أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني

أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني...

أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني...

 العرب اليوم -

أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني

بقلم - خيرالله خيرالله

من المفيد تكرار أنّ الحرب الأوكرانية، التي ستدخل قريباً سنتها الثانية، غيّرت العالم. لم تكشف هذه الحرب الحجم الحقيقي لروسيا ونوعية سلاحها والشخصية الحقيقيّة لفلاديمير بوتين فحسب، بل كشفت أيضاً أنّ المناورات السياسيّة الإيرانيّة لم تعد تنطلي على أحد. لم تعد تنطلي حتّى على الإدارة الأميركيّة الحالية التي اعتقدت في مرحلة معيّنة أنّ إعادة الحياة إلى الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني صار في متناول اليد.

كان هذا الاتفاق، وهو واقع الحال اتفاق أميركيّ - إيراني وقعته مجموعة البلدان الخمسة زائداً واحداً (الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن زائداً المانيا) مع «الجمهوريّة الإسلاميّة»، بمثابة رضوخ لإيران.

يرمز إلى هذا الرضوخ الرئيس السابق باراك أوباما الذي اختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط والخليج بالملفّ النووي الإيراني. ما لبث دونالد ترامب أن مزّق الاتفاق الذي سمح لإيران باستخدام الأموال التي جنتها منه بتعزيز دور ميليشياتها في المنطقة. أكثر من ذلك زاد المشروع التوسعي الإيراني عدوانية بفضل الخدمة التي أداها أوباما لنظام «الجمهوريّة الإسلاميّة»...

بسبب الانشغال الأميركي بالملف النووي الإيراني، تركت أميركا بشّار الأسد من دون عقاب على الرغم من استخدامه السلاح الكيميائي في حربه على شعبه في أغسطس من العام 2013. غيّر أوباما رأيه في اللحظة الأخيرة، بشهادة تشاك هيغل وزير الدفاع الأميركي وقتذاك، واتكل على ضمانات من بوتين ينزع بموجبها بشّار سلاحه النووي.

نسي أوباما أنّه كان جعل من استخدام السلاح الكيميائي «خطاً أحمر». ما حدث بعد استخدام رئيس النظام السوري لهذا السلاح في غوطة دمشق أنّ أوباما صار يرى كلّ الألوان باستثناء اللون الأحمر.

يعكس تصرّفه، في صيف العام 2013، الخوف من انزعاج إيران من أي مسّ بالنظام السوري الذي تبقى الولايات المتحدة المسؤول الأوّل عن بقائه وعن تحوّل سورية نفسها إلى بلد تحت خمسة احتلالات. بكلام أوضح، كان الرئيس الأميركي يخشى في العام 2013 انسحاب ايران من المفاوضات السرّية التي كانت تجري في سلطنة عُمان وأماكن أخرى بغية التوصل إلى الاتفاق في شأن الملف النووي.

لم يكن هذا الملف سوى غطاء لممارسات إيرانيّة من نوع آخر تستهدف القضاء على دول عربيّة معيّنة مثل العراق وسورية ولبنان واليمن والتحرّش بدول الخليج العربيّة.

من هذا المنطلق، إن أميركا آخر من يحقّ له تناول أي قضية متعلّقة بوجود النظام الأقلّوي في سورية. إذا كان من مسؤولية تقع على جهة دوليّة فاعلة لعبت دوراً حاسماً سمح ببقاء الأسد في دمشق، فإن هذه الجهة هي الإدارات الأميركيّة التي رفضت منذ العام 2011 وضع حدّ لعلمية تفتيت سورية على يد النظام المافياوي الذي تأسّس في العام 1970.

هل بات في الإمكان الكلام، في ضوء الحرب الأوكرانيّة، عن زوال الأوهام الأميركيّة في شأن ايران؟ الجواب أنّ ذلك ممكن بعدما صارت «الجمهوريّة الإسلاميّة» شريكا في الحرب التي يشنّها بوتين على أوكرانيا، والتي تحولت إلى حرب روسية - أوروبيّة بكلّ ما في مثل هذا التطور من أبعاد تهمّ كلّ دولة من دول القارة العجوز.

يؤكّد مشاركة ايران في الحرب الأوكرانيّة المعلومات التي توزعها مصادر أميركيّة تمتلك صدقيّة كبيرة عن أن ليس في استطاعة بوتين الاستمرار في حربه من دون الدعم الإيراني. يتمثل هذا الدعم في المسيرات والصواريخ الإيرانيّة التي ترسلها ايران إلى روسيا.

تكمن المفارقة في اكتشاف الأميركيين أخيراً عن معظم مكونات المسيّرات الإيرانيّة التي تفتك بالأوكرانيين حاليا ذات مصدر أميركي!

ليس معروفاً بعد إلى أي حدّ ستذهب إدارة جو بايدن في المواجهة مع ايران بسبب الحرب الأوكرانيّة. لكنّ اللافت في الأيام الأخيرة تغيير في اللهجة الأوربية تجاه نظام «الجمهوريّة الإسلاميّة» والإعدامات التي نفّذها في حق شبان إيرانيين بغية وضع حدّ للثورة الشعبيّة التي يشهدها البلد منذ مقتل الفتاة مهسا اميني في 16 سبتمبر الماضي.

لم يعد من شكّ أنّ العالم تغيّر منذ شنّ الجيش الروسي هجومه على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي. قبل كلّ شيء، غرق بوتين في الوحول الأوكرانيّة. تبيّن لاحقاً أن الحلف القائم بينه وبين ايران حلف عميق وقديم وأنّ الرئيس الروسي وجد نفسه مضطراً للارتماء في الحضن الإيراني مع ما يعنيه ذلك من تراجع روسي أمام «الجمهوريّة الإسلاميّة» في سورية.

فوق ذلك كلّه، اكتشف بوتين حدود ما تستطيع الصين تقديمه له من دعم. اكتشف أن للصين، في ضوء المشاكل الداخليّة التي تواجهها، حسابات خاصة بها وليست على استعداد للذهاب بعيداً في استفزاز أميركا.

ثمّة فرصة كي تصحّح إدارة بايدن أخطاء الماضي القريب، خصوصا في ما يتعلّق بتلك التي ارتكبتها في التعاطي مع ايران منذ احتجاز الديبلوماسيين الأميركيين العاملين في السفارة الأميركية في طهران 444 يوماً في نوفمبر من العام 1979.

الأهمّ من ذلك كلّه، هل تعي الإدارة الأميركيّة أخيرا أن مشاكل دول المنطقة مع ايران ليست مرتبطة ببرنامجها النووي فحسب، بل بسلوك «الجمهوريّة الإسلاميّة» خارج حدودها أيضاً.

ماذا تفعل إيران بطائراتها المسيّرة وصواريخها الباليستية وما الهدف من تمويل ميليشيات مذهبيّة في العراق وسورية ولبنان واليمن؟ هل تفتح الحرب الأوكرانيّة عيون الإدارة على خطورة المشروع التوسعي الإيراني أخيراً؟

في النهاية استطاعت «الجمهوريّة الإسلاميّة»، المستفيد الأول من الحرب الأميركيّة على العراق في العام 2003، ابتزاز الإدارات الأميركيّة المتلاحقة إلى أبعد حدود الابتزاز. لم يختلف الديموقراطيون عن الجمهوريين في شيء عندما تعلّق الأمر بايران وكيفية التعاطي معها.

قد يكون السؤال الأهمّ الذي سيطرح في السنة 2023 هل يحصل التغيير الأميركي الكبير تجاه ايران... في ضوء الحدث الأوكراني أم لا؟

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني أميركا والمشروع التوسّعي الإيراني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab