مفارقات مسرح عمليات

مفارقات "مسرح عمليات"

مفارقات "مسرح عمليات"

 العرب اليوم -

مفارقات مسرح عمليات

حسن البطل

1 - طبعة فوق طبعة. جنازير "المركفاة" تطبع، على التراب الجاف الناعم، كما كان ملوك المدن - الدول يطبعون على الفضار الرطب الناعم، شعاراتهم المسجلة. نعل قدميك يطبع فوق آثار جنازير الدبابة توقيع خطوتك، كأنها بصمة القدم، كما الابهام بصمة اليد. لا أحد يهتم، في هذا الكيلومتر المربع، بمهنة عتيقة، تعود إلى عصر الصيد، وتسمى "قصّ الأثر". التسلل على الأقدام يمتهن التغلغل على الجنازير. آثار الدبابة، المجنزرة تدل عليها، وآثار أقدام السابلة تدل عليهم. لكن عساكرهم، في بروجهم الحديدية المتدحرجة، لا يستمتعون كما تستمتع عندما تطبع أثر نعليك فوق طبعة جنازير الدبابة، التي تشبه "ختماً اسطوانياً " طويلا. 2- المطر، الريح وغوائل الزمن تمحو صراع الطبعات على تراب منطقة "البالوع". لكن، ثمة صراع آخر بين الأكوام: تليلات أشبه بقبعة بيت "الخلد" تكومها الجرافة الحديدية، المرافقة للملالة التنكية، المرافقة للدبابة الفولاذية. تليلات تجاورها من الانقاض وتكومها شاحنات القلاب الفلسطينية، وهي مخلفات أحجار البناء، أو أحجار حفر أساس البناء. هكذا، يغدو أديم الارض متخماً بأكوام التراب وأكوام الانقاض الحجرية، كما لو كانت بقعة الارض مصابة بثبور الجدري! 3- لا تكتمل الكوميديا البنيوية (من "البنية التحتية ") دون مفارقة صارخة، حيث تنهض من مسرح العمليات العجيب هذا عمارات سكنية باذخة حقاً. لسبب ما، يسخو الفلسطيني سخاء حاتمياً (من حاتم طي) على بناء دور سكن: قوية كالطود، جميلة مثل وردة الحجر. لكنه يبخل بخلاً جاحظياً (من الجاحظ) على شق الطرق. كل وحدة سكنية فاخرة في "البالوع" تمد لسانها لـ "أكواخ" مستوطنة "بيت إيل" وكل شارع، مشجّر ونظيف، في المستوطنة، يمدّ لسانه لـ "زواريب" منطقة "البالوع". 4- من كتف طريق سردا - الجلزون الالتفافي الفلسطيني، تلقي نظرة حنين الى كوع سردا، الشهير الفسيح. كوع مهجور تماماً.. إلاّ من حركة سيارات الاسعاف (وتظاهرة الطلبة الاجانب في جامعة بيرزيت). كان الكوع ذاته شهيراً بالطابور التنكي الطويل؛ طابور اصفر (لون سيارات الأجرة) الذي قد يمتد من نزلة فندق "بست ايسترن" الى "مفرق سردا". نظرة الحنين يخالطها شيء من الشماتة الطفولية: قبل انتقال مسرح عمليات التسلل الى الكيلومتر المربع المحتل في "البالوع".. كانت الدبابة الرابضة على تلة الكوع تقهر ارواحنا: هم "فوق" ونحن "تحت" ؟! الآن، تمر "السلحفاة" الصفراء التي تقلنا فوق مربض الدبابة. الدبابة تثير غبارا، وعجلات السيارة تثير غباراً.. ثم يتعانق الغبار مع الغبار. "فكوا الطوق. فكوا الطوق: اليوم تحت وبكرة فوق " هكذا كان يهتف جيل المرحوم اميل حبيبي ابان الحكم العسكري المفروض على قرى الجليل، منذ اقامة اسرائيل حتى منتصف الستينيات... ها نحن" نفكفك" الطوق: بالأمس كان مربض الدبابة فوق كوع سردا، واليوم صار مربض الدبابة أسفل الطريق الوعر الالتفافي. 5- طبعة نعلك تعلو طبعة جنزير الدبابة (وبالعكس طبعاً). أنقاض مخالفي ترحيل مخلفات البناء الفلسطينيين تجاور انقاض منتهكي السيادة الفلسطينية. غبار السيارة المدنية الفلسطينية المتسللة يعانق غبار الدبابة الاسرائيلية.. التي تحاول منع التسلل. .. ماذا ايضاً، تحصيناتنا مضحكة، أشبه بقرون العجين، التي تنطحها قرون الحديد الاسرائيلية. لماذا لا؟ أليست الانتفاضة كلها نوعاً من مقاومة كف اليد للمخرز؟ الى جوار تحصيناتنا القتيلة، تدهشك قدرة الناس على احتقار قوتهم الحديدية. انهم مشغولون بورشات "تشطيب" الابنية الفاخرة. تحصيناتنا غير منيعة، لكن بناياتنا فاخرة جدا، جميلة جداً.. وشوارعنا زواريب. 6- انهم يخربون مداخل مدننا. مداخل جميلة تعبنا عليها، وفرحنا بها .. وزرعناها بالورود والاشجار. .. مع ذلك، بقي "شارع نابلس" المليء بتحصيناتنا العجينية المضحكة، التي تنطحها قرون جرافاتهم الحديدية، تقوم جرافاتنا بحفريات هائلة في الشارع، ليس من أجل تحصينات اقوى، ولكن من اجل "البنية التحتية" : المجاري. خطوط الكهرباء والهاتف. 7 - ها نحن، اذاً، "نخردق" الحصار الحديدي بنعال اقدامنا. ماذا نفعل من اعجوبة أيضاً: هم يدربون أطقماً جديدة من سائقي الدبابات، ونحن ندرب مفاصل اقدامنا: طبعة فوق طبعة. .. والغبار إلى النسيان.

arabstoday

GMT 05:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 05:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 04:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 04:53 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 04:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 04:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفارقات مسرح عمليات مفارقات مسرح عمليات



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 03:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
 العرب اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab