السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة
الخطوط القطرية تعلن استئناف رحلاتها إلى سوريا بعد انقطاع دام 13 عامًا انفجار قرب مبنى الشرطة في ألمانيا يسفر عن إصابة شرطيين في حادثة أمنية جديدة سقوط 6 طائرات مسيرة استهدفت قاعدة حطاب في الخرطوم دون خسائر بشرية أو مادية في تصعيد لمليشيا الدعم السريع 12 إصابة في إسرائيل جراء الهروب للملاجئ بعد اختراق صاروخ يمني أجواء البلاد وارتفاع مستوى الهلع في المدن الكبرى زلزال بقوة 6.2 يضرب إحدى مناطق أمريكا الجنوبية ويثير المخاوف من توابع قوية الأرصاد السعودية تحذر من طقس شديد البرودة وصقيع شمال المملكة مع أمطار خفيفة وضباب متوقع في المناطق الجنوبية سوريا تعلن تسهيلات لدخول المصريين والأردنيين والسودانيين بدون تأشيرة وتفرض شروطًا جديدة على دخول اللبنانيين وكالة الأنباء الفلسطينية تعلن مقتل الضابط بجهاز المخابرات الفلسطيني رشيد شقو سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة السعودية ترتب تسهيلات ائتمانية بقيمة 2.5 مليار دولار لدعم تمويل الميزانية
أخر الأخبار

السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة

السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة

 العرب اليوم -

السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة

بقلم:غسان شربل

أحياناً يرفضُ صاحبُ القرار نصيحةً ذهبية كان يمكن للأخذ بها إنقاذُ شعوبٍ وخرائطَ، والحيلولة دون إهدار بحرٍ من الدماء وأمواجٍ من اللاجئين. وتزداد الخطورةُ حين يتعلَّق الأمر برئيس دولة عظمى تتكئ على ترسانةٍ عاتية. مشكلة الأصوات العاقلة أنَّها لا تتوغَّلُ غالباً في أذن صاحبِ القرار، خصوصاً في المنعطفات الحادة ومناخ البحث عن فرصة ثأر أو انتقام، حتى ولو كانت في مكانٍ خطر وغير مناسب.
هذا ما حصل على هامش قمة لحلف «الناتو» عُقدت في براغ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002. كانَ الرئيس الفرنسي جاك شيراك قلقاً من الغيوم السوداء التي تتجمَّع لتبرير غزو أميركي للعراق. جلسَ قبالةَ جورج بوش الابن، وقالَ له كلاماً صريحاً يشبهُ القراءةَ في السنوات المقبلة. قال شيراك: «إن وقوعَ حرب سيضرب الاستقرار في المنطقة، وسيكون من نتائجه إيصالُ الشيعةِ الموالين لإيران إلى السلطة في بغداد، وتعزيز نفوذ طهران في دمشق ولبنان عبرَ (حزب الله). ثم إنَّ هذه الحرب لن تكون شرعية، فضلاً على أنَّها ستُحدث انقساماً داخل الأسرة الدولية وستمرغ شرف الغرب، كذلك فإنَّها ستتسبَّب في فوضى من شأنها إطلاق موجةٍ من الإرهاب سيكون من الصعب السيطرة عليها».
لم يُظهر بوش أيَّ رغبةٍ في الاستماع إلى النصيحة. كانت أميركا مجروحةً من هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، ونظرَ مستشارو الرئيس الأميركي إلى فرنسا كدولة قديمة خانعة. والرواية من كتاب لموريس غوردو مونتاني الذي كان مستشاراً دبلوماسياً لشيراك، وتولَّى أيضاً منصبَ الأمين العام للخارجية. ولا ضرورةَ للتذكير بالأدلة التي تؤكد صحةَ توقعاتِ شيراك ومعرفته بالتوازنات التاريخية في المنطقة، والتي لم تستوقفْ صقورَ الإدارةِ الأميركية والمحافظين الجدد.
ذكَّرني كلامُ شيراك بما سمعته من رجل كان شاهداً في قصر الرئاسة العراقي في عهد صدام حسين. قال إنَّ طارق عزيز جاءَ إلى العشاء متأخراً وبوجه قاتم. كانَ الشخص الرابع في العشاء الذي أقيم في منزل أحمد حسين رئيس ديوان الرئاسة. كانَ عزيز يدرك أنَّ عباءةَ الصمت هي عباءة السلامة، لكنَّه كانَ يشمُّ رائحةَ الكارثة، وأراد أن يسجّلَ أمام أصدقائه أنَّه لم يساهم في استعجالها.
روى عزيز أنَّ القيادةَ اجتمعت برئاسة صدام حسين (بعد ثمانية أيام من الاجتياح العراقي للكويت). طُرح في الاجتماع موضوعُ ضمِّ الكويت إلى العراق، واعتبارها المحافظةَ التاسعةَ عشرةَ. سارع «رجال الرئيس» إلى الترحيب. قال عزيز إنَّه كوزير للخارجية لفتَ إلى العواقب التي يمكن أن تترتَّبَ على ضمّ دولةٍ عضو في الأمم المتحدة، وأنَّ الغربَ سيستغلُّ الخطوةَ لتأليب الرأي العام الدولي ضد العراق، وتمهيد الأجواء لاستهدافه. قال بعض الحاضرين إنَّ أميركا وإسرائيل لا تحترمان القانونَ الدوليَّ، فأوضح عزيز أنَّ العراقَ دولةٌ متواضعةُ الحجم، ويمكن أن تلحقَ بها أضرارٌ، في حين أنَّ أميركا دولة كبرى.
لاحظ عزيز أنَّ أعضاءَ القيادة لم يستسيغوا كلامَه على الإطلاق، وبدا من عيونهم أنَّهم يُعدون لإثارة غضب الرئيس القائد ضده، فاكتفى بما قاله، وكان الختامُ إعلانَ ضمّ الكويت و«إعادة الفرع إلى الأصل». والحقيقة أنَّ طارق عزيز كان من «رجال الرئيس»، لكنَّه كان يمتاز عن رفاقه ورئيسهم بأنَّه يعرف العالم وموازين القوى فيه. وكان يأمل في حال الأخذ بنصيحته أن ينتقلَ لاحقاً إلى طرح فكرة الانسحاب من الكويت قبل هبوب عاصفةِ الحرب.
أدرك المشاركون في العشاء خطورةَ ما سمعوه. سأل صاحبُ المنزل عزيز عن النتيجة المتوقعة، فاكتفى بالقول: «وحده الله يعلم النتيجة». كان العشاءُ صعباً وكئيباً، وغادر عزيز بشعور مَن تيقَّنَ أنَّ المركبَ يغرق.
في خريف 2021 تجمَّعت لدى الأجهزة الأميركية معلوماتٌ عن استعدادات عسكرية روسية قرب حدود أوكرانيا. تخوَّفت واشنطن من أنَّ الرئيس فلاديمير بوتين قد يكون في طريقه إلى توجيه ضربةٍ إلى أوكرانيا. أوفد الرئيس جو بايدن مدير «سي آي إيه» وليام بيرنز إلى موسكو حاملاً ما يشبه النصيحة والتحذير. أوصل بيرنز الرسالة إلى سيد الكرملين، وجوهرها أنَّ واشنطن تنصح بعدم ضرب أوكرانيا أو التدخل عسكرياً في أراضيها، وأنَّها لن تتساهلَ في حال حصول ذلك. لم يأخذ بوتين نصيحةَ بيرنز على محمل الجد، ومثلها التحذير المتضمن فيها. في 24 فبراير (شباط) 2022 أطلقت موسكو «العملية العسكرية الخاصة»، واشتعلت الحرب الأوكرانية التي تحولت مبارزة بين السلاحين الروسي والأطلسي.
سيكون مثيراً لو عرفنا ذات يوم شيئاً مشابهاً لِما قاله شيراك لبوش الابن، ولِما قاله طارق عزيز في اجتماع القيادة العراقية. هل كان موقف سيرغي لافروف - المجرب والمحنك، ويُفترض أنَّه يعرف العالم - شبيهاً بموقف عزيز؟ وهل تحاشى - وهو من «رجال الرئيس» - إغضابَ الرفاق الآخرين الأقربين إلى أذن سيد الكرملين؟ هل هناك مَن قدَّمَ نصيحةً بعدم اجتياح أوكرانيا وحذَّر من العواقب؟
لا مبالغةَ في القول إنَّنا نخوض في بدايات أخطر سنة منذ أيام الحرب العالمية الثانية. استقرار روسيا حيويٌّ لمحيطها وللعالم. لا مصلحة لأحد في روسيا مضطربة يمكن أن تتطايرَ أجزاء من خريطتها على غرار ما أصاب الاتحاد السوفياتي. روسيا دولة عريقة وكبيرة ولا يترسَّخ استقرار العالم من دون استقرارها. أغلب الظَّنِّ أنَّها ستربح الحرب إذا طالت، مستفيدةً من التناقضات الأميركية الداخلية والهشاشة الأوروبية. لكن ماذا ينفع روسيا إذا ضمَّت مقاطعات أوكرانية واستيقظت «الألغام» النائمة في جسدها؟
دفع العراقُ ثمنَ «أم المعارك» الصدّامية. ودفع الشرق الأوسط ثمن «أم المعارك» البوشية. لا نريد أن يدفعَ العالمُ ثمن «أم المعارك» البوتينية. صحيح أنَّ بوتين ليس بوش الابن، وليس صدام حسين، لكنَّ المخيفَ هو أن نكتشفَ، ما يصدق في أكثر من مكان، وهو أنَّ السيدَ الرئيس لا يحب النصيحة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة السيد الرئيس لا يحبُّ النصيحة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab