إيران تقبض من أميركا ثمن ضبطها الجنوب

إيران تقبض من أميركا... ثمن ضبطها الجنوب؟

إيران تقبض من أميركا... ثمن ضبطها الجنوب؟

 العرب اليوم -

إيران تقبض من أميركا ثمن ضبطها الجنوب

بقلم : خيرالله خيرالله

في حرب صيف عام 2006، التي تُوّجت بصدور القرار الرقم 1701 عن مجلس الأمن، وهو قرار لا تستطيع الدولة اللبنانيّة احترام بنوده لأسباب لا تخفى على أحد، تمكّن "الحزب" من تحقيق أهدافه. حقّق الحزب انتصاراً ساحقاً ماحقاً على لبنان مثبتاً بعد سنة ونصف سنة من اغتيال رفيق الحريري والانسحاب العسكري السوري أنّه قادر على تغطية الجريمة التي ارتكبها، وقادر على ملء الفراغ الناجم عن انتهاء الوصاية السوريّة.

مع انتهاء تلك الحرب بين الحزب وإسرائيل، تكرّست السيطرة الإيرانيّة على لبنان. لا يعبّر عن هذه السيطرة في الوقت الراهن أكثر من الامتلاك الكامل لـ"الجمهورية الإسلاميّة" في إيران لقرار الحرب والسلم على جبهة جنوب لبنان حيث معالم لعبة عسكريّة مضبوطة بقواعد معيّنة يصعب التكهّن بما إذا كانت ستبقى في إطارها الحالي أم لا.

2006: انتصار إيران وإسرائيل
انتهت حرب صيف 2006 بطرفين يرسم كلّ منهما بيده علامة النصر، هما إيران وإسرائيل. رسم كلّ منهما علامة النصر فوق جثّة اسمها لبنان حيث صار "الحزب" يقرّر شكل الحكومات فيه ويحدّد مواصفات رئيس الجمهوريّة وما إذا كان سيكون هناك رئيس مقيم في قصر بعبدا.
في 7 تشرين الأول 2023 استطاعت حركة "حماس"، انطلاقا من قطاع غزّة، تحقيق انتصار كبير على إسرائيل. بغضّ النظر عن الطريقة التي ستنتهي بها حرب غزّة، ثمّة انتصار حقّقته "حماس". من ملامح هذا الانتصار أنّ إسرائيل ما بعد حرب غزّة لم تعد إسرائيل التي لا تقهر والتي عرفناها منذ إعلان قيامها في عام 1948. لا يعود ذلك إلى حجم الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي وفي صفوف المدنيين الإسرائيليين ولا إلى عدد الأسرى لدى "حماس" فحسب، بل يعود أيضاً إلى أمور أخرى ولدت من رحم حرب غزّة. من بين هذه الأمور سقوط المشروع السياسي لليمين الإسرائيلي، وهو مشروع قائم على فرض أمر واقع، اسمه المستوطنات، على الأرض المحتلّة في عام 1967. لا يمكن تجاهل الانتصار الذي حقّقته "حماس"، وهو نتيجة من نتائج استثمار إيراني في الحركة. أثمر هذا الاستثمار قيام علاقة عضوية بين "الجمهوريّة الإسلامية" وتنظيم الإخوان المسلمين في غزّة.

كيف سيوظف انتصار "حماس"؟
ما يبدو أهمّ من انتصار "حماس" كيف سيكون توظيف هذا الانتصار، خصوصاً أنّ هناك رغبة إسرائيليّة وأميركيّة وأوروبيّة في الانتهاء من الحركة ومن حكمها لغزّة منذ منتصف عام 2007 حيث أقامت "إمارة إسلاميّة" خاصة بها غيّرت طبيعة المجتمع الغزّيّ في العمق.
كيف تستطيع "حماس" قطف ثمن انتصارها، خصوصاً في غياب سلطة وطنيّة فلسطينية تريد الحركة الإسلامية الحلول مكانها من جهة وغياب برنامج سياسي للحركة من جهة أخرى. أنهت حرب غزّة السلطة الوطنيّة الفلسطينية في رام الله. لكنّ هذه الحرب ستنهي "حماس" أيضاً في ضوء وجود قرار دولي متّخذ في هذا الشأن. لن يعود لدى "حماس" من تنتصر عليه سوى المشروع الذي حاربته، أي المشروع الوطني الفلسطيني الذي اعترضت عليه منذ قيامها في عام 1987 ومنذ سيطرتها على قطاع غزّة منتصف عام 2007 وطردها لحركة "فتح" منه. ليس سرّاً كيف نكّلت "حماس" بـ"فتح" وعناصرها وكيف اقتحمت منزلَي ياسر عرفات و"أبو جهاد" في القطاع.

بين حماس والحزب
انتصر "الحزب" على لبنان في حرب صيف 2006. كان انتصاره على لبنان بديلاً من الانتصار على إسرائيل. حقّق ما كان يصبو إليه. دمّر كلّ ما يستطيع تدميره من لبنان، بما في ذلك النظام المصرفي، من أجل إحكام سيطرته على مفاصل الدولة. حلّ الحزب مكان الدولة اللبنانيّة.
في خريف 2023، انتصرت "حماس" على إسرائيل من دون أن يكون في استطاعتها الانتصار عليها لأنّه لا توجد دولة تستطيع الحلول مكانها لا في الضفّة ولا في غزّة.. غيّرت "حماس" إسرائيل التي سيكون عليها القبول بالمشروع الوطني الفلسطيني الذي دفع ياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، الغالي والرخيص من أجل تحويله إلى حقيقة على أرض فلسطين.

من المفارقات التاريخية أنّ "حماس" أعادت الحياة إلى خيار الدولة الفلسطينية المستقلّة على الرغم من أنّه ليس خيارها. عاجلاً أم آجلاً، لن يكون مخرج من المأزق الذي تعاني منه إسرائيل ومن النتائج التي ستترتّب على تدمير غزّة على رؤوس أبنائها، للأسف الشديد، غير خيار الدولة الفلسطينية المستقلّة، التي كانت حلم "أبو عمّار".
ما الذي ستكون عليه ظروف قيام تلك الدولة؟ هذا هو السؤال الكبير في ظلّ الغياب المتوقّع لـ"حماس" وفي غياب السلطة الوطنية بشكلها الحالي وبغياب بنيامين نتانياهو، بكلّ ما يمثّله من فكر عنصري، حتماً. يظلّ خيار الدولة الفلسطينية الخيار المنطقي الوحيد للخروج من المعادلة القائمة على تبادل الخدمات بين التطرّفين الإسرائيلي والفلسطيني. هناك تطرّفان استفادا طويلاً من تكريس الانقسام الفلسطيني القائم منذ 2007. خدم الانقسام "حماس" واليمين الإسرائيلي في الوقت ذاته.
بغضّ النظر عن مدى الارتباط بين "الجمهورية الإسلاميّة" في إيران و"حماس"، ستولد من رحم حرب غزّة خريطة سياسية جديدة للمنطقة. ليس معروفاً أين سيكون موقع لبنان في تلك الخريطة، وهل صحيح ما يُتداول في الأوساط الدولية عن استعداد أميركي لقبول دور إيراني أكبر على الصعيد الإقليمي، بما يشمل لبنان، في حال استطاعت "الجمهوريّة الإسلاميّة" إثبات أنّها دولة تستطيع لعب دور يتحلّى بالمسؤولية على صعيد المنطقة.

إصرار "أبو عمّار" على "غزّة وأريحا أوّلاً"
هل تقبض إيران ثمناً لبنانياً، من أميركا، لضبطها جبهة الجنوب اللبناني ومنعها توسّع حرب غزّة، انطلاقا منها؟ هذا ما تطمح إليه "الجمهوريّة الإسلاميّة"، لكنّ اللافت إلى الآن، أنّه لا يمكن التكهّن بقبول أميركي بصفقة مع طهران قبل الانتهاء من "حماس"، وهو قرار متّخذ على أعلى المستويات في واشنطن. بعدها، سيكون لكلّ حادث حديث، بما في ذلك موضوع مستقبل "الحزب" في لبنان.

arabstoday

GMT 04:44 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

بحر الكعبة

GMT 04:42 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

وارد بلاد برة

GMT 03:29 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

اعترافات ومراجعات (59) من أحمد حسنين إلى أسامة الباز

GMT 03:27 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

مشروع إنقاذ «بايدن»!

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

ما تحمله الجائزة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تقبض من أميركا ثمن ضبطها الجنوب إيران تقبض من أميركا ثمن ضبطها الجنوب



GMT 00:16 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات
 العرب اليوم - محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات

GMT 10:48 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

دوي انفجار في سهل الحولة بالجليل الأعلى

GMT 00:16 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات

GMT 00:16 2024 الأحد ,23 حزيران / يونيو

محمد رمضان يُعلن غيابه رسميًا عن موسم رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab