حيفا؛ شمّة هَوا لفحة هوى

حيفا؛ شمّة هَوا.. لفحة هوى!

حيفا؛ شمّة هَوا.. لفحة هوى!

 العرب اليوم -

حيفا؛ شمّة هَوا لفحة هوى

بقلم - حسن البطل

في الدوّار ثلاث دوائر، وفي الدوائر الثلاث ثماني نخلات.. يا له من توصيف مُجحِف، لولا أن الدوّار الجديد يحمل اسم الذي على شاهدة قبره نقشوا وصيته: «باق في حيفا».قبل ثماني سنوات، وعلى وجه الصبح، قادتنا سهام داود إلى صاحب القبر الرخامي المضيء، ربما لأن القمر كان في تمام البدر. سنراه في غزة مرّة واحدة. سنراه في رام الله عدداً من المرّات.. لكن، ما أن رآنا ورأيناه أوّل مرّة في نيقوسيا.. حتى جلجل صوته على الباب.. وسيظل يجلجل « والله لو شافكو شارون لقال خسرت ها الحرب».

بعد غيبة ثماني سنوات عن حيفا، حضرنا لنحضر، على صهوة الكرمل تماماً، تأبين ذكرى الأربعين لصاحب الميدان في رام الله، أو لصاحب القبر الجنوبي العالي.. أو لصاحب الغياب الذي يزداد سطوعاً في حضوره. سهام شابت.. وابتسامتها البيضاء أكثر بياضاً.

حيفا من هنا بدأت / وأحمد سُلّم الكرمل / والندى البحري والزعتر».. هل بدأت حيفا من وادي النسناس، والحليصة ووادي الصليب ومن البور؟ نزلتَ من الكرمل أم تصعدُ إليه؟ أم يبدأ الكرمل من سفح الجبل (هدار هاكرمل)؟ من «شارع بن غوريون» الذي يقودك صعوداً إلى «شارع هرتسل».. أم من «دوّار اميل حبيبي» تبدأ حيفا الحقيقية.. حيفا - البلد؟

للشاعر أن يرى ما يريد؟ فلمّا رأيتُ ما رأى الشاعر، من سفح الجبل ومن صهوته، فهمتُ ماذا يريد أن أرى. رأيت، ليلاً، أن للكرمل سُلّماً فعلاً. إنه مرقى من 500 درجة. إنه العَلَمُ الأبرز على سفح الكرمل. إنه يشبه نخلة خرافية مشعشعة بالضوء.. وهذا هو معبد البهائيين. إنّه الدليل الأوّل في مفتاح المطوية (البروشور) السياحي عن مزارات مدينة الكرمل، يصعده البهائيون وحدهم في طقسهم وحدهم.. لكن، نحن صعدنا الكرمل، من دوار اميل إلى شارع بن غوريون، فشارع هرتسل. هناك على صهوة الكرمل، في قاعة تشبه ما يشبه قصراً ثقافياً قال الشاعر: «كل ما كان منفى يعتذر إلى كل ما لم يكن منفى». هل ذهبت منافينا سدى؟ لا أعرف!

بعد أقل من 30 ساعة، وقفت ليلاً على التلّة حيث يرقد صاحب القبر العالي. لم أعتذر إلى البلاد من المنفى أو إلى المنفى من البلاد. اعتذرت من الشاعر لأنني بُسْتُ يد ورأس أمّه في غيابه. «جايين من رام الله يمّا».. وفي الوداع قالت بصوت واهن: «سلموا لي على ولدي يمّا». يا الله كم يشبه أمّه هذا الذي صار نجيب إخوته، هو أكثر من شقيقيه أحمد وزكي (الشقيق الثالث نصولي نزيل
المستشفى). له لون عيني شقيقه أحمد.. وله، وحده من بين إخوته، أصابع أمّه.. طويلة ورشيقة.. وتلك الحركة براحتي يدين مفتوحتين وأصابع منفرجة، تبدأ من جوار مكمن القلب وترسم فضاءً ممتداً ومفتوحاً. كما رأيتم الشاعر يتلو قصائده عليكم.

لسيّد الكلام أن يتسيّد الكلام. لشقيقه زكي أن يقتصد في كتابة القصص.. وأمّا شقيقه أحمد فله أن يقلق، وهو أستاذ المدرسة، على اعوجاج لغة الضاد على ألسنة الجيل الجديد.. ولي أن أبتسم، ربما لأن حيفا بقيت حيفا، وعكا صارت عكو، ويافا صارت يافو.. أو لأن على بوّابة تلك الصالة على صهوة الكرمل كلمة واحدة بالعبرية وسهم (عل - طقس) أي (إلى مكان الاحتفال).

 كم عاصمة لهذه البلاد؟ لشعبي / شعوب هذه البلاد؟ تل أبيب، القدس، رام الله.. ولكن حيفا بالذات عاصمتي.. مسقط رأسي، وأيضاً بها كان يبدأ أول حلم العودة: حيفا.. يافا.. عكا.

صاروا في إسرائيل يحكون عن نمط المواطن تل - أبيبي، وعن نمط المواطن المقدسي.. وأمّا حيفا فهي عاصمة لسلامٍ أندلسي بعيد. حيفا مدينة والمدينة بلد.. وحيفا العربية هي عاصمة المدينة أو هي بلد - البلد. عكا العربية هي، نوعاً ما، بلد - البلد، قلب المدينة.. وأما يافا فلا طاقة لها بتل أبيب.

حمّص وفول في وادي الصليب، وتعلّمت شيئاً من كثرة البيوت العربية المغلقة. صاحب المطعم حملته الريح من أقرت. عرب وروس ويهود يوحّدهم صحن الحمّص. «يا دار.. يا دار إن عدنا كما كنّا..» أو «تنعي من بناها الدار».

حمصّ وفول على شرفة المحامية نائلة عطية.. وتعلمت شيئاً. كانت تحكي بالروسية فسألها روسي أن تعلّمه بالعربية (المي باردة).. لماذا؟ قال: جميع الصيادين هنا عرب. «مَن لا برّ له لا بحر له»، فإن كان الصيادون عرباً فقد كانت المدينة عربية.. ليكن أنها صارت مدينة الشعوب الثلاثة.
للبحّارة مفردات لغة البحر. يقول الريّس الذي على الدفّة ( أنوا anawa- إلى الأمام) أو يقول (أونوري - إلى الوراء).
* * *
احتفالية حيفا تقول: «لا هناك سوى هنا..» واحتفالية رام الله تسأل: «هوية الروح» ولصاحب القبر العالي على التلّة ههنا أن يترك السؤال معلقاً: الفكرة والدولة.

لي أن أسأل: ثلاثة نهارات وليلتان هل كانت «شمّة هوا» أو كانت «لفحة هوى»؟

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حيفا؛ شمّة هَوا لفحة هوى حيفا؛ شمّة هَوا لفحة هوى



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab