مستقبل «بيبي» أهمّ من مستقبل المنطقة

مستقبل «بيبي»... أهمّ من مستقبل المنطقة !

مستقبل «بيبي»... أهمّ من مستقبل المنطقة !

 العرب اليوم -

مستقبل «بيبي» أهمّ من مستقبل المنطقة

بقلم - خيرالله خيرالله

لا حاجة إلى تعقيد الأمور عندما يتعلّق الأمر بمحاولة فهم ما يدور حالياً في الضفّة الغربيّة. قررت إسرائيل اقتحام مخيّم جنين. في المخيّم نحو 27 ألف مواطن فلسطيني يعيشون على مساحة نصف كيلومتر مربّع.

ليس سرّاً أن في المخيم مجموعات مسلّحة على استعداد لمقاومة الإسرائيليين. لا خيار آخر امام هذه المجموعات سوى المقاومة بغض النظر عن مواقف الفصائل الفلسطينية المختلفة وحساباتها، بما في ذلك حسابات السلطة الوطنيّة و«حماس».

تقاوم هذه المجموعات في ضوء غياب أي افق سياسي أمام فلسطينيي الضفّة الغربيّة. لم تترك إسرائيل امام هؤلاء من خيار غير الاستسلام للاحتلال المستمر منذ العام 1967.

جعلتهم من فئة الناس الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه. يعني ذلك، بكلّ بساطة، أن إسرائيل لا يمكن إلّا أن تخرج خاسرة من المواجهة.

يعود الأمر إلى أن أسوأ ما يمكن أن يحدث لشخص أو لمجموعة، وحتّى لدولة قويّة، يتمثّل في التعاطي مع طرف ليس لديه ما يخسره.

نزعت إسرائيل كلّ أمل بمستقبل أفضل امام الشباب الفلسطيني في الضفة الغربيّة. لم تترك أمامه سوى خيار واحد، هو خيار حمل السلاح.

من هنا، ليس مستبعداً انتقال المواجهات من جنين إلى مكان آخر في الضفّة وخارج الضفّة بعدما تخلّت إسرائيل عن السياسة وباتت تعتقد أنّ القوة تحلّ كلّ المشاكل المطروحة امامها في الضفّة الغربيّة التي تعتبرها «أرضاً متنازعاً عليها» تسعى إلى وضع اليد عليها.

سيقتل الجيش الإسرائيلي مزيداً من الفلسطينيين. ليس مستبعداً توسّع المواجهات، لكنّ ذلك لن يأتي بالهدوء للضفّة الغربيّة ولن يبقى الاحتلال مهما طال الزمن.

يعود الأمر إلى أن المعادلة في غاية البساطة، وهي معادلة يعجز العقل اليميني الإسرائيلي الذي يتحكّم بحكومة بنيامين نتنياهو عن استيعابها.

يختزل المعادلة وجود ما بين سبعة وثمانية ملايين فلسطيني بين البحر المتوسط ونهر الأردن.

هناك ما يزيد على مليوني فلسطيني في داخل إسرائيل. هناك مليونا فلسطيني، في أقل تقدير، في قطاع غزّة. هناك نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون فلسطيني في الضفّة الغربيّة.

ليس طبيعياً في مواجهة هذا العدد الكبير من الفلسطينيين على أرض فلسطين استبعاد الحل السياسي والاستعاضة عنه بعقل نتنياهو (بيبي) الذي لا يفكّر سوى بكيفية انقاذ مستقبله السياسي وتفادي دخول السجن، كما حصل مع رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت.

ليس طبيعياً ما يحدث في الضفّة الغربيّة. حسناً، لنفترض أن الجيش الإسرائيلي استطاع السيطرة كلّياً على مخيّم جنين غداً أو بعد غد؟ ما الذي سيفعله في اليوم التالي؟ ما الذي يمنع مواجهات أخرى في مكان آخر وفي مخيّم آخر؟

خلاصة الأمر أنّ إسرائيل تبدو اكثر من أي وقت دولة مريضة فقدت كلّ قدرة على التعاطي السياسي مع مشاكل المنطقة.

باختصار، باتت إسرائيل أسيرة عقل مريض يمثله يمين متعصب لا يشبه سوى العقل «الداعشي» الذي يتحكّم بتنظيمات مثل «حماس» أو «الجهاد الإسلامي» على علاقة قويّة وعميقة مع «الحرس الثوري» الإيراني.

كلّ ما تفعله إسرائيل في الوقت الحاضر أنّها وضعت نفسها في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني الذي يستفيد إلى أبعد حدود من استمرار التوتر في الضفّة الغربيّة حيث الحاجة أكثر من أي وقت إلى العودة إلى السياسة.

لا مفرّ من العودة إلى السياسة على الرغم من غياب السلطة الوطنيّة الفلسطينية التي ليس لديها ما تقوم به غير التهديد والوعيد، علما أنّ رئيسها يعرف قبل غيره أنّه لا يستطيع الخروج من بيته من دون إذن إسرائيلي.

نعم، وضعت إسرائيل نفسها في خدمة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. عندما تسدّ كلّ أبواب الحل السياسي مع الفلسطينيين، فهي تسدّ في الوقت ذاته كلّ الأبواب أمام التعاون على الصعيد الإقليمي لمواجهة التوسّع الإيراني الذي قضى على سورية والعراق ولبنان والذي ليس مستبعداً ان يقضي أيضاً على اليمن.

تكشف أحداث الضفّة الغربيّة، وهي أحداث في غاية الخطورة نظراً إلى احتمال توسعها، أن القضيّة الفلسطينيّة ما زالت حيّة ترزق. أكثر من ذلك، إنّ حل الدولتين لا يزال الخيار الوحيد من أجل ضمان الاستقرار في المنطقة وذلك على الرغم من حال الإفلاس التي تعاني منها السلطة الوطنيّة... وعلى الرغم من انكشاف لعبة «حماس» التي تسعى إلى خلافة السلطة الوطنيّة في الضفّة الغربيّة، على غرار ما فعلته في غزّة، بالتواطؤ مع إسرائيل.

يظلّ أخطر ما في الأمر ذلك الغياب الأميركي عن الحدث الفلسطيني، وهو غياب لا مبرّر له.

في النهاية، ما زالت الإدارات الأميركيّة تتجاهل القضيّة الفلسطينيّة منذ صيف العام 2000 بعد فشل قمة كامب ديفيد بين الرئيس بيل كلينتون وياسر عرفات وايهود باراك (رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك). ما زال الفلسطينيون يدفعون ثمن فشل تلك القمة التي تلاها عسكرة للانتفاضة التي تسبب بها ذهاب ارييل شارون إلى حرم المسجد الأقصى.

ينسف ما يحصل هذه الأيّام كلّ الجهود التي بذلتها اطراف عربيّة من أجل إيجاد وضع طبيعي في المنطقة يزول فيه الاحتلال الإسرائيلي ويسود ما يخدم الاستقرار.

يطرح الهجوم الذي تعرّض له مخيّم جنين أسئلة، بل تساؤلات كثيرة. في مقدمة التساؤلات: ما الذي تريده إسرائيل وهل في الإمكان إعادة لغة المنطق إلى المجتمع الإسرائيلي الذي يعاني من امراض يبدو أن لا شفاء له منها ؟

يكفي النظر في تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية للتأكد من أنّها حكومة تؤمن بالاحتلال وترفض الاعتراف بوجود شعب فلسطيني موجود على الخريطة السياسيّة للمنطقة أكثر من أي وقت.

ما الذي يفترض حدوثه كي تتأكّد الحكومة الإسرائيليّة من أنّ الشعب الفلسطيني موجود وأنّ التنكر لوجود هذا الشعب لن يقود سوى إلى مزيد من الكوارث على الصعيد الإقليمي... انقذ «بيبي» مستقبله السياسي أم لم ينقذه! هل المستقبل السياسي لـ«بيبي» أهمّ من مستقبل المنطقة؟

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل «بيبي» أهمّ من مستقبل المنطقة مستقبل «بيبي» أهمّ من مستقبل المنطقة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab