إنقاذ روسيا والعالم

إنقاذ روسيا والعالم

إنقاذ روسيا والعالم

 العرب اليوم -

إنقاذ روسيا والعالم

غسان شربل
بقلم- غسان شربل

روسيا القوية في مأزق. تشبه ملاكماً كبيراً اختار منازلة ملاكم أصغر منه ويتعذّر عليه إنهاء الجولة وإعلان انتصاره. والغرب في مأزق. انتصار روسيا أكبر من قدرته على الاحتمال. وإلحاق الهزيمة بروسيا أكبر من قدرة العالم على الاحتمال. روسيا المهزومة في أوكرانيا أخطر من روسيا المنتصرة فيها. هزيمة بوتين قد تدفعه إلى توسيع الحرب أو تقريب شفتي العالم من كأس مواجهة نووية. وأحياناً عليك إنقاذ خصمك بعد منعه من الانتصار والاحتفال.

استوقفتني عبارات سمعتها من رجل يعرف اللعبة الدولية واللاعبين. قال إن أميركا إمبراطورية هائلة ومع ذلك يمكن أن يديرها رجل عادي أو رجل ضعيف. رجل مزاجي أو رجل متعثر. يمكنها أيضاً أن تخسر حرباً. تشكل لجنة تحقيق وتستنتج أنَّ عليها تغيير الأحصنة. رئيس جديد وإدارة جديدة وربما أكثرية جديدة في الكونغرس. لديها مؤسسات تساعدها على استيعاب الزلازل والصدمات.

المؤسسة في أميركا أقوى من الرجل. تمنحه صلاحيات واسعة لكنّها تردعه إذا جازف وخسر أو أخلَّ بالقواعد الأساسية. روسيا قصة أخرى. لا تستطيع الشعور بالحد الضروري من الطمأنينة إلا في ظل رجل قوي. الرجل الضعيف يشعرها بأنَّها محاصرة ومهددة. وأنها تقف أمام منعطف صعب كل الخيارات فيه مكلفة. الرجل القوي يعفيها من القلق. من خوفها من الآخرين ومن القوى الكامنة داخل خريطتها. تجربة الاتحاد السوفياتي غنية بالعبر. روسيا قارة تنام على تنوع عرقي وديني وثقافي. استقرارها ضروري لأمن أوروبا وللتوازنات الآسيوية والدولية. لهذا السبب يجب مساعدة روسيا على الخروج من المأزق الأوكراني.

سيكون الأمر بالغ الخطورة إذا رأينا في الشهور المقبلة طائرات غربية متطورة تقاتل في الأجواء الأوكرانية طائرات روسية. لا يستطيع أحد ضمان ضبط حدود النزاع إلى ما لا نهاية. ثم إن العالم الحالي لا يستطيع احتمال تحول الحرب الروسية في أوكرانيا إلى حرب مفتوحة تمتد على مدى سنوات. مأزق الحرب الحالية عميق. لا يستطيع الغرب الموافقة على تقديم هدية لروسيا يمكن أن تعتبر انتصاراً واضحاً لها. روسيا بوتين لا تستطيع هي الأخرى العودة مهزومة من رحلتها الأوكرانية المكلفة. هزيمة سيد الكرملين قد تهدد الاتحاد الروسي نفسه.

الانتصار بالضربة القاضية متعذر في الحرب الروسية الأوكرانية. تتصرف أوكرانيا على قاعدة أن لا خيار أمامها غير مقاومة الغزو الروسي حتى لو بدا أنها تقوم بمهمة شبه انتحارية نظراً لحجم الخسائر البشرية والاقتصادية التي تتكبدها. حتى لو فشل الهجوم المضاد الحالي فإن أوكرانيا لن تميل إلى رفع راية الاستسلام. ستسعى إلى الحصول على مزيد من الدعم الغربي، وستعد مواطنيها بهجوم مضاد جديد ستشنه لاحقاً. روسيا ليست قادرة على حسم الحرب بالضربة القاضية، لكنها قادرة على احتمال تكاليف حرب طويلة. هذا لا يلغي حقيقة أن روسيا التي هزت المعادلات الدولية عبر الحرب الأوكرانية أضعفت موقعها في نادي الأقوياء.

لا خيار أمام أوكرانيا غير الاستمرار في الحرب. يمكن قول الشيء نفسه عن روسيا. لكن استمرار الحرب محفوف بأخطار كثيرة على الدول القريبة لجهة القلق من تطاير الشرارات، وكذلك على الدول البعيدة التي تدفع باهظاً ثمن انعكاسات الحرب على فاتورة الطاقة والحبوب. لا يستطيع العالم أن يحتمل سنوات إضافية من الحرب.

لا بد من تبلور إرادة جدية بوقف الحرب. لا بد من تقدم الصين إلى دور إنقاذي من هذا النوع، خصوصاً إذا دخلت أوروبا في مزاج البحث عن حل، واعتبرت أميركا أن روسيا لم تحصل على مكافأة نتيجة «عدوانها». ليست هناك نزاعات لا يمكن حلها أو وضعها على طريق الحل. الشعور باستحالة الضربة القاضية يجب ألا يؤسس لحرب بلا نهاية. يجب أن يفتح الباب لبلورة صيغة على قاعدة شبه انتصار وشبه هزيمة. توزيع عادل للمكاسب الصغيرة والخيبات الكبيرة. يمكن التفكير في موقع أوكرانيا المقبل على قاعدة الحياد والضمانات الصارمة إذا كانت روسيا مستعدة لدفع ثمن ما للخروج من هذا النزاع.

هل غيرت الإقامة الطويلة في مركز القرار قناعات بوتين؟ يقول بعض الذين عرفوه إنه أرسل في السنوات الأولى من هذا القرن رسائل إيجابية باتجاه الغرب. وإنه كان مستعداً لإدماج بلاده في القواعد التي كانت تحكم العالم ومؤسساته الدولية. وإنه كان مستعداً لإقامة علاقة متوازنة أو شبه متوازنة مع أميركا وعلاقات طبيعية وقوية مع أوروبا. ويلاحظون أنه اكتشف أن الغرب لم يغفر لبلاده رحلتها السوفياتية وما زال يتعامل معها كخطر لا بد من احتوائه. ويؤكدون أن مسارعة الدول التي كانت جزءاً من الإمبراطورية السوفياتية إلى إلقاء نفسها في حضن الاتحاد الأوروبي أو حلف «الناتو» جددت لديه المخاوف الروسية القديمة. لهذا راح يعتبر أن على بلاده أن تصنع أمنها وحدود دورها بتطويع الخرائط المجاورة لها. وصل الأمر به حد الاعتقاد أن عليه أن يقود انقلاباً كبيراً على العالم الذي ولد من الركام السوفياتي. في هذا السياق، يضعون قراره باستعادة القرم. وتدخله العسكري في سوريا. ورغبته في الانتقام من تدخل الأطلسي في صربيا وكوسوفو وموجة «الثورات الملونة» التي اقتربت من حدود روسيا نفسها.

تستطيع أميركا العيش في ظل رجل ضعيف لكن روسيا لا تستطيع. سيدفع العالم ثمن انتصار بوتين وسيدفع أكثر ثمن هزيمته. هل يساهم تعثر الهجوم الأوكراني المضاد، في حال حصوله، في هبوب رياح الواقعية على مراكز القرار في الغرب فتبدأ رحلة البحث عن حل على قاعدة شبه هزيمة وشبه انتصار؟ هل حانت ساعة البحث عن إنقاذ روسيا والعالم؟ وهل يشعر الكرملين بأنه يحتاج إلى من يساعده على الخروج من الاستنزاف المكلف في أوكرانيا؟ واضح أن بوتين أخطأ في التقدير حين اتخذ قرار الحرب. سيد التقارير خدعته التقارير.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ روسيا والعالم إنقاذ روسيا والعالم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab