كيف يفكر العالم

كيف يفكر العالم؟

كيف يفكر العالم؟

 العرب اليوم -

كيف يفكر العالم

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

2013 هذا كتاب مهم كتبه آل جور، نائب الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، وصاحب نوبل للسلام عن المحركات الستة للتغيير العالمى فى المستقبل، وقام قارئ نهم وبارع اسمه أحمد شريف بتوضيح ما جاء فيه ووافقته على أهمية ما جاء فيه للقارئ العربى. وها أنا أشكره وأنشر جهده عسى أن نعلم كيف يفكر الآخرون فيما يحدث فى العالم.

يقول آل جور فى مقدمته: فى القرن الحادى عشر كتب الفيلسوف الإسلامى (أبوحامد الغزالى) أن الإسلام يعلمنا أن «العمل المنجز بصدق نحو التقدم والتنمية، شكل من أشكال العبادة الدينية، ولهذا السبب يكافأ المرء عليه، والنتيجة النهائية ستكون عملاً جاداً وأخلاقياً ومثالياً، وتقدماً علمياً حقيقياً، وبالتالى فهو إنجاز فعلى لتنمية متوازنة وشاملة».

ثم شرح كل محرك من المحركات الستة فى فصل موثق بمئات الأمثلة والإحصاءات الدقيقة والحديثة:

■ المحرك الأول يتعلق بشركة الأرض، وهو لفظ نشأ جراء العولمة الاقتصادية المتزايدة وتداخل العام مع الخاص، وهيمنة العمالة الإلكترونية (الروبوتات) على التطور الحياتى، ما أدى للاستغناء عن أعداد ضخمة من العمالة البشرية، وهذا هو محور المشكلة.

كيف نستطيع الاستفادة من التطور التقنى الهائل فى زيادة الأرباح وتقليل التكلفة والفساد واختصار الزمن والجودة دون أن نؤثر على فقدان الوظائف المرعب؟! وبرغم كون المجال التقنى خلق عدة وظائف جديدة مرتبطة به فإنها لم تستطع استيعاب الأرقام المهولة من المهن والوظائف التى تم الاستغناء عنها.

يرى آل جور أن المحرك الثانى هو «العقل العالمى» وهو اللفظ الذى نشأ جراء ثورة الاتصالات الرقمية، واستعرض الأمر منذ ظهور الكتابة كأداة توثيق ونقل للبيانات مروراً بالطباعة والتلغراف والاتصال الهاتفى.

■ ميزان القوى.. هو المحرك الثالث من وجهة نظر آل جور،

فعلى مدار 110 أعوام السابقة منذ اعتلت أمريكا قمة الاقتصاد التصنيعى والإنتاجى لم تستطع أى دولة قومية أخرى مقارعتها برغم ما توفر للأقطاب الأحادية والثلاثية كالاتحاد السوفيتى وألمانيا النازية والإمبراطورية اليابانية على مراحل متفاوتة، إلا أن القرار الأول والحاسم ظل فى جعبتها، وعزز هذا حسمها للحرب العالمية الثانية.

الفصل استعرض تفاصيل وأحداثاً كثيرة، لكنه توقف كثيراً عند عام 2010 حيث فاقت القدرات التصنيعية للصين أمريكا للمرة الأولى، والأمر ينذر بسحب البساط من أمريكا لصالح الصين، لكن متى وأين وكيف وهل أكيد فى ظل أساس غير متين من الحريات والعدالة الاجتماعية والفساد المستشرى فى الصين قد يكون معه النمو التصنيعى فى غير محله؟!

■ المحرك الرابع المؤثر على التغيير العالمى المستقبلى هو النمو، ويرى آل جور أن سياسة النمو المتبعة الآن فى أغلب الاقتصاديات، التى تعتمد الناتج المحلى الإجمالى وسيلة لقياسه، أمر لا يمت للاستدامة بصلة بل يعتمد على حسابات عبثية يجب تغييرها، فمثلاً هى تستبعد أى اعتبار لتوزيع عادل للدخل، والاستنزاف الخرافى للموارد الطبيعية الأساسية، كما لا تعر أهمية لتصدير كميات هائلة من النفايات الضارة للغلاف الجوى والمحيطات والأنهار والتربة.. إلخ.

التفاصيل هنا كثيرة لكن سأختصرها:

1- منذ قرن من الزمان لم تكن الطبيعة الاستهلاكية للبشر كما هى الآن، وهى طبيعة غير سوية كان من طليعة من روجوا لها بنجاح بيرنيز نجل شقيق عالم النفس الشهير سيجموند فرويد، فى أمريكا، وكانت هى الخيط الذى استغلته أمريكا للترويج لمشاركتها فى الحرب العالمية الأولى كما أنها كانت العنصر الأساسى الذى استغله الحكم النازى فى ألمانيا لأجل الترويج لحرائق الهولوكوست حسب.

2- إحدى النتائج السلبية لتلك الطبيعة هى البدانة، وتشير الأبحاث إلى أن نصف السكان البالغين فى أمريكا سيعانون السمنة بحلول 2030 وربعهم سيعانون السمنة المفرطة، ولهذا آثاره السلبية على الشأن الطبى.

3- على الرغم من التضخم السكانى فى كثير من البلدان خاصة النامية، فهناك دول أخرى تعانى من تناقص السكان أهمها اليابان ثم ألمانيا وإيطاليا، وقد نجحت فرنسا وبريطانيا فى العودة للمعدل الطبيعى للإنجاب، التناقص السكانى له آثار مرعبة فيما يتعلق بتوفر القوة البشرية الدافعة لتشغيل الطاقات الإنتاجية الحالية.

4- تقدم الاهتمام بالرعاية الصحية حمّل الدول أعباء إضافية فى توفير خدمات اجتماعية للفئات المحالة للمعاش لفترات زمنية أطول، حيث زاد معدل الأعمار، ومما لاحظته أن قانون التأمينات الموحد الذى أقرته مصر عام 2010 ثم ألغته بعد 2011 قد أدرك هذا الأمر واتبع خطة تدريجية لرفع سن الإحالة للمعاش ليصل لـ65 بدلاً من 60 حسبما أتذكر.

5- مع التضخم السكانى زاد الاتجاه نحو استهلاك التربة المسطحة، وقد تكون تربة زراعية بالإضافة للمياه، والمشكلة هنا خطيرة حيث لا يعير مقياس النمو الحالى أى اعتبار لاستهلاك التربة والمياه، وقد أدى مثلاً هذا الأمر لاستهلاك ثلث الأرض الزراعية فى العالم خلال الأربعين عاماً الماضية رغم تضاعف السكان وزيادة حاجاتهم، كما يشير الأمر لندرة المياه، وأظنها لا تحتاج لتفصيل.

6- السياسات الزراعية المتقهقرة والمصرة على زراعة الأرز مثلاً رغم أنه شره الاستهلاك للمياه يجب أن تستبدل.

7- لم ينس أن يذكر أن الحصول على الأسماك كمصدر للغذاء هو أفضل الحلول المطروحة حالياً، وأن الولايات المتحدة نجحت فى معالجة الصيد الجائر بمصايدها، ولكن يظل الطلب العالمى أكبر من المعروض.

■ المحرك الخامس هو الجينوم وما يرتبط به مثل علم الوراثة والأعصاب والتخليق والتكنولوجيا الحيوية وباختصار علوم الحياة.

الإشكالية الكبرى المرتبطة بهذا العلم هى قضية أخلاقية ترتبط بالإجابة عن أسئلة من عينة من يملك تلك المعارف وأين ومتى وكيف يستخدمها؟

وربما يتماثل هذا مع الجدل الثائر من قبل عن تكنولوجيا السلاح النووى.

وكمثال منذ استنساخ النعجة دوولى فى ١٩٩٦ شارك آل جور باعتباره نائب الرئيس الأمريكى آنذاك فى إصدار تشريع لمنع الاستنساخ البشرى، لما يفرضه من توجسات أخلاقية عديدة، لكن الاستنساخ والمعالجة الجينية واسعة فى مجالاتها، كما لم تلتزم أغلب دول شرق آسيا بأى درجة من الحظر لأبحاثها، فمثلاً أنفقت الصين فى الأعوام الثلاثة السابقة لـ2013 حوالى ١٠٠ مليار دولار على أبحاث علوم الحياة وأغلبها موجه لما يتعلق بتحديد جينات الذكاء ومعالجتها لدى الأطفال لإنتاج ذكاء خارق، والأمر يتخطى البشر والحيوان للنبات أيضاً، وهذا ربما يكون تقليدياً لنا لأنه يتعلق باستنساخ البذور والفصائل النباتية.. إلخ

■ المحرك السادس والأخير: جراء التحول الثورى لأنظمة الطاقة والزراعة والنقل والبناء، برزت إشكالية زيادة انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون وما سببه من خطايا التغيير فى النظم الإيكولوجية الأرضية والمتعلقة مثلاً بالاحتباس الحرارى وثقب الأوزون وفناء العديد من الكائنات، ومنها آلاف الكائنات البحرية نتيجة زيادة ضخ المواد السامة فى المحيطات، ومن ضمنها التسريبات التى تحدث مع كل عملية استخراج للنفط من المياه.

فهل انتبهنا للأخطار المحدقة بنا؟!

arabstoday

GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف يفكر العالم كيف يفكر العالم



إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:51 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 09:35 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
 العرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab