غياب الخصوصية

غياب الخصوصية

غياب الخصوصية

 العرب اليوم -

غياب الخصوصية

بقلم - كريمة كمال

استقللت سيارة أوبر مع سيدة، كقائدة للسيارة.. وبالطبع، لم أكن قد شاهدت قائدة لسيارة أوبر فى القاهرة من قبل، لكننى لم أتعجب، فقبلها بيوم واحد فقط كنت قد شاهدت فتاة شابة تقف وسط السيارات المزدحمة والمتقاطعة فى التقاء شارع عدلى مع شارع سليمان باشا، وكانت الفتاة تقوم بتنظيف زجاج السيارات المارة، أو بالأحرى المتوقفة، وكانت هذه هى المرة الأولى التى أشاهد فيها فتاة شابة تقوم بهذه المهمة.

هناك تغييرات شديدة تحدث فى المجتمع، والمرأة تفعل أى شىء وكل شىء لتعول أسرتها.. لكن هذا ليس موضع حديثنا هنا، بل موضع حديثنا ما روته لى قائدة السيارة الأوبر بعد أن تلقت اتصالا من شخص عرفت أنه كان قد صدم سيارتها الحديثة التى مازالت تدفع أقساطها، وأن الرجل يماطل فى أن يدفع ثمن جزء من الإصلاحات وقد قالت له بحرقة: «أنا بشتغل أربعتاشر ساعة فى اليوم علشان أسدد الأقساط.. ماقدرش أدفع تمن الإصلاحات لوحدى وهى مش غلطتى».. عرفت منها أنه عندما وقعت الحادثة، قال له بعض المارين إنها غلطته، وتدخّل آخرون ليقولوا لها: «خلاص.. المسامح كريم».. بينما قال لها سائق توكتوك إنها ستتكلف ألفا وخمسمائة جنيه فقط، رغم أن التوكيل قدّر الإصلاحات بـ«خمسة وعشرين ألف جنيه».

المشكلة هنا ليست فى اختلاف الأرقام، بل فى تدخل الناس فيما لا يعنيهم، وهى ثقافة متأصلة فى المصريين؛ أنهم يتدخلون دون أن يدعوهم أحد للتدخل، وهذا التدخل قد يضرّ بصاحب المشكلة كما حدث مع هذه السيدة.. فى العالم كله، لا أحد يتدخل فى مثل هذه الحالة، بل يتم استدعاء الشرطة التى تتحرى ما حدث وتحدد من المخطئ وتلزمه بالإصلاح.. أما هنا فكل شىء يتم بشكل عشوائى، ويشعر كل عابر سبيل أن من حقه أن يدلى بدلوه فى المسألة.

هناك مشكلة فى سلوك الكثير من المصريين فيما يخص الخصوصية.. لا يشعر المصريون بشكل عام أن هناك ما يسمى «خصوصية الشخص»، فتجد المصرى يسأل الفتاة التى تخطت الثلاثين ولم تتزوج: «إنتى ليه ماتجوزتيش؟».. أو لو كان هناك زوجان لم يرزقا بالأطفال بعدْ، فيكون السؤال الذى يتردد بشكل دائم فى كل حديث: «إنتو ماخلفتوش ليه؟».. أو أن يسأل أحدهم امرأة عن سبب طلاقها أو حتى رجلا عن سبب طلاقه، رغم أن هذه من أدق خصوصيات الإنسان وليس من حق أحد أن يتدخل فيها.. لكى تفهم ذلك بشكل واضح، راقب تصرفات المصريين أمام ماكينات الصرف الآلى، لتجد المنتظرين دورهم يتدخلون فيما يفعله من يقف أمام الماكينة لينهى تعامله، فهم يتدخلون لينصحوه بأن يفعل هذا أو ذاك، رغم أن هذا تخطٍّ شديد لخصوصية هذا الشخص وسرية تعاملاته.

إن فكرة الخصوصية يجب التأكيد عليها فى تربية الأطفال على الأقل، إذا لم يكن من الممكن أن نتدارك الكبار الذين توارثوا التدخل فى حياة الآخرين، سواء من الثقافة الريفية أو الاعتياد على فكرة التدخل فى حياة الآخرين وغياب فكرة احترام خصوصية الآخر.

يجب أن نتعلم عدم التدخل فى حياة الآخر، وأن من حق الآخر أن يقول لك ما يريد أن يقوله لك عن حياته، كما أن من حقه ألا يقول ما مر به أو ما يمر به؛ لأن هذا شأن خاص جدا به.. المساحة ما بينك وبين الآخر شىء مهم جدا، وهو شىء يجب أن يكون أساسيًا فى أى تربية أو فى أى علاقة مهما كانت قريبة.. يجب أن نعيد النظر فى كثير من سلوكنا مما تم إهماله عقودًا طويلة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب الخصوصية غياب الخصوصية



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab