كتاب المراثي فـتـى رافــات

كتاب المراثي فـتـى رافــات

كتاب المراثي فـتـى رافــات

 العرب اليوم -

كتاب المراثي فـتـى رافــات

حسن البطل

لا يُسأل عاقل عن نتيجة حرب يخوضها رجل ضد دولة، وفتى رافات يحيى عياش خسر حرب السنتين، هذا اذا كانت الخسارة تصفية حساب دام، تقول إسرائيل انه حساب باهظ الثمن للغاية، وكان اشد ما يزعج اجهزة أمنها أن أسطورة الرجل تأكل من أساطيرها، وهي أجهزة تحتاج دوما إلى إنجازات، خصوصا وان المعنوية العامة الإسرائيلية ليست على ما يرام، وبالذات المعنوية الأمنية، من بعد «التقصير» الذي لم تتكشف أبعاده وذهب ضحيته رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو رجل الأمن الأول، وواحد من اقدم جنود إسرائيل فكان الجنرال الراحل إسحاق رابين يبدأ يومه بسؤال مساعديه عن سير عملية طراد «المهندس» واصطياده.

ولعل العقيد «كاف» القائد الحالي لخدمات الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشين بيت» يتنفس الصعداء الآن، ذلك ان «المهندس» لم يخض حربه إرادة في مقابل إرادة فقط، ولكن عقلا واجه عقول الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وفي مجال حرب العقول لا يقبل الأمن الإسرائيلي، او أجهزته، حلا وسطا، ورجال تلك الأجهزة .
لم يكونوا يريدون «المهندس» حيا، لأن أعماله بلغت حدا من الوقع كاد يخل بالتوازن المعنوي للأمن الإسرائيلي، وبالمعنوية العامة الإسرائيلية ذاتها. وبارتقاء فتى رافات درجة الأسطورية، لم يعد يهّم العقول الأمنية الإسرائيلية، ان كان اغتيال الرجل يرفعه الى درجة الأسطورة.

والواقع ان تصفية «المهندس» كانت على رأس جدول الأعمال الأمنية الإسرائيلية، حتى بدون حاجة «الشين بيت» و «الموساد» الى التخفيف من روائح غير مستحبة أخذت، في الفترة الأخيرة تزداد، مثل : انكشاف جرائم حرب اقترفت ضد جنود مصريين في سيناء، وقيام احد قادة «الشاباك» بإعطاء أمر بتصفية اثنين من الشبان الفلسطينيين خطفا حافلة باص قبل زهاء عشرة أعوام، على الرغم من استسلامهما، ومن كون عملية الاختطاف تمت بواسطة أسلحة - لعبة .
والى هذا، وفي طيات جدل حقوقي حول تعويضات إصابات الانتفاضة، أخذت تتكشف تصفيات وجرائم حرب قام بها جنود إسرائيليون عاديون، او رجال ينتمون الى وحدات خاصة، مثل «المستعربين» .

واتسع نطاق الثغرات الأمنية، ليشمل فتح ملف «جريمة ليلهامر» وهي مدينة نرويجية، قام فيها عملاء الموساد باغتيال المغربي محمد بوشيكي، بعد ان شبّه لهم بأنه «الأمير الأحمر» أبو حسن سلامه، الذي اغتيل في وقت لاحق ببيروت، واعقب ذلك رد انتقامي فلسطيني في ميناء لارنكا القبرصي، وردا على الرد قامت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بالإغارة على ساحل حمام الشط التونسي.

كل هذه الأجواء والعوامل، القديمة منها والمستجدة، تفسر إصرار إسرائيل، او اذرعها الأمنية، على رد الاعتبار اليها، ولو تطلب الأمر اجتياز خطوط سياسية حمراء، والعمل خلف الخطوط في ساحة خرجت عن سيطرتها السياسية، من دون ان تخرج عن اعتباراتها ونشاطاتها الامنية.
وأيا كانت معايير الفشل والنجاح المهنية المحضة، غير أنها تظل نسبية، في حين أن الخلاف في المفاهيم والقيم بين «قاتل» وبين «بطل»، وبين «قتيل» وبين «شهيد» يظل خلافا عصيا على الحسم على الصعيد الأخلاقي والقيمي. لكن على هذا الصعيد فان «المهندس» لقي وجه ربه راضيا.
ولأجهزة الأمن الإسرائيلية ان تشعر بشيء، قليل او كثير، من الرضى عن نجاحها في «حرب السنتين» ضد شاب من رافات، كان يمكن له، لولا الاحتلال وشروره، ان يكون عالما لامعا في مجال علمه.

لا يسأل عاقل عن نتيجة حرب يخوضها رجل ضد دولة، ولكن على الشعب الفلسطيني الذي يعتبر «المهندس» واحدا من فتية فلسطين، أن يتعلم الصبر، وان يمتص الضربة، ويفوّت على المدبرين أهدافا قد يكون من بينها النيل من سمعة السلطة الفلسطينية ومن مكانتها، وزعزعة الأمن الوطني الفلسطيني على أبواب انتخابات.
هنالك حلّ وسط في السياسة، لكن المفاهيم مسألة أُخرى مختلفة جدا، هنــاك قاتل وهناك قتيل، وهناك بطل وهناك شهيد ..
ما لا يختلف عليه احد ان «فتى رافات» هو «الفتى» وان الرجل مات ميتة الرجال، حياته الأسطورية انتهت، وبدأت كتابة أسطورة حياته.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب المراثي فـتـى رافــات كتاب المراثي فـتـى رافــات



أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ العرب اليوم

GMT 06:40 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 العرب اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 06:57 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
 العرب اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab