الشيء بالشيء لا يُذكّر

الشيء بالشيء.. لا يُذكّر!

الشيء بالشيء.. لا يُذكّر!

 العرب اليوم -

الشيء بالشيء لا يُذكّر

حسن البطل

في الصف الحادي عشر لم نفهم كيف تولد الجبال، وفي الجامعة فهمنا كيف ولماذا تنزاح صفائح القارات، وفي أكاديمية التعليم المستمر (الحياة) صرنا نفهم لماذا ستبتلع أمّنا الشمس «قطيطاتها» الصخرية الأربع: عطارد، الزهرة، الأرض.. والمريخ.. ومتى سيحصل هذا على مسطرة كل سنتيمتر منها يعادل في الزمان مليار سنة «ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام».

أعرف وتعرفون أن الجيوبولوتيكا (الجغرافيا السياسية) هي جهة الشمال في بوصلة الاستراتيجية السياسية، ودعكم مما قاله الاستراتيجيون الكبار عن دور الحرب في السياسة (وبالعكس). المسألة السياسية في بساطة ولادة الجبال، إن الجيولوجيا المولّدة للجبال هي الديالكتيك المادي الذي يُكمل قانون الحياة وصراعاتها، وفي المقدمة منها قانون «التحدّي والاستجابة».

تولد الجبال في الرحم العميق للبحار، وعندما يبلغ ترسّب الطمي في الوهدات البحرية شأواً عظيماً من الثقل، فإن حواف الوهدة تنثني كما تنثني محفة من القماش تحمل فيلاً أو ديناصوراً، ومن ثم يحصل الذي يحصل عندما تضغط بأصابعك على أنبوبة معجون الحلاقة أو الأسنان.

هذا مدخل التفافي طويل قد يفيد في فهم كيف ولدت إسرائيل في رحم فلسطين، وكيف ستولد فلسطين من رحم الاحتلال الإسرائيلي، بفعل الضغط الجانبي الديموغرافي والضغط الجانبي السياسي المقابل له.. وخاصة عندما تصير البؤرة مستوطنة وهذه كتلة، ومجموع الكتل الاستيطانية يشكّل عموداً فقارياً ثانياً لدولة إسرائيل، إضافة للعمود الفقاري على خط الساحل.

المهم، أن السيد بيبي يشقّ عليه وقف «الازدياد الطبيعي» للمستوطنات، بينما تواجه إسرائيل ضغط الديموغرافيا الذي يهدّد بدولة ثنائية القومية، وضغط العالم السياسي لإقامة دولة فلسطينية.

هكذا، اقترح على مضيفه الإيطالي سيلفيو برلسكوني «مخرجاً عقارياً» لدولة فلسطينية مجرّدة من السلاح (لا بأس) ولكن تتوسطها مستوطنات تنمو نمواً شاقولياً، أي تتحوّل من منتجعات ذات بيوت سطوحها قرميدية إلى «أبراح سكنية».

من أين استوحى رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الفكرة؟ إذا كان «الحق على الطليان» فلماذا لا يكون الحق معهم، وتغدو المستوطنات الممتدة أفقياً ممتدة عامودياً، كما هو حال أبراج «سان جيمنانو» في إقليم توسكانا.

بما أن هذه الأبراج ستكون شققها بأسعار بخسة قياساً لأبراج «أكيروف» في تل أبيب التي يسكن في إحدى شققها الذي كان وزير الدفاع إيهود باراك، فإنها سرعان ما تمتلئ، ويرتفع عدد اليهود في أراضي الدولة الفلسطينية من ربع السكان إلى نصف السكان، وهكذا تصير فلسطين دولة ثنائية القومية، بدلاً من أن تصير أرض فلسطين دولة ثنائية القومية.

لسوء الحظ، أو لحسنه، فإنّ الأمور التي تحصل طبيعية في قوانين الجيولوجيا قد لا تحصل بصورة تعسّفية في قوانين الجغرافيا السياسية.. وهكذا، بدؤوا في إسرائيل بالبثّ على موجة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة.

آخر المنضوين في هذه الموجة هو رئيس الأركان السابق شاؤول موفاز.

يوجد في جانبنا الفلسطيني ما يقابل هذه الأفكار، ومنها قبول حركة «حماس» بدولة فلسطينية على خطوط/ حدود العام 1967 مقابل «هدنة ممتدة» غير محدّدة الأوان، أو قابلة للتجديد، ولكن دون اعتراف متبادل، ودون إنهاء الصراع.. ومع رفع علم حق العودة على ساربة الزمان السرمدي.

يمكن فهم خطوات إسرائيل في رفع الحواجز المأهولة (المحمية بالجنود) وتجميد التغلغلات العسكرية في أربع مدن في سياق إنتاج إسرائيل لدولة فلسطينية مؤقّتة.. فكيف يمكن فهم دولة فلسطينية غير مؤقّتة مع هدنة ممتدة؟ من الذي سيفرض على إسرائيل قبول «حق العودة» إذا كان الصلح موقوتاً لا سلاماً بين دولتين؟ ومن الذي سيفرض على دولة فلسطين قبول يهودية دولة إسرائيل، وفوق ذلك قبول رعوية إسرائيلية لنصف مليون مستوطن، سرعان ما يصبحون مليوناً؟

اللعبة الصحيحة لحلّ الصراع هي مقاربة الشروط الفلسطينية مع الشروط الدولية المتوافقة مع مشروع السلام العربي.

أفضل ما كان على «حماس» أن تفعله هو الجلوس على مقاعد الاحتياط، والاحتفاظ بأيديولوجيتها لتشكّل جداراً يحدّ من التنازلات الفلسطينية، بدلاً من دخول لعبة التسويات، وبخاصة أن الفريق اليميني الإسرائيلي يلعب بلاعبيه الأساسيين كلهم دون أي احتياط إذا فشلت مساعي إسرائيل لصياغة فلسطين على هواها.

الدول تولد وتموت أسرع مما تولد الجبال وتموت.

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيء بالشيء لا يُذكّر الشيء بالشيء لا يُذكّر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab