ما بعد أبو مازن

ما بعد "أبو مازن"

ما بعد "أبو مازن"

 العرب اليوم -

ما بعد أبو مازن

بقلم - خير الله خير الله

بات موضوع خلافة محمود عبّاس (أبو مازن) في موقع رئيس السلطة الفلسطينية مطروحا. يعود ذلك إلى ان الرجل تقدّم في السن من جهة كما خفّ ظهوره العلني ونشاطه كثيرا في الأسابيع القليلة الماضية من جهة أخرى.

يصعب أن يصنع غيابه فارقا، استطاع امين السرّ الجديد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (حسين الشيخ) خلافة "أبو مازن" ام لا، خصوصا انّ الأمور في الضفّة الغربيّة مرشّحة، في فترة السنوات القليلة المقبلة، للبقاء على حالها. يمكن الوصول إلى هذا الإستنتاج في ضوء الأمر الواقع الذي فرضته إسرائيل، وهو امر واقع يناسبها. إنّه امر واقع مؤقت باتت السلطة الوطنيّة، ممثلة بالمحيطين بـ"أبو مازن" من امنيين واشباه سياسيين، في اسره لأسباب كثيرة. كلّ ما في الأمر انّ مصير المحيطين بـ"أبو مازن" صار مرتبطا بالدور الذي يؤدونه، وهو دور مرتبط بالأمن الإسرائيلي لا اكثر ولا اقلّ.

يعتبر ما آل اليه الوضع الفلسطيني نتيجة للعجز عن تطوير اتفاق أوسلو الذي يظلّ "أبو مازن" الأب الروحي له. يُضاف، إلى ذلك، عاملان آخران في غاية الأهمّية. أول العاملين الدور الذي بات منوطا بالسلطة الوطنية وأجهزتها الأمنيّة، وهو دور تحدده إسرائيل. أمّا العامل الثاني فهو الإنقسام الفلسطيني والدور الذي تلعبه "حماس"، المدعومة من ايران، في مجال تكريس هذا الإنقسام بما يشكل الخدمة الأكبر للإحتلال المستمرّ للضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة.

بات وجود "حماس"، في غزّة المحاصرة، مصلحة اسرائيليّة. تبرر "حماس" السياسات التي تمارسها الحكومات الإسرائيلية المتلاحقة منذ انتفاضة العام 2000. هذه انتفاضة اصرّ "ابو عمار" على عسكرتها بسبب عدم استيعابه وقتذاك لخطورة مثل هذا التطوّر على المستقبل الفلسطيني... وغياب معرفته بالشأن الداخلي الإسرائيلي. ظهر ذلك بوضوح عندما ظنّ "أبو عمّار" ان وضع الضفّة الغربيّة مشابه لوضع جنوب لبنان الذي انسحبت إسرائيل منه في ايّار – مايو من العام 2000 نظرا إلى ان لا نيّة لديها في فرض الاحتلال عليه مستقبلا. لم يدر في بال ياسر عرفات ان الهمّ الإسرائيلي كلّه محصور باحتلال القسم الأكبر من الضفّة الغربية، بما في ذلك القدس، بغض النظر عن كلفة ذلك على صعيد الخسائر البشريّة. كان الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني مقتنعا بانّه يكفي سقوط مئتين او ثلاثمئة قتيل إسرائيلي كي تنسحب إسرائيل من الضفّة الغربيّة، على غرار ما حصل في جنوب لبنان.  

