ما الذي يحتاجه الفلسطينيون

ما الذي يحتاجه الفلسطينيون؟

ما الذي يحتاجه الفلسطينيون؟

 العرب اليوم -

ما الذي يحتاجه الفلسطينيون

حسن البطل

ما أسهل القول (الصحيح على علاته؟) بأن أزمة الديمقراطية تعالج بمزيد من الديمقراطية. وما أسهل القول المعاكس (الغلط على تعليلاته) بأن "ما لا يؤخذ بقوة يؤخذ بقوة أشد". يسهل القول إن الفلسطينيين مرضى (ثلاث مرات عنونت ثلاثة أعمدة: "المريض الفلسطيني"). مرضى بالأمل المراوغ والخيبة المرة، بالاخوة وبالتناحر، بالصمود العجيب والانهيار غير المفهوم. لنترك القول والأقاويل، إلى الطب الجسدي، الفيزيولوجي، وإلى الالتهابات والانتانات والأخماج التي تعالج، حديثاً، بالمضادات الحيوية (أنثى ـ بيوتيك). تصادف وجع القلب والروح، مع وجع جسدي لديّ. حيث التهب ضرس، أي التهب الفك. عليك بالأنثى ـ بيوتيك هذا. وكما في تعليمات أي دواء، وأدوية المضادات الحيوية وأمراض الحساسية خصوصاً، فهناك مضاعفات أو تأثيرات جانبية. لسبب ما، وراثي، فإن " قوة الدم" لديّ ضعيفة، رغم أنني مدخن من 40 عاماً (التدخين يرفع قوة الدم وهمياً درجتين). بعد أسبوع، وصبيحة الأمس، نهضت نشيطاً من فراشي، لتدهمني دوخة لا عهد لي بها. هل هذه خثرة أو جلطة؟ كلا.. لقد أخلّت المضادات الحيوية بضعف قوة الدم لديّ، فزادته ضعفاً. عليك أن تأكل جيداً مع هذه المضادات. من الطب الجسدي إلى الطب النفسي، حيث للروح كما للجسد نقطة احتمال معينة، بين الأمل والخيبة، وهبة باردة ثم ساخنة.. وفي النتيجة، فإن المجتمع يمرض كما الفرد يمرض، كما الحزب والسلطة والأيديولوجيا. خبرة الفلسطينيين في الحروب والمحن لا ترافقها خبرة في علاج الصدمات النفسية للجمهور، التي تفاقم تأثيراتها سيول من التحليلات والتحليلات المضادة، بحكم أن المجتمع الفلسطيني مفتوح على النقاش العام، سواء بوجود الفضائيات أو قبل وجودها. تعرفون في الطب أن بيئة نظيفة عموماً، من شأنها أن تحد من سريان مرض وبائي، لنقل "الايدز" مثلاً، أو أن مجتمعاً يعيش شروطاً جيدة وحالاً مزدهرة، سينبذ سريعاً أقلية مريضة بالعنف والتطرف مثلاً. أو أن حكومة ناجحة في تقديم الخدمات الأساسية للجمهور، وتملك إدارة فاعلة وكفؤة، تستطيع أن تواجه تذمراً من بعض الجمهور، أو تلبي حقوقه المحقة. خلال سبع سنوات، مرت على هذا الشعب أقسى الاختبارات المتناقضة، والأحداث المتعارضة. دمرت إسرائيل مفاصل السلطة الإدارية والأمنية، وخسر الشعب قائده، وجرت انتخابات ديمقراطية، وحوارات لا تنقطع. ومن عسف الحواجز.. إلى تعسف الفلتان الأمني.. ومن تقديس الوحدة الوطنية الى طعنها في الصميم. ما الذي يحتاجه الفلسطينيون كمجتمع؟ هل إلى مزيد من "النقد الذاتي" ومن الاجراءات التصحيحية المتعارضة؟ الحسم بالقوة، أم الحسم بسياسة رشيدة؟. يحتاج الجمهور الفلسطيني إلى مؤتمر مفتوح لاختصاصي الطب النفسي الجماعي، وطب الحروب النفسية، والى تحليل عميق وجريء لأمراض نفسية عامة ترافق الأزمات والحروب. بعد حرب تشرين الأول 1973، وضع الاختصاصيون الإسرائيليون مجتمعهم على "أريكة" التحليل النفسي، مجموعات وأفراداً.. وعقدت مؤتمرات وحلقات دراسية، وبرامج تلفزيونية وتربوية مدرسية. حتى الآن، عندما تسقط الصواريخ الفلسطينية البسيطة على "سديروت" يأتي المساعدون الاجتماعيون والنفسيون للجمهور المصدوم في أعقاب سيارات الاسعاف. في المقابل، نحن نباهي الآخرين وأنفسنا بقدرتنا العجيبة على الامتصاص و"الصمود" والتحمل.. غير أن للروح نقطة انكسار، وللغرانيت الصلب نقطة انفراط، وللماء الذي يغلي نقطة تبخر، وللحديد نقطة ذوبان. سيقول البعض إن إيمان الشعب يسلحه بقوة روحية وطاقة على التحمل.. "ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" و"حسبي الله ونعم الوكيل". نعم.. الإيمان قوة روحية.. لكن، عندما يتم استخدام مفردات الإيمان والجهاد والأخوة الإسلامية مع ممارسة ما يعاكسها.. فإن نقطة الانكسار الروحية والنفسية تقترب، أو يصاب البعض بتحجر في الحواس والقلب. إما صراخ القطيع المذعور وإما "صمت الحملان" قبل الذبح. لدينا مئات المنظمات غير الحكومية التي تعنى بالديمقراطية.. والقليل جداً من المنظمات التي تعنى بالصحة النفسية. يكفي الجسد الفلسطيني كل هذه الأوزار، ويكفي الروح الفلسطينية كل هذا الشحن والشحن المضاد. أقوى ما يملكه الفلسطينيون هو روحهم المعنوية.. وقد أصابها العطب.

arabstoday

GMT 12:33 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

من يمول إعمار غزة.. وبأي شروط؟!

GMT 12:31 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 12:30 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

آلَةُ العَيشِ صِحَةٌ وشَبَابٌ

GMT 12:27 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مصر ومضات الحضارة المتجددة

GMT 12:26 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

ترمب والحوثي... أفلح إن صدق

GMT 12:23 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

التنصيب وما بعده!

GMT 12:21 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

جيه دي فانس... صراع المؤسسين والشعبويين

GMT 12:19 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

من طبيب أورام!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي يحتاجه الفلسطينيون ما الذي يحتاجه الفلسطينيون



ياسمين صبري أيقونة الموضة وأناقتها تجمع بين الجرأة والكلاسيكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 03:28 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

أول عاصفة ثلجية في تاريخ تكساس والأسوء خلال 130 عاما

GMT 15:30 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الاحتلال الإسرائيلي يواصل العملية العسكرية في جنين

GMT 16:20 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يعلن التعاقد مع كولو مواني على سبيل الإعارة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab