الهدنة تعاكس المشهد الإقليمي

الهدنة تعاكس المشهد الإقليمي

الهدنة تعاكس المشهد الإقليمي

 العرب اليوم -

الهدنة تعاكس المشهد الإقليمي

بقلم : وليد شقير

كيف يمكن التوصل إلى هدنة جدية في سورية، يجري الحديث عنها في اللقاءات الأميركية-الروسية في وقت يستمر القصف بغاز الكلور على حلب، وفي وقت ينتقل قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني من المدينة للإشراف على المعارك التي تخوضها الميليشيات المتعددة الجنسية التابعة له في شمال سورية ولتشديد الحصار عليها، ويرعى علناً توزيع ألف مقاتل جديد نقلتهم حركة «النجباء» العراقية إلى سورية؟

وكيف يمكن هدنة كهذه أن تنجح حتى لو اتفق عليها جون كيري وسيرغي لافروف في ظل التحذير الروسي لتركيا من زيادة توغلها في الشمال السوري بعد أن كانت غضت النظر عن هذا التوغل قبل أسبوعين، بحجة عدم تنسيق خطواتها مع الحكومة السورية، أي مع بشار الأسد، رافضة «تعقيد الوضع العسكري السياسي الصعب في سورية»؟

فطهران وموسكو ترفضان أي تغيير في ميزان القوى الميداني الذي فرضتاه بالعمليات العسكرية تحت مظلة ما سمّي «وقف الأعمال القتالية»، الذي كان الروس والأميركيون توصلوا إليه في شباط (فبراير) الماضي، ثم قامت موسكو وطهران مع النظام، بخرقه آلاف المرات بحجة التصدي للإرهاب، من دون أن تنتزع أي منطقة من سيطرة «داعش» سوى تدمر، بمسرحية انسحاب التنظيم الإرهابي من المدينة. وفي المقابل استهدفت هذه «الخروقات» المدنيين والمعارضة المقاتلة غير الإرهابية، من أجل استرداد مناطق خسرها النظام أمامها. وما يجري الآن في محيط حلب هو محاولة لإعادة تصحيح هذا الميزان مجدداً بعدما استطاعت المعارضة فك الحصار عن مناطق سيطرتها في حلب.

تبدو المرحلة أقرب إلى تقطيع الوقت وتحسين شروط التفاوض للسنة المقبلة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. والتحذير الروسي لتركيا يستبق تقدم قواتها نحو مناطق تصبح فيها على تماس مع قوات الأسد، لأن غض النظر عن تدخلها يقتصر على طردها القوات الكردية و»الداعشية»، من الحدود.

فالمراهنة التي بنت موسكو عليها آمالها بالاتفاق مع إدارة باراك أوباما قبل انتهاء ولايته سقطت، على رغم أن بعض قوى المعارضة السورية ما زال يعتقد أنها في حسابات القيصر الروسي، الذي اكتشف أن أقصى ما يمكن أن يذهب إليه الرئيس الأميركي هو العمل على طرد «داعش» من الموصل ومن الرقة (ومن ليبيا) لأن مردود هذه الخطوة إيجابي لمصلحة الحزب الديموقراطي في السباق إلى البيت الأبيض، في مواجهة اتهامات دونالد ترامب لأوباما ولهيلاري كلينتون بأنهما تساهلا مع الإرهاب في سورية وليبيا. إلا أن أولوية القضاء على «داعش» لدى أوباما اصطدمت بفقدان إدارته للتصور الجدي حول ما بعد طرد التنظيم، ومن سيحل مكانه، سواء في سورية أو في العراق. فحلول المعارضة المعتدلة مكان «داعش» يفقد بشار الأسد مبرر وجوده على أنه رأس الحربة في الحرب على الإرهاب، ويقلص مساحة سيطرته، ما يضعف ورقة موسكو وطهران المستندة إلى الأسد. وفي المقابل فإن حلول قوات الأسد مكان «داعش» في المناطق التي تُدحر منها يعني تحصين موقعه والتسليم بسلطته على تلك المناطق وبتفوق دوره في أي حل سياسي، تزعم واشنطن أنها ترفضه، إلى حد أنها تحرض دولاً عربية على تولي رفضه.

أوقعت واشنطن نفسها في المأزق حين امتنعت عن دعم المعارضة المعتدلة منذ البداية، فساهم ذلك في ملء «داعش» الفراغ، وهو ما أفاد منه النظام رغم قولها أنه فقد شرعيته، وهو ما أفادت منه إيران وموسكو في خطتهما لحماية الأسد. وحين عاد أوباما إلى أولوية التخلص من «داعش» بسبب تحوله إلى كابوس للغرب وأميركا، افتقد خطة تأهيل ودعم إحلال المعارضة السورية مكانه. فلماذا تساهم موسكو مع واشنطن في التخلص من التنظيم طالما أنه يضعف ورقة الأسد، وإذا كانت لم تضمن اتفاقاً كاملاً مع واشنطن على كل القضايا التي أملت عليها التدخل في سورية، من العقوبات الاقتصادية ضدها بسبب أزمة أوكرانيا، إلى التوغل الأطلسي في دول أوروبا الشرقية ونصب الصواريخ في بعضها؟ ولماذا تلجم موسكو اندفاع إيران في سورية لتعزيز مواقعها قبل مجيء الإدارة الأميركية الجديدة، ولإحداث تغييرات ديموغرافية في بلاد الشام؟...

حتى لو اتفقت موسكو وواشنطن على الهدنة، لا شيء يوحي بصمودها. فالإقليم برمته أمام مشهد تصعيدي قل نظيره، من اليمن حيث تعاكس إيران جهود إحياء التفاوض بأفكار جديدة طرحها كيري وقبلت بها السعودية ودولة الإمارات، إلى العراق المستباح والمشرذم، إلى التجديد الإيراني لإعلان الحرب غير المسبوق ضد الرياض بحجة الخلاف على موسم الحج، انتهاء بلبنان الذي تربط طهران انتخاب رئيس فيه بضمان مصالحها في سورية.

arabstoday

GMT 02:30 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

عون دقّ الباب وسمع الجواب

GMT 13:08 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

عندما يحارب الوكيل ويفاوض الأصيل

GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهدنة تعاكس المشهد الإقليمي الهدنة تعاكس المشهد الإقليمي



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab