هل يعود شعار الى الثكنات يا حشرات في السودان

هل يعود شعار الى "الثكنات يا حشرات" في السودان ؟...

هل يعود شعار الى "الثكنات يا حشرات" في السودان ؟...

 العرب اليوم -

هل يعود شعار الى الثكنات يا حشرات في السودان

خيرالله خيرالله

من الباكر تقييم ما يمكن أن تؤول اليه الاوضاع في السودان وهل ستكون ثورة أخرى في هذا البلد الذي قسّم حديثا وبات أول دولة عربية تدخل هذه التجربة. لكنّ، الملفت أن السودان الذي يعاني أهله من الفقر ليس دولة فقيرة ومعدم  حتى ينزل المواطنون الى الشارع احتجاجا على رفع اسعار الوقود. نعم، ان السودان ليس دولة فقيرة، بل كان يمكن أن يكون من بين أغنى الدول العربية، خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار مساحة اراضيه الزراعية ومرور النيل فيها وارتفاع ثمن المواد الغذائية بالطريقة التي ارتفع بها في السنوات القليلة الماضية. تبدو مشكلة السودان، الذي يشهد حاليا موجة اضطرابات تشرع الابواب أمام كلّ الاحتمالات، بما في ذلك تفتيت البلد، في انه يختصر مأساة الدول العربية الحديثة الاستقلال، نسبيا طبعا. انها الدول التي لم تحسن تدبير امورها بعد خروج المستعمر الذي عاد بين المواطنيين من يحنّ الى ايامه، تماما كما يحنّ أهل عدن لايام الحكم البريطاني الذي رحل في العام 1967. لم تستطع هذه الدول اقامة ادارة فعالة فانتهت الى تحوّلها دولا تتحكّم بها انظمة عسكرية فاسدة عاجزة عن حلّ أي مشكلة من المشاكل المطروحة، خصوصا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. لم تستطع هذه الدول العربية، بينها السودان، اقامة مؤسسات حديثة قادرة على التكيّف مع مرحلة الاستقلال. فالسودان استقل في اليوم الاوّل من السنة 1956. وكانت تسود البلد تقاليد ديموقراطية عريقة. من بين هذه التقاليد، ذات الطابع الحضاري أن اسماعيل الازهري رئيس الوزراء وقتذاك، رفع علم دولة الاستقلال والى جانبه زعيم المعارضة محمّد أحمد محجوب. كان الأزهري من خريجي الجامعة الاميركية في بيروت (العام 1030)، أما محجوب، فكان مهندسا تخرّج من كلّية غوردونز المشهورة في الخرطوم ثم درس المحاماة وعمل قاضيا كما كان خطيبا مفوّها. لا شكّ أن عوامل كثيرة ساهمت في وصول السودان الى ما وصل اليه. في مقدّم هذه العوامل غياب أي نضج لدى السياسيين الذين تعاقبوا على السلطة وشكلوا حكومات فاشلة  ممهدين الطريق أمام الانظمة العسكرية التي تحكمت بالبلد لفترات طويلة وعلى مراحل بدءا من العام 1958. لم تستطع هذه الانظمة العسكرية الذي لا يزال آخرها في السلطة، منذ العام 1989، تقديم أي حلول لمشاكل السودان. أضطر النظام االحالي، الذي يواجه ثورة شعبية، يمكن أن تتسع لتشمل كل انحاء البلد، الى اللجوء الى خطوة تقسيم السودان لعلّ ذلك يخرجه من ازمته المستعصية. يمتلك النظام السوداني الحالي قدرة كبيرة على المناورة جعلته يتخلى عن الجنوب من أجل ألمحافظة على نفسه. تخلّى النظام الذي يقوده عمليا الفريق عمر حسن البشير ونائبه السيد علي عثمان طه، عن الجنوب من أجل التمسّك بطريقة أفضل بالشمال. الهى السودانيين طويلا باتفاق مع الجنوبيين وقّع في العام 2005 ثم باستفتاء عام أفضى الى انسلاخ الجنوب واستقلاله. غامر نظام البشير، الذي يعتبر علي عثمان طه شريكا أساسيا فيه بصفة كونه ممثلا لقسم كبير من الاخوان المسلمين،بالذهاب بعيدا في اللعبة السياسية وصولا الى تقسيم البلد. وقد استقلّ الجنوب فعلا في تموز- يوليو من العام 2011 ولكن من دون أن يؤدي ذلك الى زوال كلّ المشاكل مع الشمال بدليل الخلاف المستمر على مناطق معيّنة بينها أبيي، اضافة الى النزاع المزمن في شأن النفط الذي معظمه في الجنوب والذي لا يمكن تصديره الا عبر الانابيب التي تمرّ في أراضي الشمال. أكثر من ذلك، لم يؤد تقسيم البلد الى حلول للمشاكل الخاصة بالشمال نفسه. لا تزال مشكلة دارفور قائمة. ولا تزال هناك مشاكل كبيرة في ولايات عدة تشهد تمردا مسلحا. ما يتبيّن اليوم، في ضوء تصاعد التحرك الشعبي الذي بدأ باحتجاجات على رفع اسعار الوقود، أن تقسيم البلد كان أقرب الى مسكّن. انتهى الآن مفعول المسكّن. لم يعد أمام النظام سوى العودة الى المربّع الاوّل. وهذا يعني في طبيعة الحال أن عليه مواجهة المشاكل المؤجلة. ما العمل، مثلا، بالولايات المتمردة التي تجعل معظم الموازنة تصرف على القوات المسلحة التي تخوض معارك لا طائل منها وعلى الاجهزة الامنية التي لا همّ لها سوى حماية النظام العسكري- الاخواني وقمع المواطن؟ لم يعد السؤال هل تتسع رقعة الاضطرابات في السودان أم لا؟ السؤال الى متى يمكن ان يبقى في السلطة نظام عسكري- اخواني ذهب الى حدّ تقسيم البلد، لكنّه لم يجد أي حلّ لمشاكل السودان الذي يظلّ مرشحا لان يكون سلّة غذاء العالم العربي، فاذا به ينتقل من فشل الى آخر، حتى في القطاع الزراعي. استخدم النظام كلّ الوسائل المتاحة من أجل البقاء في السلطة طوال اربعة وعشرين عاما. استطاع البشير حتى التذاكي على اخواني حاذق مثل حسن الترابي وادخاله السجن مرة تلو الأخرى بعدما كبر حجمه واراد تحويل نفسه الى الرجل القويّ في السودان. ولولا تدخّل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح مرّتين، لكان الترابي تعرّض للاعدام. ما يمكن أن يفاجئ البشير الآن أن عهد المناورات السياسية وغير السياسية انتهى وذلك بغض النظر عن الجرأة التي يتمتع بها البشير  وعلي عثمان محمّد طه. الشعب السوداني يريد أن يأكل. هل يتصرّف الرئيس السوداني مثلما تصرّف الضابط ابراهيم عبّود في العام 1964؟ وقتذاك، عرف الفريق عبّود، الذي كان على رأس الانقلاب العسكري اوّل في السودان، أن ساعة الرحيل دقت، خرج من قصر الرئاسة بمجرّد ان نزل المواطنون الى الشارع وهم يصيحون "الى الثكنات يا حشرات"! وفّر ابراهيم عبّود الكثير على السودانيين. هل في استطاعة البشير تكرار تلك التجربة، على الرغم من أن السودان تغيّر كثيرا وأن احزابه ترهّلت من دون أن تخفّ حماسة السودانيين الى حكم مدني لم يلب الآمال المعلّقة عليه يوما...  

arabstoday

GMT 07:02 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 06:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 06:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 06:55 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 06:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 06:53 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يعود شعار الى الثكنات يا حشرات في السودان هل يعود شعار الى الثكنات يا حشرات في السودان



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab