مئذنتان وقصة المؤذّن الشامي ورئيس الحكومة الخوري

مئذنتان.. وقصة المؤذّن الشامي ورئيس الحكومة الخوري!

مئذنتان.. وقصة المؤذّن الشامي ورئيس الحكومة الخوري!

 العرب اليوم -

مئذنتان وقصة المؤذّن الشامي ورئيس الحكومة الخوري

بقلم - حسن البطل

أبو زهدي يحكي عن مئذنة الجامع الطويلة، وأنا سارح الذهن إلى الكوع الحاد في قرية سيلة الظهر نحتسي القهوة على شرفة دار أبو زهدي الحنتولي، الذي يؤكد معلومات أبو مهند عن أطول مئذنة في الضفة (بل في فلسطين)، وأنا أفكر في ذلك الكوع الحاد، حيث هوّرت (تدهورت) شاحنة الخروج من طيرة حيفا، بأسنانها وبذراع سليمة، غير مفلوجة، كانت تمزق أمي مريم حطتها البيضاء، وتعصب جراح رؤوس إخوتي.
على ذلك الكوع كانت (هوّرت) سيارة عسكرية لجنود الانتداب إلى الوادي، ومات سبعة جنود.. لم يمت أحد في شاحنة الخروج، سوى علامة لا تُمحى في رؤوس إخوتي رافقتهم حتى موتهم.
في الطريق إلى سيلة الظهر، مرقنا في قرية عطارة، من أعمال نابلس.
نفق القطار العثماني معتم وموحل، ولا أثر لقضبان سكة الحديد، لكن إخوتي كبروا وماتوا وعلامات جراح رؤوسهم لا تزول.
النفق طوله 200 متر، أمّا طول مئذنة الجامع في سيلة الظهر فهو 56 متراً.
هل صدقت أنها الأطول في بلادنا؟ لكن المعلم رحيم من بدرس ادعى أن مئذنة جامع عين عريك تفوقها طولاً.
مئذنة سيلة الظهر على التلّة، ومئذنة عين عريك في بطن الوادي؟
النفق مهجور، لكن سباق علوّ المآذن بلا نهاية، لأن مئذنة جامع العيسوية ـ القدس ارتفعت 73 متراً، وتفوقها علوّاً مئذنة مسجد أبو عبيدة 91 متراً، إلى المرتبة الأولى فلسطينياً والثانية عربياً، لأن مئذنة المسجد النبوي هي الثانية طولاً.. لكن الجزائر بنت حديثاً ثالث أكبر المساجد عالمياً، وأطول المآذن طراً وارتفاعها 265 متراً.
غادرت قرية دوما، أكبر قرى غوطة دمشق، وكان فيها ثلاثة جوامع، لمّا كان عديد سكانها 20 ألفاً، ولا أدري لمّا صارت مدينة، وسكانها 130 ألفاً.
كل ما أذكره أن أبي كان يؤدي صلاة الجمعة، مرة في الجامع الكبير وسط القرية، ومرة في «جامع أبو الرهج» على أطرافها، وثالثة في جامع صغير لا أذكر اسمه الآن.
ينشرون صوراً عن كيف كانت أزياء النساء السافرات في القرن الماضي، وكيف صارت في أيامنا هذه، لكن صديقي وسيم عبد الله، وهو مسيحي، زوّدني بقصة كيف كانت أحوال سورية قبل الاستقلال:
كان المؤذن أكرم الخلقي يؤذن في جامع، وكان جاره هو فارس الخوري. كان هذا في حي المهاجرين الدمشقي، وذات فجر يوم رأى المؤذن أن بيت جاره فارس الخوري مضاء، فحوّل جهة رفع الأذان من الجنوب إلى الشمال، لأن رئيس الوزراء عليه أن يرتاح وينام.
ما الذي حصل؟ في اليوم التالي سأل الخوري المؤذن لماذا لم يسمع صوته، وقال له: لا أنام قبل أن أسمع صوتك الشجيّ؟!
كان العروبي المسيحي، فارس الخوري، أوّل وآخر رئيس وزراء مسيحي، وقد حمله المصلّون على الأكتاف من المسجد الأموي إلى أسواق دمشق، لأنه وقف على المنبر، وكذّب ادعاءات فرنسا أنها حامية المسيحيين في الشرق، ونطق الجزء الأول من الشهادتين: «أشهد أن لا إله إلاّ الله»!
تعرفون أن المؤذن يكرر عبارات الأذان مرتين، لأنه يتجه مرة إلى جهة والمرة الثانية إلى جهة أخرى.. وهذا قبل عصر تلاوة الأذان بصوت جهير عبر السماعات الإلكترونية، وعندما كان المؤذنون يختارون من بين أصحاب الأصوات الشجيّة، وبخاصة في رفع أذان صلاة الفجر والناس نيام. الآن بعض الناس لا تنام تقريباً!
كانت عمارة «الامبريال ستيت» في نيويورك هي الأعلى عالمياً، وصار برج خليفة في الإمارات هو الأعلى حتى الآن، وكانت مئذنة قرية عين عريك هي الأعلى في فلسطين، وتجاوزتها علوّاً مئذنة مسجد أبو عبيدة، وصارت مئذنة مسجد الجزائر الكبير هي الأعلى عالمياً، الذي هو ثالث أكبر مساجد العالم بكلفة 750 مليون يورو، وبمكتبة تحوي مليون كتاب، كما كانت هناك مكتبة في جامع القرويين بتونس.
ما لم يتغير في سباق المساجد وعلوّ المآذن هو عبارات الأذان، الذي يُبثّ في الإذاعات الرسمية والقنوات الفضائية الرسمية، سوى أن المسلمين الشيعة أضافوا إليه عبارة: «.. وأشهد أن علياً هو ولي الله»!
تقول إحصائية عالمية إن الشعب المصري هو الأكثر تديُّناً، يليه الشعب الإيراني.. لكن الأميركيين هم ثالث شعوب العالم تديُّناً في ارتياد الكنائس.. خلاف كنائس أوروبا الشاغرة الآن تقريباً.
هناك مدينتان في العالم الإسلامي تتنافسان وتتسابقان في عدد المساجد، وبالتالي عدد المآذن، وهما: القاهرة ذات العشرين مليوناً، واسطنبول التركية، التي أضافت إلى كاثدرائية (أياصوفيا) أربع مآذن، وكانت كنيسة ثم صارت مسجداً، ومتحفاً.. وأعادها رئيس تركيا مسجداً.
المسجد الجامع الأموي في دمشق كان معبداً وثنياً منسوباً إلى «جوبيتر» بدلالة قوس حجري ضخم قائم حتى الآن، قبل أبواب المسجد الأموي بقليل، وفي داخله ضريح منسوب إلى الرسول «يوحنا» ويتبرّك المؤمنون به.
يُقال إن في سورية أقدم الكنائس منذ سافر بولس الرسول من فلسطين إلى الشام، ورأى وحياً أن السيد المسيح «في الطريق إلى دمشق» أسس ديناً جديداً كتابه هو «العهد الجديد» بعد «العهد القديم» المبني على «أساطير الأوّلين».
هناك غموض في بدايات الدين اليهودي، وفي بدايات الدين المسيحي، لكن لا يوجد غموض في بدايات الدين الإسلامي. تاريخ ولادة ووفاة الرسول الأعظم مدوّنان!
جانب من تقدم الحضارة الأوروبية الآن يعود إلى الثورة الفرنسية العلمانية ثم نشوء الديمقراطية الغربية سليلة ديمقراطية بلاد اليونان القديمة، لكن الجانب الآخر يعود إلى أن المسيحية أرساها وكتب أناجيلها بشر، أما اليهودية والإسلام فإن تعاليمهما جاءت بتنزيل من السماء، «من صحف إبراهيم وموسى» إلى القرآن الكريم عن طريق الوحي الإلهي «لا بدّ من وحي إلهي لينتصر الرسول» كما قال درويش.
حسن البطل

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مئذنتان وقصة المؤذّن الشامي ورئيس الحكومة الخوري مئذنتان وقصة المؤذّن الشامي ورئيس الحكومة الخوري



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab