المواطن والوطن الذي نريد

المواطن والوطن الذي نريد

المواطن والوطن الذي نريد

 العرب اليوم -

المواطن والوطن الذي نريد

معتز بالله عبد الفتاح

ربط الأستاذ أيمن الصياد بين مقالى المعنون «المواطن الذى نريد» بمقال سابق له بعنوان «الوطن الذى نريد». وعندى أنهما مدخلان متلازمان يؤدى أحدهما بالضرورة إلى الآخر. يقول الأستاذ أيمن: وطنٌ يحترم دستوره وجميع أبنائه، ويعدل بينهم، مهما اختلفت آراؤهم أو «معتقداتهم» أوحالتهم الاجتماعية أو الاقتصادية، ويعرف أن الفارق بين الديمقراطية والشمولية هو فى إدراك أن حكم الأغلبية غير مطلق، بل مقيدٌ بحقوق الآخرين.

وطنٌ يحكمه القانون، لا «التحريات الأمنية» التى قد تخطئ أو تصيب. وطن لا مجال فيه لنظام يسمح بأن يحدث فيه ما حدث لخالد سعيد أو سيد بلال الذى أُخذ يوماً مظلوماً بلحيته، (والأمثلة صارت كثيرة بحيث يتعذر أن تحصى أو تُعد). كما لا يسمح أيضاً بثقافة مريضة تدفع هذا أو ذاك إلى أن يظن أن طريق الجنة يمر بتفجير يستهدف أبرياء مهما كان المبرر.

وطن لا يسمح بنظام يقوم على «توريث» فج للمناصب والنفوذ. وينتحر فيه شاب متفوق بعد أن فشل فى أن يأخذ حقه فى أن يكون دبلوماسياً، لا لسبب إلا لأنه ابن لمزارع بسيط فى دولة أنشأها ابن لساعى بريد اسمه جمال عبدالناصر.

وطنٌ لا مجال فيه لنظام يستخدم الدين «استقواءً» فى مواجهة خصومه، كما لا مجال فيه لاستحضار الدين «الذى هو مقدس» إلى غير ساحاته؛ مزايدة أو تحريضاً بالزعم مثلاً بأن تصويتاً بعينه هو الطريق إلى الجنة. أو بوصف «خلاف سياسى» بأنه معركة بين الدين «وأعدائه».

وطنٌ يعيش تحديات عصره لا معارك ماضٍ يستحضر أجواءه متاجرون أو مغامرون أو غافلون عن تحديات المستقبل الحقيقية.

وطنٌ يدرك القائمون عليه أن إصلاح المؤسسات «أمنية أو قضائية أو إعلامية» مطلوب وضرورى، ولكنه لا يعنى أبداً هدمها أو تغيير ولاءاتها. كما لا يعنى بالتأكيد استهداف العاملين فيها (الذين هم مصريون فى نهاية المطاف) بالسلاح أو التفجيرات.

وطن يعرف قيمة أن يكون «القضاء مستقلاً»، فلا يسمح بنظام تتحكم فيه السلطة التنفيذية بالقضاء؛ إن بسيف المعز أو بذهبه. أو أن يحُال الناسُ فيه إلى غير قاضيهم الطبيعى.

وطنٌ يجيد القائمون عليه قراءة تجارب الآخرين التى تقول بأن هناك «شروطا» لإنجاح مراحل التحول الكبرى فيما بعد الثورات. وهى الشروط أو المتطلبات الخمسة التى سمّتها كتب السياسة بتدابير «العدالة الانتقالية» TRANSITIONAL JUSTICE والتى أشرنا إليها هنا تفصيلاً غير مرة، والتى تهدف فى نهاية المطاف إلى انتقال آمن «وسلمى» لمجتمع ديمقراطى حقيقى، يشعر فيه الناس «جميعهم» بالعدالة والمساواة. ولا تسمح قواعده بتكرار الانتهاكات التى جرت فى الماضى وثار بسببها الناس.

وطنٌ يدرك مسئولوه أن «لا دولة قوية دون معارضة قوية»، وأن ما جرى لـ٢٥ يناير من انتكاسة، لم يكن إلا بسبب تجريف الحياة السياسية» (والتعبير للأستاذ هيكل) قام به بدأب نظام مبارك بالقضاء الممنهج على المعارضة، عنتاً وقمعاً وتدجيناً.

وطنٌ يقرأ الغافلون فيه جيداً معنى التعبير العفوى لتغريدة كتبها شاب يوماً على موقع التواصل الاجتماعى تويتر: «الله.. الوطن.. الهجرة»، كما التعليقات عليها.

هذه هى ملامح الوطن «الذى نريد» والتى أخشى أن ينساها أولئك المستدعون/ المطمئنون لمقولات الاستبداد القديمة، سواء تدثرت برداء دينى أو وطنى، أو اختفت مكراً خلف صفوف هذا أو ذاك. لا فارق. فالاستبداد هو الاستبداد، سواء وصفه الكواكبى أو HOBBES، وسواء تبناه طاغيةٌ، أو معتقدٌ بأن فيه صالح البلاد والعباد. فكما أن المفسدين فى الأرض يظنون أن ما يفعلونه حسناً، قائلين «إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ»، كذلك تعلمنا أن الطريق إلى جهنم مفروش أحياناً بالنيّات الطيبة.

أتعرفون قيمة لحظة ١١ فبراير العبقرية التى أضعناها؟

أن كل من فى الميدان يومها كان يشعر بأن هذا «وطنه» الذى عليه أن يعمل من أجله.

arabstoday

GMT 07:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 06:31 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 06:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 06:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 06:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 06:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواطن والوطن الذي نريد المواطن والوطن الذي نريد



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab