غزة الراديكالية، الضفة المحافظة

غزة الراديكالية، الضفة المحافظة !

غزة الراديكالية، الضفة المحافظة !

 العرب اليوم -

غزة الراديكالية، الضفة المحافظة

حسن البطل

كأن احتلال إسرائيل لفلسطين برمتها أكمل نصف العمل لمنظمة التحرير الفلسطينية. هل هذا القول ناشز؟
في الأردن قليلاً، وفي لبنان كثيراً، لعبت الثورة/ المنظمة دوراً يشبه "الخلاطة" لشبيبة فلسطين في الشتات العربي. من قبل الثورة/ المنظمة كان التخالط الفلسطيني ـ الفلسطيني بين بلد عربي وآخر صعباً حتى في الزيارات العائلية والزيجات.

مثلاً: السوريون واللبنانيون يعبرون حدود البلدين بالهُويّة الشخصية، وأعرف فلسطينيين سوريين وفلسطينيين في لبنان (بمن فيهم أنا) لم يعبروا الحدود إلاّ بالبطاقة الفدائية، ثم بها وبجواز عربي مستعار، أو منتحل، أو مزور؟
بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة وغزة، التحق كثير من الشباب بالثورة والمنظمة، قادمين من الضفة وغزة.. وأيضاً من الشتات العالمي (ومتضامنون وثوريون أجانب) ربما لهذا وضع كاتب فرنسي كتاباً تحت عنوان "الفلسطينيون شعباً" أواخر سبعينات القرن المنصرم.

بعد الاحتلال عام 1967 جاء دور "الخلاطة" الإسرائيلية التي مزجت الشعب في البلاد، وسهّلت صلات التنقل والتخالط بين سكان الضفة وسكان غزة، وبينهما وبين الشعب الفلسطيني في إسرائيل.

بعد أوسلو عادت إلى البلاد "خميرة" كوادر المنظمة في المنفى، ومعظمهم ذهبوا لرؤية مسقط رأسهم أو رؤوس الآباء في قرى ومدن الساحل. التقاط صور وإرسالها للعائلة في المنفى.

هكذا، وحتى العام 2000 صار يمكن الحديث الواقعي عن شعب فلسطيني في فلسطين شاملة؛ وشعب إسرائيلي في فلسطين الغربية، باستثناء أن فلسطينيي غزة والضفة توحّدوا تحت علمهم الوطني وبطاقة هُويّاتهم، وبرنامجهم الموحد للتعليم، وأيضاً قواتهم في إطار السلطة الفلسطينية ولو لفترة.

مع ذلك، لم تمح تماماً الفوارق بين الضفة وغزة، فالأولى كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، وحمل الفلسطينيون فيها هوية وجواز سفر.. وعلماً أردنياً. أما في غزة فبقيت تحت وصاية وحكم عسكري ـ مدني مصري.. وعلم فلسطين، أيضاً، وحتى "حكومة عموم فلسطين" المنحلة سريعاً.. ووثيقة سفر صعب السفر بها!

شكل اللاجئون من فلسطين ـ النكبة (إسرائيل) حوالي 70% من سكان قطاع غزة، وحوالي 40% من سكان الضفة، وقاموا بتجديد "نهضة" فلسطينية على الصعد كافة: من الكفاح إلى التعليم إلى الاقتصاد والعمران.. كما كانوا قبل النكبة وأكثر.

مع ذلك، يمكن القول إن غزة كانت وبقيت وتبقى "راديكالية" بينما الضفة كانت وبقيت "محافظة"، علماً أن نعت "راديكالية" يعني ديناميكية يسارية أو قومية أو دينية أو حتى شيوعية.

غزة "الفلسطينية" بعد النكبة وتحت وصاية مصرية غير الضفة الفلسطينية تحت الوحدة والإلحاق الأردني.. وهكذا مرّت على غزة تقلبات وموجات من "العروبة" الزائدة بعد مصر الناصرية، إلى الفلسطنة "الفتحاوية" وحتى إلى ملامح عروبة يسارية متطرفة نحو الجبهة الشعبية "(هل تذكرون غيفارا غزة؟).. ولاحقاً صارت غزة إسلامية تحت حكم "حماس".

أسمع وأقرأ أقاويل وترجيحات بأن "حماس" قد تفوز في انتخابات ديمقراطية تجري شاملة سكان شطري السلطة، ولكنها سوف تخسر في عرينها الغزي.. ليس لأن الغزيين جرّبوا والضفاويين لم يجرّبوا إلاّ قليلاً، بل لأن غزة تبقى متقلبة وراديكالية كل 15 ـ 20 سنة، والضفة تسود فيها القروية والفلاحية والمحافظة. هل مقاومة غزة 2014 مثل مقاومة "فتح" في الكرامة 1968؟ الاتجاه العام الشعبي في غزة غير راضٍ أو قانع أو قابل باستمرار حكم "حماس" وربما هذا الاتجاه في الضفة غير راضٍ أو قانع أو قابل بحكم السلطة وتحالف فصائل م.ت.ف.

في الخلاصة: كانت "فتح" مثل بدن أو هيكل طائرة، وكانت الفصائل اليسارية المتحالفة معها في إطار المنظمة مثل جناح يحوي جنيحات. الآن تشكل "حماس" جناحاً آخر للطائرة ـ الحركة الوطنية الفلسطينية.. وعلى جناحي "فتح" و"حماس" أن يحرّكا الجنيحات لتطير الطائرة بأقل ما يمكن من "الاهتزازات" بعد المطب العميق في عامي 2006 و2007.

كانت دولة إسرائيل ترى نفسها محاطة بما يشبه "كماشة" عربية أبّان حقبة عربية شهدت وحدة مصر وسورية القصيرة، أو الجبهة الشرقية العربية الفاشلة. هذا لم يعد الآن موجوداً.

الآن، إسرائيل تشكل عازلاً جغرافياً وسياسياً بين شطري بلاد السلطة وشعبها، لكن الشعب واحد فيهما، وهي لا تريد دولة فلسطينية حقيقية ومستقلة تراها مثل فكي كماشة سياسية!

حذّر الجنرال موشي دايان، غداة حرب حزيران 1967 أن تصبح سيطرة إسرائيل على الضفة وغزة مثل جمرة في الكفّ. ربما كان صاحب النصر الخرافي صاحب نبوءة.

أشياء وأفكار وسياسات قديمة لن تعود كما كانت.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة الراديكالية، الضفة المحافظة غزة الراديكالية، الضفة المحافظة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab