولة فقط وغير خاضع لأى تفاوض أو جدل أو تمثيل للقوى الاجتماعية المختلفة فى عملية تحديدها) وغير شريف وتابع لأطراف خارجية أو داخلية معادية للبلد ولـ(هويته) و(مصلحته) و(ثوابته الوطنية).

ده تصور مش بس معادى للديمقراطية من أى نوع (سواء أكانت ليبرالية تمثيلية أو جمهورية مباشرة أو تشاركية لا سلطوية) لكنه معادٍ للسياسة بألف ولام التعريف: السياسة كآلية لإدارة علاقات السلطة بمشاركة قوى المجتمع المختلفة بشكل يكفل حسن إدارة وتوظيف موارد البلد والمجتمع لتحسين شروط الحياة فيه وربطها بمتغيرات واحتياجات العصر باستمرار.. فى ظل هذا التصور تموت السياسة لصالح هيمنة مؤسسات متكلسة ومتحجرة وعقيمة تكونت فى سياق ظروف تاريخية متقادمة ومنقرضة وتحكمها علاقات فاسدة وعصبوية ومافياوية وإجرامية ومملوكية الطابع (صارت أشبه بعلاقات عزب وإقطاعيات المماليك فى مصر القرن الثامن عشر) وضيقة الأفق ومنعزلة عن مستجدات العصر، ومخرجاتها هى دائما لصالح تأبيد الوضع القائم وإجهاض أى فرص لتغيير تنموى أو ديمقراطى أو تحديثى من أى نوع أو أى حراك سياسى أو اجتماعى أو ثقافى يمكن له أن يحلحل المصالح الهائلة المتراكمة حول هذه الدولة وشبكاتها المعقدة من الزبائن والأتباع والمستهلكين.

هذا هو الجذر للأزمة السياسية المصرية ويتفرع منه كل القضايا الأخرى مثل الفساد والنهب والسلب وفشل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإهدار الموارد، وغياب حكم القانون، السلطوية والقمع والدموية وإغلاق المجال السياسى وضيق التحالف الاجتماعى الحاكم (أو غيابه) وغياب المحاسبية والشفافية فى صناعة القرار..

هذا هو جذر الأزمة فى مصر وتجاهله أو إهماله أو التواطؤ على تغييبه من ساحة الجدل السياسى -بحجة المواءمة أو أنه (مش وقته) أو أنه (فيه أولويات أخرى) أو أنه من الممكن المراوغة لتحييد هذه الأزمة الرئيسية -يقود البعض إلى أوهام (الإصلاح من الداخل) والحلم بـ(بونابرتية) إصلاحية تقودها مؤسسة (تحديثية) ما أو (قائد تحديثى) ما من داخل الدولة إلى كل هذه الترهات والخزعبلات السياسية، والمشكلة أن الاضمحلال الشامل الحادث فى مصر نتيجة لتراكم عقود طويلة من أزمات هذه الدولة الفاشلة والعاجزة والمهيمنة فى آن واحد هو بالفعل وضع شديد الخطورة ولا يحتاج لمزيد من الخزعبلات والأوهام».

انتهى الاقتباس، ويبقى السؤال: وبفرض صحة التشخيص، ما العمل؟ بعبارة أخرى: من عليه أن يفعل ماذا كى نخرج من المحنة التى نعانيها؟

arabstoday

GMT 06:31 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الملاذ

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وبقيت للأسد... زفرة

GMT 06:27 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

هل «يتدمشق» الجولاني؟

GMT 06:25 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الشرع والعقبة

GMT 06:23 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا: مخاوف مشروعة

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جهود بحثية عربية لدراسات الطاقة

GMT 06:18 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دمشق والسير عكس المتوقع

GMT 06:15 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

شرق أوسط جديد حقًّا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وطن فى محنة وطن فى محنة



إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 العرب اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس تتحدث عن منافستها بفيلمين في السينما
 العرب اليوم - ياسمين رئيس تتحدث عن منافستها بفيلمين في السينما

GMT 15:16 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب أثناء محاكمة نتنياهو

GMT 12:39 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل يتحمل كهربا وحده ضياع حلم الأهلى؟!

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 08:34 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

جديد في كل مكان ولا جديد بشأن غزة

GMT 04:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إنزال إسرائيلي قرب دمشق استمر 20 دقيقة

GMT 16:56 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

السيتي يعلن وفاة مشجع في ديربي مانشستر

GMT 20:06 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

انتشال 34 جثة من مقبرة جماعية في ريف درعا في سوريا

GMT 10:58 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ضربة جوية أمريكية تستهدف منشأة تابعة للحوثيين باليمن

GMT 08:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab