المرشد «شريكنا الصعب»

المرشد «شريكنا الصعب»

المرشد «شريكنا الصعب»

 العرب اليوم -

المرشد «شريكنا الصعب»

بقلم : غسان شربل

مسارعة إيران إلى إعلان مقتل 13 من «مستشاريها» في معارك خان طومان قرب حلب، هي رسالة تذكير لمن يعنيه الأمر. تذكير بأن إيران تقف على خط الدفاع الأول عن نظام الرئيس بشار الأسد. وإذا كان بديهياً أن تكون الرسالة موجهة إلى أعداء النظام، فإنها موجهة بالقدر نفسه إلى اللاعب الروسي.

كان باستطاعة إيران ألا تكشف سقوط مثل هذا العدد في معركة واحدة. وأن تشيِّعهم تدريجياً. لكنها اختارت هذه المرة طريقاً آخر. الإعلان نفسه يلزمها بانخراط أكبر في المعارك الدائرة. الملفت هنا أن الإعلان جاء في أعقاب تأكيد طهران أنها أبلغت موسكو أن بقاء الأسد هو خط أحمر لا تقبل تجاوزه. والملفت أيضاً أن الإعلان الإيراني تزامن مع إعلان موسكو لا دمشق تمديد الهدنة في حلب. وجاء الإعلان أيضاً بعد افتتاح الرئيس فلاديمير بوتين عبر الفيديو حفلاً موسيقياً في مسرح تدمر. للقيصر والمرشد أسلوبهما في تدبيج الرسائل.

من التسرع الحديث الآن عن خلاف روسي- إيراني صريح على الملعب السوري. لا مصلحة للطرفين في هذه المرحلة في تحويل الاختلافات في المقاربات إلى خلافات علنية. ثم إن لا شيء يشير إلى أن الأزمة السورية دخلت فصلها الأخير أو هي تقترب منه. لكن من التسرع أيضاً الحديث عن تطابق حسابات إيران وروسيا في الأزمة السورية.

واضح أن روسيا التي منعت إسقاط النظام، تريد إضعاف المعارضة لإرغامها على السير في حل عبر التفاوض. وأنها تريد تفادي أي مشهد سوري يعيد التذكير بالتورط في أفغانستان. تريد روسيا إنهاك المعارضة لكنها لا تريد سحقها بالكامل. لا تريد الإيحاء أن تدخلها تسبب بنكبة للمكون السني في سورية. مثل هذه النكبة ستلصق بروسيا دور «الشيطان الأكبر» في العالم الإسلامي. ويمكن أيضاً أن تترك آثارها لدى عشرين مليون روسي مسلم.

في ضوء ما تقدم، هناك من يعتقد بوجود اختلافات جدية بين المقاربتين الروسية والإيرانية. تضع روسيا الملف السوري في الإطار الواسع والمتشابك لعلاقاتها الدولية والإقليمية. لهذا هناك من يراهن على عدم تمسكها بشخص الأسد حين يتوافر حل يحفظ الدولة السورية ومؤسساتها ويشرك المعارضة في الحرب على الإرهاب.

في المقابل، تضع إيران الملف السوري في جوهر حساباتها الإقليمية. المتابعون لما يجري في طهران يقولون إن المرشد علي خامنئي لا يستطيع احتمال حل في سورية يتضمن رحيل الأسد. سورية هي قلب الاندفاعة الإيرانية في الإقليم. أي تغيير جدي للنظام فيها يعيد «حزب الله» اللبناني لاعباً محلياً بعدما حوله النزاع السوري لاعباً إقليمياً. لا يستطيع المرشد رؤية ترسانة «حزب الله» محرومة من عمقها السوري.

تعتبر إيران أن بقاء الأسد يضمن الحفاظ على هذا العمق. ويضمن أيضاً تحويل الحل السياسي في سورية جراحة تجميلية محدودة أشبه بتوسيع الحكومة وتسميتها حكومة وحدة وطنية. لهذا تتمسك إيران بسحق المعارضة ولا تكتفي بإنهاكها. تريد انتصاراً قاطعاً وإحداث تغييرات لا يمكن ردها. ثمة من يعتقد أن إيران لا يمكن أن تغير موقفها في سورية إلا إذا غاب المرشد عن موقع القرار.

بعد التدخل العسكري الروسي والقبول الأميركي والغربي به تكاثرت السيناريوات. بينها أن دول المنطقة والعالم ستفضل رؤية «سورية روسية» على رؤية «سورية إيرانية». وأن الجيش السوري الذي يقاتل بأسلحة الرفيق بوتين وتدرب كثير من ضباطه في بلاده سيفضل في النهاية الاتكاء على الجيش الروسي بعدما اضطر إلى الاتكاء على الميليشيات الإيرانية. ورأى كثيرون أن التدخل العسكري الروسي الذي رسم سقفاً لطموحات المعارضة السورية رسم في الوقت ذاته حدوداً للدور الإيراني. وربما غاب عن هؤلاء حجم التغلغل الإيراني في مفاصل الدولة السورية ومعقلها المضمون.

لا شك في أن إيران كانت تفضل أن تكون المرجع الأول والأخير وصاحبة الدور الحاسم. لكن هذا الدور كان متعذراً لاعتبارات كثيرة، بينها حرصها على إنجاز الاتفاق النووي مع الغرب. ثم إن التدخل الروسي تم بالتشاور معها واختارت التعايش معه بانتظار ظروف أفضل.

حسم التدخل الروسي مسألة مهمة، وهي منع إسقاط النظام. نجح أيضاً في الإيحاء أن المشكلة في سورية هي مشكلة حرب على الإرهاب وأدار لعبة مفاوضات جنيف على قاعدة تقسيم المعارضة والتشكيك في صفتها التمثيلية. ونجح في استدراج الإدارة الأميركية إلى لعبة خفض العمليات القتالية مع توفير هامش لقوات النظام لمحاولة قلب المعطيات الميدانية. وعلى رغم الأضواء التي تركزت على تحركات لافروف ولحاق كيري بمناوراته، بدت إيران كمن يجمع كل هذه الهدايا لتوظيفها في سياستها التي لم تتغير.

واضح أن إيران تراهن على الحسم والانتصار في سورية لا على التفاوض والحل. وأنها تريد الإفادة إلى أقصى حد من الغيبوبة المضاعفة التي ستفرضها الانتخابات الأميركية على سياسة أوباما الانسحابية أصلاً. ربما لهذا السبب لا يتردد بعض المسؤولين الروس في القول أمام بعض الزائرين «إن إيران هي شريكنا الصعب في سورية».

arabstoday

GMT 00:04 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

ترمب يتقدَّم... الرجاء ربطُ الأحزمة

GMT 00:13 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

«الطوفان» الروسي

GMT 00:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

غزة بين بصمات أميركا وإيران

GMT 23:35 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

دولة لا غنى عنها

GMT 00:53 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

الخروج من الأنفاق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرشد «شريكنا الصعب» المرشد «شريكنا الصعب»



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab