المتعصبون

المتعصبون

المتعصبون

 العرب اليوم -

المتعصبون

حسن نافعة

هل هناك ما هو أقبح من التعصب، خصوصا إذا ارتبط بأسمى ما يمكن لإنسان أن يعتز به وهو الدين. فالتعصب ينطوى، ضمنا، على كراهية الآخر المختلف، وربما التحريض على ازدرائه، أو حتى إلحاق الأذى به، لذا يعد آفة فردية واجتماعية، ينبغى مقاومتها، والعمل على استئصالها. وفى مصر جماعات متعصبة لدينها، تدعو علنا لازدراء أصحاب الديانات الأخرى، والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية، ما تسبب فى إشعال فتن عديدة، كان آخرها ما وقع فى مدينة الخصوص بالقليوبية، وانتقلت شرارته إلى الكاتدرائية نفسها فى قلب العاصمة، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى بالمئات. ولأن أحداث «الخصوص» أو «الكاتدرائية» لم تكن أول الحرائق التى يشعلها التعصب الدينى، ولن تكون الأخيرة، يتعين علينا، إذا كنا جادين حقا فى القضاء على هذه الظاهرة المقيتة، أن نعالج المشكلة من جذورها، بتنقية القوانين ومناهج الدراسة فى المدارس والجامعات من كل مظاهر التعصب الدينى، وتوقيع العقاب على من يمارسه أو يدعو إليه، وإلا فستظل أعواد الثقاب التى يمسك بها المتعصبون قادرة على حرق الوطن كله. قبل شهور من اندلاع ثورة يناير المصرية وصلت حالة الشحن الدينى بين المسلمين والأقباط فى مصر إلى ذروتها. وإبان تلك الأجواء المسمومة نشرت بعض المواقع الإلكترونية، فى شهر أغسطس من عام 2010، أن البعض دعا لتنظيم مظاهرة تنطلق من «مسجد النور» بالعباسية عقب صلاة الجمعة وتتوجه إلى الكاتدرائية للمطالبة بعزل البابا شنودة الثالث، «احتجاجا على خروج الكنيسة على القانون والدستور، وخطف المسلمات الجدد وحبسهن بالأديرة والكنائس، والاستيلاء على أراضى الدولة، وذبح من يشهر إسلامه على يد ميليشيات مسيحية مدعومة كنسياً». كما نشرت المواقع نفسها أن البابا هدد بتنظيم مظاهرة مضادة تنطلق من الكاتدرائية صوب مسجد النور القريب. ولأن هذه الأنباء أزعجتنى إلى أقصى درجة، ولم أتصور مطلقا أنه يمكن أن يصل الجنون بالبعض إلى حد المطالبة بتنظيم مظاهرة تنطلق من مسجد وتتوجه إلى الكاتدرائية لعزل البابا، فقد نشرت فى هذا المكان يوم 11 أغسطس من العام نفسه مقالا حمل عنوان «الصيد فى مياه عكرة» قلت فيه: «لست أدرى حجم ما تنطوى عليه هذه الأخبار المرعبة من مصداقية، لكنى على يقين من أمرين، الأول: أن تحت رماد هذا الوطن نيرانا كثيرة، أخطرها نار الفتنة الطائفية، والثانى: أن النظام الحاكم يلهو بمصير الوطن لكسب معارك سياسية رخيصة. لذا على المخلصين من أبنائه أن يهبّوا لحمايته. وفيما يتعلق بى شخصيا فإننى لا أملك إلا أن أتوجه لكل من فكر فى تنظيم مثل هذه المظاهرة لأعبر له عن قناعتى التامة بأن هذا النوع من التفكير الشيطانى لا يمكن أن يصدر عن مصرى ولا عن مسلم بحق، وإنما هو رجس من عمل الشيطان لا يقدم عليه إلا خائن لوطنه أو كافر بدينه. كما أقول لمن يردون على التعصب عند فئة بتعصب أكبر منه، وهم للأسف موجودون ومغرر بهم هنا وهناك، إنهم ينتمون إلى جنس الشياطين لا المواطنين، ويسعون إلى تحويل هذا الوطن إلى خرابة ينعق فيها البوم. فمتى يستيقظ النائمون من سباتهم؟. لا حل لما تواجهه مصر من مشاكل إلا بقيام دولة مدنية تقوم على مبدأ المواطنة، ولا مواطنة بلا ديمقراطية، ولا ديمقراطية فى ظل الحزب الحاكم». ربما كانت بعض عبارات هذا المقال حادة بعض الشىء، لكنها كانت يقينا صادرة من قلب يستشعر خطر التعصب، وما يمكن أن يؤدى إليه من عواقب وخيمة على الوطن، ولم ينطو على فتوى تكفيرية بالمعنى الدينى، لأننى لست رجل دين. لكن هل تعرفون كيف رد علىّ هؤلاء المتعصبون؟.. نشر أحدهم، واسمه محمود قاعود، مقالا مطولا حمل عنوان: «حسن نافعة.. مفتى الديار الأرثوذكسية»، وصف فيه ما كتبت بأنه «أشبه بكتابات غلاة أقباط المهجر، أعداء الإسلام والأمة والشعب المصرى.. وجاء ليكشف نوايا وخبايا بعض دعاة النضال والحرية التى هى فى الحقيقة مجرد سبوبة لمساعدة الإرهابى شنودة الثالث فى مخططه الشرير ضد مصر وشعبها.. كنت أتمنى من سماحة المفتى حسن نافعة أن يفتينا فى جرائم الطاغوت شنودة الثالث، وهل يعد خائنا لمصر مثلما خوّن وكفر من يدعون للانتصار لله ورسوله بالكف عن انتهاك أعراض المسلمات الجدد». والسؤال: ماذا بعد أن أصبحت هذه العقلية المتعصبة هى التى تحكم مصر الآن؟.. اللهم إنى لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

arabstoday

GMT 04:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

فى المشمش!

GMT 04:50 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الأصدقاء وذكريات لا تعنيهم

GMT 04:48 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

كهفُ الفيلسوف.. وحبلُ الفيل

GMT 04:44 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

حق مستهلك الأوبر

GMT 04:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

طوكيو المثيرة للدَّهشة

GMT 00:54 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

في تكريم الزعيم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتعصبون المتعصبون



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 19:22 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

القمة العربية.. لغة الشارع ولغة الحكومات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab