بقلم - كريمة كمال
فى أحد مشاهد مسلسل «فاتن أمل حربى» نجد أن أحد الفنادق يرفض استضافة «فاتن» وبناتها بعد أن استولى زوجها على شقة الزوجية، لنعرف أن الفنادق ترفض استضافة المرأة دون الأربعين حتى لو كانت بصحبتها أولادها، كما هى الحالة فى المسلسل.. لماذا تفعل الفنادق ذلك؟ هذا هو السؤال المطروح، وأين تذهب المرأة إذا ما كانت فى حالة مثل هذه الحالة؟، بل ماذا تفعل المرأة حتى لو كانت بمفردها وتريد المبيت لدواعى العمل مثلًا أو لأى دواع أخرى؟.
سبق أن كتبت عن ذلك من قبل، وردت وزارة الداخلية بأنها لم ترسل تعليمات بهذا الشأن للفنادق وأن الفنادق تفعل ذلك بدافع من نفسها دون تعليمات صادرة لها بذلك.. وإذا ما كان هذا هو الوضع هل نسكت عنه؟ وهل تسكت عنه الدولة ونترك لأصحاب الفنادق والقائمين عليها أن يفرضوا وجهة نظرهم ورؤيتهم الخاصة للمرأة ويفرضوا من يستضيفون ومن يرفضون استضافته؟ أم أن على الدولة أن تتدخل لتوقف مثل هذا التصرف المعادى للمرأة والذى يصنف المرأة كمصدر للغواية أو كمشكوك فيها أصلًا إذا ما كانت صغيرة السن، ولهذا لا يتم استضافتها ما لم تكن برفقة محرم.. هذه الفنادق التى تفرض قوانينها الخاصة على المرأة لا توجد فى دولة خاصة بها بل توجد فى دولة لها قوانينها؛ ولهذا لا يمكن أن تفرض ما تراه يتراءى لها، وكأنما لا توجد سلطة عليها ومن حقها أن تفعل ما بدا لها.
هذه الفنادق تابعة لوزارة السياحة، وقد يكون للداخلية سلطة أيضًا عليها، وهنا نحن نتساءل: ألا يجب على وزارتى الداخلية والسياحة أن تتدخلا لوقف مثل هذه الممارسات؟ نعم قد لا تكون هناك تعليمات رسمية بهذا الشأن من الوزارتين، لكن هل يتوقف الأمر على نفى المسؤولية من الوزارتين أم أن على الوزارتين أو إحداهما على الأقل التدخل لوقف مثل هذه الممارسة التى لا تتفق أبدًا مع وضع المرأة الآن وأنها لها حقوق كاملة لا تقل عن حقوق الرجل، وبالتالى من حقها أن تقيم بمفردها فى أى مكان مطروح أصلًا للإقامة.
هل يستقيم أن تكون لدينا وزيرات فى الحكومة الحالية يفوق عددهن أى حكومة سابقة وأن تكون لدينا قاضيات فى القضاء ومجلس الدولة ومع ذلك ترفض فنادق أن تقيم المرأة بها بمفردها وتتطلب إما أن تكون أكبر سنًّا أو برفقة محرم؟ نعم المجتمع ما زال يرسخ النظرة الدونية للمرأة والنظرة المتشككة فيها رغم كل الخطوات التى خطتها المرأة، ولهذا لا يجب أبدًا أن نتوقف نحن عن التصدى لمن يتبنى هذه النظرة بالعقاب والمنع من أن يفرض نظرته هذه دون أن يتم ردعه.
لا يكفى النفى عن تصدير تعليمات بهذا الشأن، بل يجب أيضًا التصدى لمنع مثل هذه الممارسات بأن ترسل وزارة السياحة مثلًا تعليمات بوقف مثل هذه الممارسات وإلا تعرضت المنشأة للعقاب بحيث تجد مثل هذه الفنادق أن عليها التوقف تمامًا عن مثل هذه الممارسات.. إعلان عدم المسؤولية لا يكفى وحده لتغيير المجتمع الذى مازال يرضخ لرؤية سلفية للمرأة ووضعها فى المجتمع.. التغيير يحتاج لحركة أكثر جرأة للمجتمع ومؤسسات الدولة المسؤولة لكى يتم التصدى لمثل هذه الممارسات التى لن تتوقف ما لم يكن هناك موقف حاد وحازم منها.. نحن نعلم جميعًا أن هذا يحدث فى الواقع، وبالتالى علينا جميعًا أن نتصدى لوقفه، وفى مقدمتنا مؤسسات الدولة المسؤولة.. التغنى بالمرأة وحده لا يكفى بل التحرك لكى تحصل على حقوقها هو المطلوب.