في ظلّ حال من الفوضى الداخليّة الفلسطينية، اصبح "أبو مازن" رئيسا للسلطة الوطنيّة. حصل ذلك اثر انتخابات عامة شارك فيها الفلسطينيون أجريت بداية العام 2005 بعد نحو شهرين على وفاة ياسر عرفات (أبو عمّار) في الحادي عشر من تشرين الثاني – نوفمبر 2004. شهدت الفترة التي أمضاها "أبو مازن" في السلطة تغييرا كبيرا في أسلوب ممارسة الدور الذي يفترض ان يلعبه زعيم الشعب الفلسطيني. هناك عهد رئاسي مستمرّ، منذ بداية 2005، وضع "أبو مازن" بصماته عليه. تميّز عهد "أبو مازن" باستبعاد ايّ شخصية فلسطينيّة ذات شأن عن دائرة القرار. على العكس من الوضع الذي ساد في عهد ياسر عرفات، لا يوجد إلى جانب من يسمّى "الرئيس" سوى موظفين صغار ينفذون أوامره، في حين لا يوجد في مختلف انحاء العالم سوى ممثلين لدولة فلسطين أو لمنظمة التحرير الفلسطينية لا علاقة لهم بالبلد الذي هم فيه وليس هناك من يعرف اسماءهم أو نشاطهم على أي مستوى كان. ثمّة من يقول ان "ابو عمار" كان يمتلك إمكانات ماليّة من نوع مختلف. لكنّ ذلك لا يبرّر ذلك الهبوط المريع لمستوى التمثيل الفلسطيني في مختلف انحاء العالم.

تبقى الأعمار في يد الله، لكنّ كلّ ما يمكن قوله، بكلّ راحة ضمير، أنّ الفلسطينيين كانوا يستأهلون شخصا افضل في مرحلة ما بعد نهاية عهد ياسر عرفات الذي استمرّ طويلا. ما هو مؤسف انّ محمود عبّاس رئيس السلطة الوطنيّة، لم يعد ذلك القيادي في "فتح" الذي كان في معظم الأحيان معترضا، بطريقة منطقيّة، على ممارسات ياسر عرفات. كانت لعرفات حسنات كثيرة على صعيد لم شمل الفلسطينيين، لكنّه كانت لديه أيضا سيئات لا تحصى، آخرها قرار عسكرة الإنتفاضة في العام 2000، وهو قرار اوقعه ارييل شارون في فخه.

حسنا، لن يتغيّر الكثير في مرحلة ما بعد "أبو مازن"، لكن الأكيد ان الشعب الفلسطيني باق. مثلما كانت هناك أخطاء كبيرة ارتكبها "أبو عمار" اكان ذلك في الأردن ثم لبنان ثمّ في حق الكويت، يبقى ان إسرائيل، تبدو عاجزة عن الذهاب إلى طرح السؤال الكبير الذي سيتوجب عليها طرحه يوما: ما الذي تستطيع عمله بالشعب الفلسطيني الذي يقيم قسم منه على ارض فلسطين التاريخيّة؟ هناك ما بين سبعة وثمانية ملايين فلسطيني بين البحر المتوسط ونهر الأردن. لا يمكن تذويب هؤلاء أو التخلص منهم بشطبة قلم.

بعد توقيع اتفاق أوسلو في خريف العام 1993، لم يغب عن ياسر عرفات الوضع الداخلي الإسرائيلي فحسب، بل غاب عنه أيضا معرفة كيف تعمل السياسة الأميركية، أي القوانين التي تتحكّم بهذه السياسة في واشنطن دي. سي.

في السنة 2022، يغيب عن السياسة الإسرائيليّة، اكثر من ايّ وقت البعد الفلسطيني واهمّية الهوية الوطنيّة الفلسطينية وهي حقيقة موجودة على الأرض لشعب لا يمكن تجاهله ولا يمكن تجاهل الكتلة التي يشكلها. لا يمكن تجاهل الشعب الفلسطيني على الرغم من ظاهرة "أبو مازن" وكلّ ما شاب عهده وكلّ العداوات التي خلقها لنفسه ولعائلته وللسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة عربيا ودوليا.  بكلام أوضح، لا يمكن لإسرائيل، التي تلعب دورا مهمّا معترفا به عربيّا على الصعيد الإقليمي الإستفادة من الخطر الإيراني على كلّ ما هو عربي في المنطقة، وتجاهل وجود الشعب الفلسطيني في الوقت ذاته.

في النهاية سيتدبّر الفلسطينيون امرهم كشعب، لا لشيء سوى لانّهم موجودون على ارضهم وذلك بغض النظر عن من يخلف "أبو مازن" والطريقة التي ستتم بها عملية الخلافة في يوم قريب او بعيد!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد أبو مازن ما بعد أبو مازن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab