بلد من دون كهرباء… يريد تحرير فلسطين

بلد من دون كهرباء… يريد تحرير فلسطين!

بلد من دون كهرباء… يريد تحرير فلسطين!

 العرب اليوم -

بلد من دون كهرباء… يريد تحرير فلسطين

بقلم: خير الله خير الله

كيف يمكن لبلد لا وجود للكهرباء فيه تدمير إسرائيل عن بكرة أبيها، أي تحرير فلسطين؟ لا جواب منطقيا عن هذا السؤال باستثناء أنّ لبنان دخل حربا لا هدف لها سوى تبرير العدوان الإسرائيلي الذي يتعرّض له في ظلّ تفهّم دولي لهذا العدوان، للأسف الشديد. هناك بلد لا علاقة للمسؤولين فيه بالمنطق. كلّ ما يسعى إليه هؤلاء المسؤولون هو استرضاء “حزب الله” الذي يتأكّد يوميا أنّه الحاكم الفعلي في لبنان بصفة كونه لواء في “الحرس الثوري” الإيراني.

لا هدف لهذه الحرب، التي برّرت لإسرائيل اعتداءاتها، سوى خدمة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة العربيّة وما يتجاوزها. يحصل ذلك على حساب لبنان البلد الذي بات في حيرة من أمره في وقت يبدو واضحا أنّ إيران، التي تعيش أزمة داخلية عميقة، لم تعد تعرف هل لديها مصلحة في الردّ على إسرائيل بسبب اغتيال إسماعيل هنيّة في قلب طهران؟ هل توجه “الجمهورية الإسلامية” ضربات إلى إسرائيل انطلاقا من أراضيها، أم تكتفي بردّ محدود، إنقاذا لماء الوجه، وبما يقوم به الحزب انطلاقا من جنوب لبنان وعلى حساب شعبه.

دخل لبنان، بطلب إيراني، حربا ربطت مصير البلد وشعبه بمصير غزّة، علما أن مصلحته في الابتعاد قدر الإمكان عن مثل هذا الربط الذي دفع، وسيدفع، ثمنه غاليا. دفع أهل الجنوب غاليا ثمن توقيع اتفاق القاهرة في العام 1969. سيدفعون ثمنا أكبر بعد القرار الإيراني بفرض الربط بين حرب غزّة وفتح جبهة جنوب لبنان والمآسي التي ستنجم عن ذلك.

لا يستطيع لبنان، في غياب اعتراف كبار المسؤولين فيه بأن “حزب الله” ومن خلفه إيران افتعلا حربا مع إسرائيل، سوى لوم نفسه على هذه الجريمة. هذه حرب يبدو لبنان مصرا على خوضها غصبا عنه وغصبا عن إرادة أكثرية اللبنانيين. أعطى لبنان، الذي يحكمه “حزب الله”، إسرائيل كل المبررات لشنّ عدوان بعد آخر عليه. يحصل ذلك في ظلّ غياب تام للحكومة اللبنانية ولمجلس النواب… وفي ظلّ الفراغ القائم في رئاسة الجمهورية. أكثر من ذلك، أعطى لبنان إسرائيل مبررا لشنّ حرب عليه، في ما تسعى إيران إلى تفادي أيّ مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مواجهة ستكون أميركا طرفا فيها أيضا.

هل من مخرج للبنان من المأزق الذي أوقع نفسه فيه، أو على الأصح، الذي أوقعته فيه “الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانيّة التي تريد تحويله خطا من خطوط الدفاع عنها وعن نظامها وورقة في مساومات مع أميركا وإسرائيل؟ الأهمّ من ذلك كلّه هل سيساعد فتح جنوب لبنان في جعل إيران تتفادى المواجهة المباشرة مع إسرائيل؟

سيكون هناك مخرج للبنان عندما يوجد فيه سياسيون يقولون ما يجب قوله عن طبيعة العلاقة، أو اللاعلاقة مع إسرائيل، بدءا باتفاق الهدنة للعام 1949 الذي استمرّ ساريا حتى العام 1969 والذي خرقه لبنان بتوقيع اتفاق القاهرة في تشرين الثاني – نوفمبر 1969. لا يوجد في لبنان سوى عدد قليل من السياسيين يعرفون ما طبيعة إسرائيل وما تريده إسرائيل. لا يوجد في لبنان من يتحدّث عن تنفيذ القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مثل هذه الأيّام من العام 2006 من منطلق أن ذلك مصلحة لبنانيّة وليس مصلحة إسرائيليّة… أو إيرانيّة.

ليس كافيا الحديث عن القرار 1701 في غياب الاعتراف بأن لبنان يعرف في العمق أنّ “حزب الله” رفض منذ البداية القرار، الذي يعني عودة الجيش إلى جنوب لبنان. أصرّ الحزب، ومن خلفه إيران، على إفراغ القرار 1701 من مضمونه. عندما يوجد في لبنان من يسمّي الأشياء بأسمائها، يصبح في الإمكان الحديث عن مخرج. فمثل هذا الأمر ليس واردا ما دامت الحكومة القائمة وضعت نفسها في خدمة الحزب وإيران وأنّ لا فارق بين الخطاب السياسي لوزير الخارجية اللبناني الحالي وخطاب أيّ مسؤول إيراني.

لا يمكن لوم الحكومة أو أيّ مسؤول أو زعيم لبناني، مثل وليد جنبلاط، على سبيل المثال وليس الحصر، على الانبطاح أمام “حزب الله” واعتماد منطق الحزب الذي يتحدث عن اعتداءات إسرائيلية على لبنان ويتجاهل في الوقت ذاته أنّ إعلان الحرب على إسرائيل تترتب عليه مسؤوليات كبيرة. إسرائيل دولة متوحشة وليست جمعية خيريّة، خصوصا في ضوء ما تعرّضت له يوم السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي. يومذاك قرّرت “حماس” شنّ هجوم “طوفان الأقصى” من دون مشروع سياسي واضح يعالج النتائج التي ستترتب على مثل هذا الهجوم الذي هزّ الكيان الإسرائيلي وجعل مستقبل الدولة العبريّة في مهبّ الريح لولا الدعم الأميركي الذي يبدو أنه لا حدود له.

أكثر من أيّ وقت في تاريخه الحديث، بل منذ قيامه، يعاني لبنان من فراغ سياسي. لا يعبّر عن هذا الفراغ أكثر من أنّ مصيره لم يعد مرتبطا بحرب غزّة وما ستؤول إليه فحسب، بل صار مرتبطا أيضا بمستقبل الدور الإيراني في المنطقة. لم يعد من وجود لقوّة لبنانيّة يمكن أن تشارك في تحديد مستقبل البلد في ضوء الغياب السنّي المخيف والسقوط المسيحي الذي ليس بعده سقوط والذي جسده عهد ميشال عون – جبران باسيل الذي لم يكن سوى “عهد حزب الله”. يضاف إلى ذلك كلّه الانكفاء العربي والدولي الذي يعكسه اعتبار الدول العربيّة النافذة أن لبنان ساقط عسكريا وسياسيا أمام إيران…

ماذا بقي من لبنان عندما لا يوجد مسؤول فيه، أو شبه مسؤول، يقول إن تنفيذ القرار 1701 على الأرض مسؤولية لبنانية قبل أيّ شيء آخر وأن لعبة التذاكي واللعب على الكلام لم تعد تنفع في مرحلة مطروح فيها بالفعل إقليميا مستقبل الدور الإيراني، وليس مستقبل لبنان فقط، في مرحلة ما بعد حرب غزّة…

نقلاً عن "العرب"

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلد من دون كهرباء… يريد تحرير فلسطين بلد من دون كهرباء… يريد تحرير فلسطين



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab