عودة مصر إلى مصر

عودة مصر إلى مصر

عودة مصر إلى مصر

 العرب اليوم -

عودة مصر إلى مصر

غسان شربل

يستيقظ المصريون اليوم كمن يستيقظ بعد عاصفة طويلة. في القصر رئيس جاء من صناديق الاقتراع. لا يمكن الطعن في شرعيته. ولعلهم يأملون في أن تكون مصر طوت صفحة السنوات الثلاث الصاخبة. ثورتان وميادين تغص بالغاضبين والحالمين. ورئيسان من القصر إلى السجن. ومحطات انتخابية ودستورية وحملات واجتهادات وتدخلات وتفجيرات.
يعرف العرب أن مصر هي مصر. يمرضون معها إن مرضت ويتعافون إن تعافت. لا يمكن إلغاء دورها ولا الاستيلاء عليه. يعرفون كم كان غيابها مكلفاً. أغرى الغياب بعض من توهموا القدرة على الوراثة بخوض مغامرات انتزاع الزعامة. أغرى الدول غير العربية في الإقليم بالتسلل إلى الملاعب العربية والتلاعب بتوازناتها. ليس بسيطاً أن يسمع العربي أن المواجهة على أرض العراق تدور عملياً بين إيران وتركيا وأن ما يدور على أرض سورية هو «مواجهة إقليمية».
خلال العاصفة شهدت مصر اختبارات مهمة وعميقة الأثر. دخل محمد مرسي القصر وارتدى «الربيع العربي» عباءة «إخوانية». وثمة من اعتقد أن المنطقة عثرت على ملامحها العميقة وأنها ستعيش بين «مرشدين» يقيم الأول في طهران والثاني في القاهرة. أساء كثيرون تقدير قدرة الشعب على مقاومة أي تعديل غير طبيعي في روح مصر وهويتها وتركيبتها. لم يلتفتوا إلى الفوارق الجوهرية بين طبيعة الجيش المصري والجيوش في الملاعب الأخرى لـ «الربيع». نزعت نتائج الانتخابات الرئاسية صفة الانقلاب عما جرى في حزيران (يونيو) الماضي، والذي كان يستحق قبل كلمة صناديق الاقتراع صفة شبه ثورة وشبه انقلاب.
لا يمكن إنكار ما فعلته الميادين. يوم أسقطت حسني مبارك ويوم أسقطت محمد مرسي. لكن الدول لا يمكن أن تقيم في الميادين إلى ما لا نهاية. تضيع الثورة إن لم تقم الدولة العادلة. تسود الفوضى إذا تأخر قيام المؤسسات استناداً إلى إرادة الناخبين. أعرف المخاوف التي تراود بعض المصريين، وأولها خشيتهم من أن يعتبر الجيش هو الحزب الحاكم في المرحلة المقبلة. وأن تؤدي المعركة القاسية ضد الإرهاب إلى إيقاظ شهية أجهزة الأمن في توسيع الاعتقالات والضغط على الحريات. لكنني افترض أن أي قراءة هادئة لمجريات سنوات العاصفة تظهر خطورة العودة إلى اعتناق أزياء قديمة لا يقبلها الشباب الذين ثاروا ضد القهر والفقر والفساد والظلام.
لن تكون مهمة الرئيس عبد الفتاح السيسي سهلة على الإطلاق. لكن من حسن حظ مصر أنها عثرت خلال العاصفة على أشقاء وأصدقاء اتخذوا قراراً قاطعاً بـ «منع سقوط مصر»، خلافاً للموقف الأميركي والتردد الغربي. كان العمود الفقري لهذا القرار الموقف الذي أعلنه الملك عبد الله بن عبد العزيز في حزيران (يونيو) الماضي، وجدده قبل أيام بلغة واضحة وصارمة وقاطعة. وهو موقف تبنته أيضاً دولة الإمارات ولم تكن الكويت بعيدة منه. عبر الدعم المالي أنقذت السعودية الاقتصاد المصري من الانهيار، وعبر الدعم السياسي وفرت لمصر مظلة عربية ودولية ساعدتها على استكمال خطوات الخروج من العاصفة.
بعد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة تكون مصر استكملت خطة عودتها في الداخل لتبدأ معركتها الكبرى في التنمية والاستقرار والعودة إلى اجتذاب السياح والمستثمرين. حسن إدارة المرحلة سيحرم الجناح المتصلب في «الإخوان» من أخذ الجماعة إلى خيار انتحاري كامل. والسلطة مطالبة بأن تكون مخيفة لمن تلوثت يداه بالدماء ومقنعة لمن لم يفعل. حسن إدارة المرحلة سيدفع شرائح من الجمهور المقابل إلى إعادة النظر في حساباته.
حين تعود مصر إلى مصر، على أهل الإقليم أن يأخذوا ذلك في الاعتبار خصوصاً أولئك الذين تضخمت أدوارهم واعتقدوا أن من حقهم أن يصنعوا لمصر لونها وأزياء مستقبلها. أغلب الظن أن وصول السيسي موجع لأهل القرار في أنقرة والدوحة وطهران والخرطوم وغزة، وكذلك لمن يحولون ليبيا اليوم إلى مصدر خطر على نفسها وجيرانها. تخطئ دمشق أيضاً إذا قرأت وصول السيسي من زاوية هزيمة «الإخوان» وحدها. استمرار العلاقات المصرية - السعودية بزخمها الحالي يؤسس لإعادة بناء محور الاعتدال في المنطقة ويؤسس لترميم دور اللاعب العربي فيها.
حين تعود مصر إلى مصر يعود اللاعب المصري إلى الإقليم. على بعض من راهنوا على غيابه الدائم أن يتحسسوا حدود أدوارهم.

 

 

 

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة مصر إلى مصر عودة مصر إلى مصر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab