لبنان خارج الزمن والجغرافيا

لبنان خارج الزمن والجغرافيا

لبنان خارج الزمن والجغرافيا

 العرب اليوم -

لبنان خارج الزمن والجغرافيا

بقلم - خير الله خير الله

متى يتصالح لبنان واللبنانيون مع الحقيقة والواقع؟ اذا كان دخول السفينة "اينرجيان" حقل كاديش وتجاوزها الخط البحري الرقم 29 يعني شيئا، فهو يعني أن لبنان وضع نفسه في عالم آخر يقع خارج كلّ منطق سياسي وعسكري وكلّ ما يدور في المنطقة والعالم.

ليس معروفا، إلى اللحظة، لماذا لم يرّسم لبنان حدوده البحريّة مع إسرائيل، في حين انّ لديه عذرا لعدم ترسيم الحدود البريّة. في أساس هذا العذر رفض النظام السوري الإعتراف بانّ مزارع شبعا لبنانيّة وليست سوريّة. يقدّم النظام السوري كلّ الأعذار المطلوبة من اجل منع أي ترسيم للحدود بين لبنان وإسرائيل، أي من اجل بقاء وضع لبنان معلّقا. يعتقد ان ذلك من عدّة الشغل التي يمارس من خلالها سياساته، القائمة أساسا على ممارسة الإبتزاز، وهي السياسة التي مكنت إسرائيل في 55 عاما من تكريس احتلالها للجولان.

تقوم السياسة السوريّة على المماطلة والتسويف، أي على بقاء حال اللاحرب واللاسلم إلى ما لا نهاية. يبدو لبنان المكان الوحيد الذي تستطيع فيه السياسة السوريّة، خارج سوريا، ممارسة هذه اللعبة التي استطاعت مصر تفادي السقوط في فخها بعدما وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل في العام 1979.

بموجب معاهدة السلام استعادت مصر كلّ أراضيها المحتلّة في العام 1967 بما في ذلك ثروة الغاز والنفط في سيناء. اكثر من ذلك، امتلك أنور السادات ما يكفي من الشجاعة لرفض جعل طابا تقف في وجه توقيع المعاهدة مع إسرائيل. أحال الموضوع على التحكيم الدولي. عادت منطقة طابا أيضا إلى مصر بموجب التحكيم الدولي في مرحلة ما بعد توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل.

افلت الأردن بدوره من النظام السوري. في العام 1994، وقعت المملكة الأردنيّة الهاشميّة في وادي عربة اتفاق سلام مع إسرائيل. استفاد الملك حسين من وجود اسحق رابين في موقع رئيس الوزراء من اجل التوصل إلى الاتفاق الذي حفظ للاردن حقوقه في الأرض والمياه. لم يترك العاهل الأردني الراحل الفرصة تمرّ، خصوصا انّ منظمة التحرير الفلسطينيّة كانت توصّلت في أيلول – سبتمبر من العام 1993، إلى اتفاق أوسلو الذي وقعه اسحق رابين وياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض في حضور الرئيس بيل كلينتون.

تكمن المشكلة الأساسيّة التي يعاني منها لبنان، حيث ورث الاحتلال الإيراني الاحتلال السوري، في سؤال في غاية البساطة: ما الذي يمكن للبنانيين توقّعه من بلد رئيس جمهوريته الثنائي ميشال عون – جبران باسيل، فيما يحكمه ويتحكّم به حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله". يلعب نصرالله في لبنان الدور الذي يلعبه "المرشد" علي خامنئي في "الجمهوريّة الإسلاميّة"، حيث هناك رئيس للجمهوريّة في تصرّف "المرشد" الذي يمتلك كلّ السلطات. تُختزل مشكلة لبنان في انّ "حزب الله" نجح، بصفته لواء في "الحرس الثوري" الإيراني في جعل البلد يتصرّف وفقا لأجندة "الجمهوريّة الإسلاميّة" في ايران. بات لبنان محكوما بهذه الأجندة التي تقضي بان يكون لبنان بجنوبه وشماله ومدنه وارضه ومياهه مجرّد ورقة ايرانيّة لا اكثر ولا اقلّ. هذا هو لبنان الأقرب الى ان يكون جثّة، لبنان الذي يرضي فيه ميشال عون، بدعم من جبران باسيل، ان يكون مرشّح "حزب الله"، أي مرشح ايران لرئاسة الجمهوريّة.

يعيش لبنان خارج الزمن والجغرافيا في الوقت ذاته. ليس فيه من يطرح على نفسه أسئلة من نوع لماذا لم تحتلّ إسرائيل أي ارض لبنانيّة في حرب العام 1967، علما انّه كان في استطاعتها إيجاد ذريعة ما وعمل ذلك؟ كلّ ما في الأمر ان إسرائيل تعرف ماذا تريد. تريد الضفّة الغربيّة والقدس. لو لم يكن الأمر كذلك، لما انسحبت من الأراضي المصريّة المحتلة في 1979 ولا من جنوب لبنان في العام 2000... ولا من غزّة صيف العام 2005!

يفترض في لبنان ان يعي ان المنطقة تغيّرت وان العالم تغيّر أيضا. يحتاج هذا العالم، خصوصا أوروبا، إلى الغاز الذي في البحر المتوسّط كأحد البدائل من الغاز الروسي. لن يوجد في العالم من يعترض على استخراج إسرائيل الغاز من حقل كاديش. على العكس من ذلك، سيلقي العالم، أي أوروبا وأميركا، المسؤولية على لبنان نظرا إلى ان السلطة فيه لم تقم بواجباتها.

كانت تقضي هذه الواجبات في تفادي المماطلة، أي نوع من المماطلة، في مجال ترسيم الحدود البحريّة مع اسرائيل... ولكن هل كان في استطاعة البلد الإفلات من ايران التي تمسك، بواسطة "حزب الله" بكلّ مفاصل السلطة؟ هذه مأساة ليس بعدها مأساة في بلد فقد كلّ مقومات وجوده وبات مصيره على كفّ عفريت. هناك بلد يرفض التعاطي مع الواقع ومع المتغيّرات في المنطقة والعالم، لا يوجد فيه من يعترف بانّ العالم قبل حرب أوكرانيا ليس كالعالم في مرحلة ما بعد هذه الحرب وانّ العالم الحالي متعطش للنفط والغاز وقد اتخذ قرارا بالاستغناء عن روسيا وعزل فلاديمير بوتين كلّيا.

لم يكن مطلوبا من لبنان توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل ولا الإقدام على أي خطوة في اتجاه التطبيع. لا تسمح ظروف البلد بذلك. ولكن ما الذي منع ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل؟

الجواب في انّ لا وجود لرئيس للجمهورية يعرف شيئا عن العالم والمنطقة. هناك رئيس للجمهوريّة لا يمتلك همّا لبنانيا. همّه عائلي وذلك بغض النظر عما يحل بلبنان واللبنانيين. همه الوحيد ضمان وصول صهره إلى موقع رئيس الجمهوريّة لدى انتهاء ولايته في 31 تشرين الأوّل – أكتوبر المقبل، أي بعد نحو 150 يوما من الآن.

عاقب لبنان نفسه. لا يعبّر استخراج إسرائيل التي هي جزء من مجموعة إقليمية، على رأسها مصر، تتعاون في مجال بيع أوروبا الغاز المكتشف في المتوسط، سوى عن حال البؤس التي يعاني منها لبنان. افضل تعبير عن هذه الحال تحوّل لبنان ارضا طاردة لأهلها. لبنان إلى اشعار آخر بلد محتل لا يحقّ له الدفاع عن مصالحه والمحافظة على شعبه. بلد همّ رئيس الجمهوريّة فيه إحلال صهره مكانه في قصر بعبدا فيما همّ كلّ لبناني إيجاد مكان يهاجر اليه.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان خارج الزمن والجغرافيا لبنان خارج الزمن والجغرافيا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل
 العرب اليوم - محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab