ماذا يفعل هذا الرجل

ماذا يفعل هذا الرجل؟

ماذا يفعل هذا الرجل؟

 العرب اليوم -

ماذا يفعل هذا الرجل

غسان شربل

 لكل زعيم زعيم آخر يؤرقه. ظلّه يأكل معه من صحنه. ينافسه على الموقع في كتب التاريخ. ويدس السم في يومياته. وعاشق الزعامة لا يرتضي الموقع الثاني في السلطة أو الكتب. صفة الرجل الثاني ليست ممتعة إلا إذا كانت محطة انتظار لإزاحة الرجل الأول.

ينظر رجب طيب أردوغان إلى منافسيه الحاليين ويرجع بابتسامة استخفاف. يذهب إلى الانتخابات ليرسخ قناعته بأنه الملاكم الكبير الوحيد على الحلبة. لا يعترف بصفة الخصم الكبير إلا لرجل ينام في قبره. اسم الرجل كمال أتاتورك. ويحتفظ بصفة العدو الكبير لرجل يقيم في سجنه التركي. واسم الرجل عبد الله أوجلان.
كان ذلك قبل اندلاع الجحيم في سورية. وكان شهر العسل بين أنقرة ودمشق مفتوحاً وطويلاً. استقبلني أردوغان في إسطنبول التي يعشق. وكان شديد الهدوء على غير عادته. وأنا ككل صحافي أبحث عن عنوان مهم ومثير. سألته عن سورية فاستخدم كلمتي أخي وصديقي في وصف علاقته بالرئيس بشار الأسد.

قلت اذهب إلى الموضوع الإيراني. سألته إن كان يعتبر إيران عدواً أو خصماً فأصر على أنها دولة جارة ويمكن في أقصى الحالات أن تعتبر منافساً في الإقليم وعلى قاعدة الحوار والتعاون. قلت أذهب أبعد. سألته عن رد فعله إذا استيقظ ذات يوم على نبأ دخول إيران النادي النووي فاكتفى بالقول: هذا موضوع يدرسه العسكريون في حينه.
قلت أكسر رتابة الحوار بسؤال شبه استفزازي. لاحظت أنه يجلس تحت صورة أتاتورك. سألته مشيراً بإصبعي إلى الصورة: «ماذا يفعل هذا الرجل في عهد حزب العدالة والتنمية؟». رد بابتسامة مقتضبة لتغطية انزعاجه واستفسر عن السؤال التالي. وكأنه أراد إفهامي أن ليس من حق الصحافي أن يمازح السلطان بسؤال خبيث.
اندلعت النار السورية. ما كان وداً عميقاً بين أردوغان والأسد تحول كرهاً سافراً ومشاعر ثأرية. كأن الانتقام هو مستقبل كل غرام.

لازمني سؤال ماذا يفعل هذا الرجل حين تدفق آلاف المقاتلين الأجانب للانخراط في القتال الدائر في سورية. صحيح أن الحدود التركية-السورية تمتد نحو 900 كيلومتر. وصحيح أنها تغص بأمواج اللاجئين السوريين الهاربين من النار التي يسكبها جيشهم. لكن الصحيح أيضاً هو أن الجيش التركي، وهو من الأقوى في المنطقة، لا يمكن أن يكون غافلاً عن تسرب آلاف الجهاديين إلى سورية عبر المعبر التركي. ماذا يفعل هذا الرجل؟
عاد إلي السؤال نفسه حين زرت مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان في كانون الثاني (يناير) الماضي في غرفة عمليات على خط المواجهة مع «داعش». كان بارزاني يتساءل عن السبب الذي دفع «داعش» إلى التصرف وكأن الأكراد هم عدوه الأول.
وتردد في الشهور الماضية في أوساط الأكراد وخارجها أن «الخيط التركي» هو ما جعل تنظيم «داعش» يحاول قصم ظهر إقليم كردستان العراق مستفيداً من الترسانة المتطورة التي غنمها من الجيش العراقي في الموصل ومواقع أخرى.

بعد الذي جرى في كوباني شعرت برغبة في الاستماع إلى صالح مسلم رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي في سورية والذي قاد عملياً معركة كوباني من موقعه. غادر مسلم تحفظه السابق وقال لـ «الحياة»: «داعش أداة تدمير تركية تستخدم لإحداث تغيير ديموغرافي في مناطق الأكراد». فقلت في نفسي ماذا يفعل هذا الرجل؟
لا أريد تبني اتهامات تربط «داعش» بأجهزة تركية على غرار ما كان قائماً بين حركة «طالبان» وأجهزة باكستانية. لا أدلة لدي. لكنني تساءلت بعد الحوار مع بارزاني ثم مسلم لماذا تصدر الأكراد لائحة أعداء «داعش» في حين كان يفترض أن يتصدرها آخرون؟

أردوغان رجل المواقف التي تذهب بعيداً لكنه أيضاً رجل الانعطافات. أيقظت هجمات «داعش» جمر الأكراد في سورية وكذلك في تركيا. استدار لمنع ولادة «إقليم كردي في سورية» إذ يكفيه سم وجود إقليم كردي في العراق. شم في نتائج معركة كوباني رائحة عدوه الثاني عبد الله أوجلان. أرسل طائراته لتقصف «داعش» و»حزب العمال الكردستاني» في الوقت نفسه. وفتح أمام الطائرات الأميركية قواعد تركية لاستخدامها.

واضح أننا أمام صفحة جديدة في الأزمة السورية. وفي لعبة حجز المواقع والأدوار والأوراق خصوصاً بعد الاتفاق النووي. يريد أردوغان منع اندراج المناطق الكردية في سورية في كيان متصل الحلقات. يريد أيضاً إقامة «جزر آمنة» يسكنها أعداء الأسد. أعطى باراك أوباما القواعد ويسعى للالتفاف على خطوطه الحمر.
ماذا يفعل هذا الرجل؟ تذكرت حين وضعت العنوان أنه يصلح أيضاً لمقال عن علي عبد الله صالح. وربما لمقال عن ميشال عون. أعان الله أهل الشرق الأوسط.

 

arabstoday

GMT 09:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 09:38 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لماذا يتفوق العلم؟

GMT 09:36 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

رمزان من القوى الناعمة فى مصر

GMT 09:35 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أغانى المهرجانات التى نتعالى عليها!!!

GMT 09:33 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

صور متخيلة لعالم وهو ينتقل من عام إلى آخر

GMT 09:31 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 09:28 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

كليوباترا وسفراء دول العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يفعل هذا الرجل ماذا يفعل هذا الرجل



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة
 العرب اليوم - 9 إطلالات رياضية أنيقة من نجمات الموضة

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 العرب اليوم - 25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025

GMT 04:34 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

بشار الأسد يُصنَّف كأكثر الشخصيات فساداً في العالم لعام 2024
 العرب اليوم - بشار الأسد يُصنَّف كأكثر الشخصيات فساداً في العالم لعام 2024

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 06:35 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

واتساب يوقف دعمه لأجهزة أندرويد قديمة بدءًا من 2025

GMT 18:43 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

فيروز على أعتاب تكريم جديد بجائزة النيل لعام 2025

GMT 01:29 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.5 درجة على مقياس ريختر يضرب إيران

GMT 00:29 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

إصابات في انفجار سيارة مفخخة في ريف مدينة حلب السورية

GMT 04:10 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

8 قتلى في غارة على منزل شمالي غزة

GMT 20:14 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الإمارات تحتفل بعام 2025 بعروض ألعاب نارية وفعاليات مبهرة

GMT 05:34 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

ليفربول يرفض بيع أرنولد إلى ريال مدريد في يناير

GMT 11:22 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

قصف إسرائيلي على خان يونس يقتل 3 فلسطينيين ويصيب آخرين

GMT 05:31 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

باريس سان جيرمان يستهدف فلاهوفيتش من يوفنتوس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab