قلت لأبو الوفا  دوّن   قال  اجمع

قلت لأبو الوفا : دوّن .. ؟ قال : اجمع !

قلت لأبو الوفا : دوّن .. ؟ قال : اجمع !

 العرب اليوم -

قلت لأبو الوفا  دوّن   قال  اجمع

حسن البطل

في الفرنسية: "اسم الحرب" كناية عن الاسم الحركي للمقاتل. وفي العربية اسم الحرب والاسم الحركي ممنوعان من الصرف اللغوي .. في الحياة والممات. مات زميلي ورفيقي وحبيبي "أبو الوفا" لأن الموت يصرف من الحياة أصحاب أسماء العلم الصريحة، وجملة أسماء الحرب والحركة. خسر حربه مع السرطان. في نزاعه مع الموت قال أبو الوفا لكريمته "وفا" : كل يوم عشته بعد معركة بيروت 1982 كان عمراً جديداً، وعاش أبو الوفا، مثلي، ثلاثين عاماً بعد الموقعة، وترك لي بقية من العمر يقولونها: أعطاك عمره. لي الاسم الصريح، وله اسم الحرب الحركي. اسمه الصريح عرفته في البلاد "محمد عواد" و"محمد" الاسم الأكثر شيوعاً في العالم، لكن اسم الحرب والحركة له وحده. ليس "ابو هاجر" ولا "أبو الجماجم". ليس "أبو الليل" أو "ابو الويل" لكنه خطب وكالة "وفا" طفلة وتزوجها شابة، وأعطى ابنته البكر اسمها، وتركها كما تترك ورقة الخريف شجرتها. ولد. جاهد. تقاعد. مات. عليك أن تنظر في عينيه لتعرف هل تكشيرته ابتسامة ماكرة، أو ابتسامته تكشيرة عتاب، عليك أن تسمع من لسانه موسوعة للتاريخ الشفهي للحركة والثورة، وما لم تنشره "وفا" عن قصص "الأبوات" الكبار وكواليس مواقف قيادة الثورة والمنظمة.. تماماً مثل التاريخ الشفهي لصديقي المغدور خليل الزبن. حبيبي خليل بعد اغتيال خليل كنت أقول لأبو الوفا : دوّن ما عشت ورأيت، ما عملت وسمعت، لا شيء أصدق من شهادة الكادر القاعدي المؤسس في "الإعلام الموحد". كان يقول : وأنت اجمع ما دونت وكتبت من يوميات حرب بيروت الـ 84، وما قبلها وما بعدها في "الأيام": "في العدد". "فلسطين في الصراع"، "أطراف النهار". كانت "وفا" الأسبق من "فلسطين الثورة" شهوراً في الصدور من بيروت، وكانت الأسبق في عودة الصدور من تونس. ماتت "المجلة المركزية" في قبرص، وبقيت الوكالة لتصدر من البلاد بحرفية أعلى ومهنية أوفى. كانت "النكتة" في بيروت : الوكالة والمجلة شارعان متوازيان لا يلتقيان، لأن صفاً من البنايات يفصل "شارع وفا" و"شارع فلسطين الثورة" قرب الجامعة العربية ـ بيروت.. لكن علاقة كادر الوكالة بكادر المجلة أشبه بعلاقة الأكسجين بالآزوت في الهواء. ها أنا أمسك بالقلم بثلاثة اصابع من يمناي قاعدتها اصبع الابهام، ها هو الذي كان يمسك بالقلم باصبعين بين سبابته واصبعه الوسطى من يمناه؟ لماذا. طلقة في معركة مع العدو في جنوب لبنان طوّحت بابهام يده اليمنى. باصبعين من يمناه كان يحرر أخبار الوكالة من تونس، كما كان يحررها بأصابع ثلاث قبل الطلقة في جنوب لبنان. .. ومن ثم، كانت علامة الود في مصافحته أن يضغط كف يدك بسلامية ابهامه كأنها ضغطة من كماشة.. ثم يضحك. عليك أن تنظر في عينيه لتعرف هل تكشيرته ضحكة ترحيب، أم ضحكته تكشيرة عتاب! كم رئيس تحرير مرّ على وكالة "وفا"؟ ثلاثة أو أربعة قبل الصدور الثالث من البلاد، لكن "ابو الوفا" عميد محرري الوكالة من يوم خبرها الأول في بيروت وتونس إلى يوم خبرها الأول في غزة ثم رام الله.. هو القاعدي في تحرير الخبر، وبقيت أنا القاعدي الأخير في كتابة الرأي، من بغداد ـ الإذاعة إلى بيروت ـ المجلة والجريدة، إلى قبرص المجلة .. فإلى هذه الجريدة. سبقني إلى "عسكرية" الإعلام الموحد، وسبقتني الوكالة في الصدور الأول وفي الصدور الثاني من فندق سلوى ـ تونس، ثم سبقني أبو الوفا إلى الحرب، وسبقني إلى الموت. بماذا سبقني، أيضاً؟ هو عاد إلى مسقط رأسه في طولكرم، كأنه سمكة السولمون لا بد لها من الموت في مسقط رأسها.. المقاتل. الكادر. الإعلامي. القاعدي "عميد وفا" عاد إلى أرض ـ الارض. ارض البلاد، وأرض حقوله. قال الشاعر: "ذهب الذين نحبهم" والذي نحبهم هم الرعيل الأول من حملة السلاح وحملة القلم، ومن رفاق المنفى والثورة. بيروت جمعتنا، بيروت فرقتنا، البلاد جمعتنا والبلاد فرقتنا. كانت الثورة نهراً، وكان الإعلام الموحد نقطة "الدلتا" ومن فروع الدلتا بقيت "وفا" و"الإذاعة" وقسم التصوير، وأما المجلة المركزية فقد ماتت ـ أميتت بالسكتة القلبية. أوسلو ألبست المنظمة لباس السلطة، وأوسلو كانت نزاع الموت ووداع المجلة. دقائق فقط، بعد موت أبو الوفا مبتسماً كما تقول "وفا" أرسلت لي هذا النص ـ رسالة قصيرة : "مات حبيبك يا عمي". حبيبي حمل اسم الوكالة، وكريمته حملت اسمه.. وإلى آخر عمري سيبقى محمد عواد هو "أبو الوفا". سقطت ورقة من شجرة الثورة والمنظمة. وكان يسألني عن يومياتي ـ اليومية خلال حرب 1982. قال: اجمع، قلت : دوّنت على الحاسوب، ولغيري أن ينشر. وداعاً أخي ورفيقي وحبيبي وزميلي.

arabstoday

GMT 05:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 05:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 04:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 04:53 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 04:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 04:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلت لأبو الوفا  دوّن   قال  اجمع قلت لأبو الوفا  دوّن   قال  اجمع



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 03:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
 العرب اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab