رسالة أردنية إلى المزايدين وإلى إسرائيل

رسالة أردنية إلى المزايدين.. وإلى إسرائيل

رسالة أردنية إلى المزايدين.. وإلى إسرائيل

 العرب اليوم -

رسالة أردنية إلى المزايدين وإلى إسرائيل

بقلم - خير الله خير الله

في قرار الملك عبدالله الثاني بالنسبة إلى الباقورة والغمر أكثر من رسالة. الرسالة الأولى للمزايدين في الداخل الأردني وأمثالهم من يتامى النظام السوري وأدوات إيران، فضلا عن جماعات الإخوان المسلمين.

قرارات حاسمة
قطع الأردن الطريق على المزايدين في الداخل والخارج. لم يكن قرار الملك عبدالله الثاني القاضي برفض استمرار تأجير أراضي الباقورة والغمر إلى إسرائيل سوى خطوة أخرى تكشف المرونة الأردنية في التعاطي مع المستجدات الإقليمية، من دون التخلي عن مبادئ ثابتة مرتبطة بمصلحة المملكة. ما حصل تطبيق عملي لشعار “الأردن أولا” الذي رُفع في عمّان وكل مدينة أردنية في مرحلة ما بعد خلافة عبدالله الثاني لوالده مطلع العام 1999.

تتطلب مصلحة المملكة في أحيان كثيرة اتخاذ قرارات حاسمة. لم يتردد عبدالله الثاني وقبله الملك حسين، رحمه الله، في اللجوء إلى الحسم عندما تطلب الوضع ذلك. ليس توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل في السادس والعشرين من تشرين الأوّل – أكتوبر 1994 سوى قرار مصيري آخر اتخذه الحسين بن طلال من أجل حماية الأردن وحقوقه في الأرض والمياه.

واجه الأردن عندما وقّع اتفاق السلام حملات شديدة عليه، خصوصا من النظام السوري الذي راح يتحدث الكبار فيه عن أن “تأجير الأرض يشبه تأجير العرض”. نسي أركان النظام السوري، الذي لم يردْ يوما استعادة الجولان المحتل، أنّه لولا اتفاق السلام، الذي سمّي اتفاق وادي عربة والذي وقعه اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي والدكتور عبدالسلام المجالي، رئيس الوزراء الأردني وقتذاك، لكان الأردن يعاني إلى اليوم من انعكاسات التجاذبات الإقليمية. لولا اتفاق السلام، لكان الأردن الضحية الأولى للقرار الإسرائيلي بالانتهاء من عملية السلام. ليس رفض تجديد تأجير أراضي الباقورة والغمر سوى ردّ على كلّ أولئك الذين خَوّنوا الأردن في تلك المرحلة، وذلك من أجل تغطية خياناتهم التي لم تصب سوى في خدمة إسرائيل.

لم يقدم الأردن على خطوة التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل إلا بعد توقيع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو من خلف ظهره. لم ينزعج الملك حسين من اتفاق أوسلو، على الرغم من أن ياسر عرفات أخفى عنه موضوع المفاوضات السرّية التي كانت تجري في العاصمة النرويجية. وعندما زار “أبوعمّار” العاهل الأردني على رأس وفد فلسطيني قبل أيام من التوصل إلى اتفاق أوسلو في آب – أغسطس من العام 1993، لم يتحدث عرفات عن المفاوضات السرّية واحتمال التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل. اكتفى، على حد قول أحد أعضاء الوفد المرافق له، بالكلام العام. أصرّ على الكلام العام علما أن الهدف من اللقاء كان وضع الملك حسين في أجواء ما يدور في أوسلو. في ختام اللقاء، أخذ “أبوعمار” العاهل الأردني جانبا وقال له: إننا نجري مفاوضات سرّية مع الإسرائيليين، وفي حال توصلنا إلى شيء سنضعك في الصورة.

عندما حصل اللقاء مع الملك حسين، كان الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي يضعان اللمسات الأخيرة على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في آب – أغسطس، لكنه وُقّعَ في حديقة البيت الأبيض في أيلول – سبتمبر 1993 برعاية الرئيس بيل كلينتون الذي دفع في اتجاه المصافحة التاريخية بين رابين وعرفات.

رفض استمرار تأجير أراضي الباقورة والغمر إلى إسرائيل تطبيق عملي لشعار "الأردن أولا"
رفض استمرار تأجير أراضي الباقورة والغمر إلى إسرائيل تطبيق عملي لشعار "الأردن أولا"
هل كان على الأردن انتظار حصول اتفاق فلسطيني- إسرائيلي تقوم بموجبه دولة فلسطينية مستقلّة، قد لا ترى النور يوما، كي يتوصل مع إسرائيل إلى اتفاق يحفظ له حقوقه في الأرض والمياه، ويرسم الحدود النهائية للمملكة؟ لم يكن أمام الملك حسين من خيار آخر بعد توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل في آذار – مارس 1979، وبعد القرار المتخذ من العاهل الأردني نفسه في صيف العام 1988 والقاضي بفك الارتباط مع الضفّة الغربية.

يتبيّن اليوم أكثر من أيّ وقت كم كان الملك حسين بعيد النظر. كانت هناك فرصة وجود اسحق رابين في موقع رئيس الوزراء. كان لا بدّ من التقاط هذه الفرصة قبل فوات الأوان. لم يمض سنة وأسبوعان على توقيع اتفاق وادي عربة حتّى وُجد من يقتل اسحق رابين في قلب تل أبيب في الرابع من تشرين الثاني – نوفمبر 1995.

استطاع الأردن الحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه. إذا كان اتفاق السلام مع إسرائيل يعني شيئا، فإنّ أول ما يعنيه هو دفن فكرة أن يكون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين. هذه الفكرة، التي دفنت نهائيا، عزيزة جدا على قلب اليمين الإسرائيلي، خصوصا على المنتمين إلى مدرسة أرييل شارون.

في قرار الملك عبدالله الثاني بالنسبة إلى الباقورة والغمر غير رسالة. الرسالة الأولى هي، بالطبع، للمزايدين في الداخل الأردني وأمثالهم من يتامى النظام السوري وأدوات إيران، فضلا بالطبع عن جماعات الإخوان المسلمين الذين يرفعون شعارات طنانة رغبة في الهدم ونشر البؤس. ثمّة رسالة أخرى موجهة إلى إسرائيل نفسها. الأردن بلد يحترم الاتفاقات الدولية، لكنه ليس مستعدا لدعم خيارات بنيامين نتانياهو التي تقوم على تجاوز خيار الدولتيْن. واهم من يعتقد أن الأردن مستعد للسير في خيارات أخرى غير خيار الدولتيْن، أي خيار الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. يمر الأردن في أزمة اقتصادية عميقة، لكنّ هذه الأزمة لا تعني، بأي شكل، تخلّيه عن دوره وعن مواقفه التي تشمل التصدي لسياسات اليمين الإسرائيلي القائمة على تكريس الاحتلال للضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

لم يعن اتفاق وادي عربة أيّ تخلّ عن أراض أردنية. قضت الضرورة في حينه تأجير أراض لإسرائيل لمدّة خمسة وعشرين عاما. انتهت مدّة الإيجار، ارتأى صاحب الأرض أن ليس من مصلحته تمديد العقد، لذلك ألغى عبدالله الثاني المُلحقيْن المتعلقين بالباقورة والغمر. جاء القرار صفعة لأولئك الذين يرددون منذ فترة طويلة، في مناسبة وفي غير مناسبة، أن الأردن تابع لإسرائيل. ظهر بوضوح ليس بعده وضوح أن الأردن يعمل لمصلحته ولمصلحة شعبه. اضطر الملك حسين وبعده الملك عبدالله الثاني في أحيان كثيرة إلى اتخاذ قرارات غير شعبية. لم يكن قرار توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل قرارا شعبيا. لم يحل ذلك دون إقدام الملك حسين على خطوة التوصل إلى اتفاق وادي عربة. فالقائد هو الذي يقود، وليس ذلك الذي ينقاد من الشارع. بعد أربعة وعشرين عاما على اتفاق السلام مع إسرائيل، يكتشف الأردنيون كيف عمل الملك حسين على حمايتهم، ولو غصبا عن إرادة بعض الجهلة الذين يهوون الشعارات الفارغة.

لا يزال هناك من يريد تحرير فلسطين من النهر إلى البحر انطلاقا من الأردن أو من جنوب لبنان. هناك من خوّن الأردن لأنه أنقذ الفلسطينيين من أنفسهم في العام 1970. هناك من لا يريد فهم ما هو الأردن وما هو دوره الإقليمي، وكيف أن الملك حسين بنى دولة عصرية لا تمتلك أي موارد. من يتجرّأ على الوقوف أمام المرآة وسؤال نفسه: ما الذي كان حصل لو انتصرت “المقاومة” على الجيش الأردني (الجيش العربي) في 1970؟ ألم يكن تحقق حلم الوطن البديل الذي نادى به اليمين الإسرائيلي منذ زمن طويل والذي استطاع الحسين وعبدالله الثاني إزالته من القاموس السياسي للمنطقة نهائيا؟

arabstoday

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة أردنية إلى المزايدين وإلى إسرائيل رسالة أردنية إلى المزايدين وإلى إسرائيل



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab