مصر بين الخوف والرجاء

مصر بين الخوف والرجاء

مصر بين الخوف والرجاء

 العرب اليوم -

مصر بين الخوف والرجاء

حسن نافعة

بدأ العد التنازلى لمعركة أظن أنها ستكون فاصلة بين فريقين: فريق يعتبرها معركة «سياسية» مع رئيس منتخب، لكن ثبت أنه غير مؤهل للحكم، وقد يؤدى استمراره فى القيادة حتى نهاية ولايته القانونية إلى تقويض دعائم الدولة المصرية ذاتها. ويسعى هذا الفريق من خلال حملة لجمع توقيعات بسحب الثقة منه إلى تبرير مطلبه الرئيسى بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة كوسيلة ديمقراطية للخروج من المأزق. وهناك فريق آخر يعتبرها معركة «دينية»، تستهدف إسقاط حاكم «مسلم» يسعى لتثبيت دعائم «مشروع إسلامى» يستهدف استعادة دولة الخلافة. ولأن الدعوة لإسقاط حاكم مسلم لا يمكن أن تصدر، من وجهة نظر هذا الفريق، إلا عن كفار يرفضون تطبيق شرع الله، فلا مناص من إجبارهم على العدول عن دعوتهم حتى ولو تطلب الأمر قتالهم واستحلال دمائهم. لمشاعر الخوف التى تجتاح البلاد هذه الأيام ما يبررها. فمنذ أيام، نظمت «الجماعة الإسلامية» مؤتمرا جماهيريا حاشدا فى مدينة المنيا، تحدث فيه المهندس عاصم عبدالماجد، عضو مجلس شورى الجماعة، مدعياً أن الدعوة للنزول إلى الشارع يوم 30 يونيو القادم للمطالبة بسحب الثقة من «مرسى» ليست مجرد دعوة للتظاهر السلمى، ولكنها «مؤامرة على الإسلام ذاته»، وبالتالى فكل من يستجيب لها لا يمكن إلا أن يكون مشركا أو كافرا، لذا لم يتردد فى تشبيه ما سيحدث فى هذا اليوم بأنه «غزوة بدر» جديدة. قبل أيام من انعقاد مؤتمر المنيا، نظمت الفصائل «الإسلامية» مؤتمرا فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة، حضره الدكتور مرسى بنفسه، كان هدفه المعلن «نصرة الشعب السورى»، لكن هدفه الحقيقى كان ردع وتخويف «حملة تمرد»، وأطلقت فيه تهديدات مماثلة. ويوم الجمعة الماضى، نظمت هذه الفصائل نفسها «مليونية» أمام مسجد «رابعة العدوية» تحت شعار «لا للعنف»، وجهت من فوق منصتها الرئيسية، رغم شعارها السلمى، أعنف التهديدات لكل من تسول له نفسه الخروج يوم 30 يونيو «لإسقاط الرئيس المسلم ومشروعه الإسلامى». وقد كشفت هذه المليونية عن أمر خطير، وهو أن «الجماعة الإسلامية»، التى تصدرت المشهد، تخلت عن مراجعاتها وعادت إلى أصولها ومعتقداتها القديمة التى تؤمن بالعنف، وتعتقد أن دولة الإسلام قامت فى الماضى بحد السيف ولن تعود إلا بالوسيلة ذاتها، كما كشفت عما هو أخطر وهو أن بقية الفصائل «الإسلامية»، ومنها «جماعة الإخوان المسلمين»، أسلمت قيادها إلى «الجماعة الإسلامية» وأصبحت هى التى تتولى قيادة كتائب «المجاهدين» التى ستأخذ على عاتقها إقامة دولة الإسلام فى مصر، والتى ستشكل الركيزة التى سينطلق منها العمل لإقامة دولة الخلافة. من الطبيعى أن تثير هذه المشاهد فى مجملها- وهى مشاهد تستهدف ردع وتخويف الداعين إلى التظاهر يوم 30 يونيو- مخاوف قطاعات واسعة من المصريين غير المنخرطين تنظيمياً فى أحزاب وحركات سياسية، أى «الأغلبية الصامتة». غير أننى أعتقد أنها لم ولن تنجح فى ذلك لأسباب كثيرة، أهمها: 1- قيام الأزهر الشريف، وعلى رأسه شيخه الجليل أحمد الطيب، وهو الوعاء الرئيسى لعلماء الدين الحقيقيين المتفقهين فى علوم القرآن والحديث، وليسوا سياسيين يتدثرون بعباءة الإسلام- بإصدار بيان أسقط فيه كل دعاوى التكفيريين، وأزال كل لبس حول موقف الدين من التظاهر يوم 30 يونيو. 2- إعلان عدد من الفصائل «الإسلامية»، مثل حزب النور السلفى، رفضهم المشاركة فى هذه المليونية، بل ذهاب بعضهم، مثل حزب «مصر القوية» برئاسة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، إلى حد تبنى مطلب «تمرد» بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة والإعلان عن المشاركة فى مظاهرات 30 يونيو. 3- تعبير قطاعات متزايدة من «الأغلبية الصامتة» عن قناعتها بأن الدكتور مرسى لم يعد يصلح لإدارة البلاد فى هذه المرحلة، لأنه تسبب فى تزايد حدة الاحتقان والاستقطاب، وأضاع فرصاً كثيرة لإثبات أنه رئيس لكل المصريين والاكتفاء بدوره كممثل لجماعة الإخوان فى القصر الرئاسى، ولأنه يلوذ الآن بالجماعات الإرهابية لحمايته من رفض الشعب سياساته التى أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على سلامة البلاد وأمنها، وهو ما يفسر سر الالتفاف الجماهيرى حول «تمرد». لكل هذه الأسباب، أعتقد أن الأغلبية الساحقة من المواطنين تغلّب مشاعر الرجاء والأمل، رغم مشاعر قلق عميق تنتابها ولها ما يبررها، وترى أن الفرصة باتت الآن سانحة لتصحيح مسار الثورة، بل استعادتها من الذين أصروا على سرقتها لتصبح من جديد معبّرة عن طموحات كل المصريين وليس فقط عن جزء أو عن شريحة منهم، كما أعتقد أن الجماهير ستنزل بكثافة إلى الشارع يوم 30 يونيو الحالى، للتعبير عن رفضها استمرار بقاء الدكتور مرسى رئيسا للبلاد، والمطالبة بانتخابات رئاسية جديدة، ولن تخيفها أو تردعها ادعاءات التكفير أو التخوين. ولأنه ليس من المتوقع أن يتجاوب الدكتور مرسى سريعا مع هذه المطالب، فليس من المتصور عقلا عودة المتظاهرين سريعا إلى بيوتهم، والأرجح أن يبقوا فى الميادين، وأن يواصلوا تظاهراتهم الاحتجاجية يوميا مثلما حدث فى 25 يناير 2011. نجاح «ثورة التصحيح» التى ستبدأ فعالياتها يوم 30 يونيو، والتى أظن أنه لن يكون بوسع أحد إيقافها، يتوقف على عوامل عديدة أهمها: 1- سلمية الفعاليات المختلفة التى سيتم تنظيمها، والتزام المشاركين فيها بعدم اللجوء إلى العنف مهما كانت الاستفزازات أو التحرشات، والابتعاد تماما عن مهاجمة المنشآت العامة، بما فى ذلك قصر الاتحادية. 2- أعداد المشاركين فى هذه المظاهرات ومدى إصرارهم على البقاء فى الميادين إلى أن تتم الاستجابة إلى مطالبهم، وفى مقدمتها التسليم بضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى أسرع وقت ممكن. 3- طريقة إدارة الأزمة من جانب الدكتور مرسى والفصائل المتحالفة معه. ومن الأفضل لهؤلاء أن يتجنبوا هم أيضا اللجوء إلى العنف لفض التظاهرات، وأن يكون لديهم الاستعداد النفسى لتقبل رسالة الميدان وفهمها على وجهها الصحيح والتجاوب معها بسرعة ودون إبطاء. وكلما أسرع الدكتور مرسى بالقبول من حيث المبدأ بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأبدى استعداده للتفاوض على ترتيبات المرحلة الانتقالية، كان ذلك أفضل، لأنه يجنب البلاد تعقيدات لا لزوم لها، وربما يؤدى إلى حقن دماء غالية. 4- وضوح الرؤية فى أذهان الشباب لما بعد القبول من حيث المبدأ بفكرة الانتخابات الرئاسية، وقدرتهم على تشكيل «قيادة ميدانية» موحدة قادرة على ضمان استمرار الحشد والتعامل مع المشكلات اللوجيستية وضمان التفاعل مع جميع القوى السياسية المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وضمان عدم ركوب أى منها هذه الموجة الثورية التى يجب أن تظل شبابية خالصة، وكذلك قدرتهم على تشكيل «هيئة مفوضين»كبيرة فى انتصار ثورة التصحيح، شريطة أن تحافظ على سلميتها، وأن تحمى نفسها من المخربين والانتهازيين، وثقتى أكبر فى قدرة الشباب على استعادة زمام الأمور والتعلم من أخطائهم السابقة. لذا أرجح كفة الرجاء على كفة القلق، وأرجو ألا أكون مسرفاً فى التفاؤل. لكِ يا مصر السلامة. نقلا عن جريدة المصري اليوم  

arabstoday

GMT 07:10 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 07:09 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 07:08 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 07:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 06:56 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 06:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 06:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر بين الخوف والرجاء مصر بين الخوف والرجاء



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab