في ظل حرب على الاستقلال الكردي

في ظل حرب على الاستقلال الكردي

في ظل حرب على الاستقلال الكردي

 العرب اليوم -

في ظل حرب على الاستقلال الكردي

بقلم : خير الله خير الله

هل تقوم دولة كردية مستقلة في أراضي ما كان يسمّى العراق الموحّد، أو الجمهورية العراقية التي قامت على أنقاض النظام الملكي في العام الذي انهار في العام 1958؟ الجواب نعم كبيرة بالنسبة إلى كردستان العراق. ما ليس واضحا حدود هذه الدولة التي بدأت الحرب عليها منذ الآن، خصوصا في ظل الخلافات الدائرة في شأن مستقبل مهمة مثل مدينة كركوك. ما ليس واضحا أيضا ما سيفعله أكراد تركيا وإيران وسوريا على أرض الواقع في حال قيام دولة مستقلة في كردستان العراق.

عندما يتبيّن بوضوح أن هناك عملية إعادة تشكيل للمنطقة، ليس أمام الأكراد في العراق سوى التمسّك بموعد الاستفتاء على الاستقلال في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. مثل هذا الاستفتاء سيكون فرصة لتثبيت حقوقهم أكثر بكثير مما أنّه سيوفّر مناسبة لإعلان الاستقلال. المهمّ بالنسبة إليهم نجاح الاستفتاء. أمّا الاستقلال فيستطيع أن ينتظر، لا لشيء سوى لأن كل المؤشرات تدل على أن لا عراق موحّدا يمكن أن تقوم له قيامة بعد اليوم. تبدو الأزمة العراقية عميقة إلى درجة تستحيل معها استعادة البلد، الذي تأسس في عشرينات القرن الماضي بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، لوحدته.

بدأت الحرب على كردستان العراق قبل الاستفتاء الذي أكد غير مسؤول كردي كبير، بما في ذلك هوشيار زيباري وزير الخارجية السابق في العراق، أنّ نتائجه لا تعني إعلان الاستقلال بشكل تلقائي. في النهاية يستطيع الأكراد الانتظار، بل الانتظار طويلا، لا لشيء سوى لأن الرياح الإقليمية تسير وفق ما يريدونه ويشتهونه وما يطمحون إليه في المدى البعيد في أراض تتجاوز العراق وحدوده الجغرافية.

هناك سؤال كبير سيبقى مطروحا، بغض النظر عن استقلال كردستان العراق أو عدم الإعلان عن ذلك. هذا السؤال هو: ما العمل بأكراد تركيا وأكراد سوريا وأكراد إيران؟

نظرا إلى أن هذا السؤال مطروح بجدّية كبيرة، نجد قيام تحالف من نوع جديد يضمّ النظام السوري وإيران وتركيا ضد أكراد سوريا قبل أن يكون ضدّ أكراد العراق. يفسّر قيام هذا التحالف تلك الجهود التي بذلها “حزب الله”، الذي ليس في نهاية المطاف سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، من أجل نقل مقاتلي “داعش” مع عائلاتهم من منطقة الحدود السورية-اللبنانية إلى دير الزور.

لم يكتف الحزب بتأمين وقف المعارك بين الجيش اللبناني وإرهابيي “داعش” كي لا يتمكن الجيش من القضاء عليهم، بل حرص على تهيئة كل الأجواء والوسائل التي تضمن انتقال هؤلاء إلى دير الزور التي تبدو وجهة المعركة الجديدة مع أكراد سوريا الذين يتحرّكون ويتوسّعون في الشمال السوري وعلى الحدود السورية-العراقية بغطاء جوّي أميركي.

ما يفترض أن يتفهمّه اللبنانيون وأن يستوعبوه جيّدا هو أن ما يجري في المنطقة يتجاوز لبنان. أن يحفظ لبنان نفسه يبقى إنجازا في حدّ ذاته.

الأمر يتعلق بدول كبيرة مثل العراق وسوريا لم يعد في الإمكان إعادة اللحمة إليها. الأمر يتعلق أيضا بأزمة تمر فيها تركيا التي لم تعرف في أي وقت كيف تدير سياستها السورية ولا كيف تتعاطى مع الأكراد، بما في ذلك أكرادها. أما إيران، وخلافا لكلّ ما يقال عن مشروعها التوسّعي الذي توفرت له انطلاقة جديدة بعد انهيار النظام في العراق في العام 2003، فإنّها في مأزق عميق.

نعم، إنها في مأزق عميق حتّى في علاقاتها مع شيعة العراق الذين يكتشفون يوما بعد يوم أنهم عرب وليسوا إيرانيين، وأنّ لديهم مصلحة في أن تكون بلادهم على علاقة جيّدة مع محيطها العربي قبل أيّ شيء آخر. سيكون صعبا على اللبنانيين فهم التعقيدات التي تشهدها المنطقة ولماذا يلعب “حزب الله” الدور المطلوب منه إيرانيا في ظلّ الحرب على الاستفتاء الكردي. من أجل تبسيط الأمور عليهم، يُفترض بهم الاقتناع أولا بواقع يريدون الهرب منه بشكل مستمرّ. يقول هذا الواقع إن “حزب الله” ليس سوى ميليشيا مذهبية عناصرها لبنانية تعمل في خدمة إيران. هذا على الأقلّ ما يقوله الأمين العام للحزب حسن نصرالله الذي يعترف علنا بأن كلّ ما لدى الحزب مصدره إيران. ليس لبنان سوى “ساحة” تستخدمها إيران للترويج لسياستها في المنطقة وللإساءة لهذه الدولة العربية أو تلك وللهرب من الأزمة العميقة التي تعاني منها على كلّ المستويات، وهي أزمة مرتبطة أوّلا وأخيرا بأنّها لا تمتلك الوسائل، خصوصا الاقتصاد القوي، التي تسمح لها بمتابعة هجمتها على كلّ ما هو عربي في المنطقة.

قبل الاستفتاء على استقلال كردستان العراق، التقت قوى عدّة بينها تركيا وإيران عند اتخاذ موقف حذر منه خوفا من امتداد العدوى إلى خارج الحدود العراقية، مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات على أكراد تركيا وإيران. من الطبيعي أن تتوجّه الأنظار إلى ما يدور في الشمال السوري وإلى استخدام “داعش” في السعي إلى التصدّي للتمدد الكردي المدعوم أميركيا في تلك المنطقة.

يتلهى اللبنانيون بأمورهم الداخلية غير مدركين أن اللعبة في المنطقة كبيرة، بل كبيرة جدا. ما بدأ باحتلال أميركا للعراق وتسليمها البلد على صحن من فضة إلى إيران كان في العام 2003 زلزالا لا تزال تفاعلاته تتردد في كلّ الشرق الأوسط والخليج.

ما تفعله الولايات المتحدة حاليا هو التفرّج على ما يدور في المنطقة. تتدخل متى تدعو الحاجة إلى ذلك. منعت قافلة “داعش” من الانتقال من الحدود السورية-اللبنانية إلى منطقة قريبة من الحدود السورية-العراقية ثمّ انكفأت. هل تُقْدم على ما هو أكثر من ذلك؟ لن تقدم على أي خطوة ما دام كل شيء يسير حسب الخطة المرسومة التي تصب في مزيد من الشرذمة بإشراف من إيران وروسيا والنظام السوري “الممانع” الذي أدّى دائما الدور المطلوب منه إسرائيليا.

الأكيد أن لا شيء يحدث بالصدفة، بما في ذلك انكشاف العلاقة القائمة بين “حزب الله” والنظام السوري من جهة، و”داعش” من جهة أخرى. هناك خدمات متبادلة بين الأطراف الثلاثة. يوفّر “داعش” فرصة للنظام السوري ولـ”حزب الله”، ومن خلفه إيران، للادعاء بأنّهم يخوضون حربا على الإرهاب.

ستستقل كردستان العراق. ليس معروفا متى ستستقل. المعروف أنّ على بلد صغير مثل لبنان أن يحفظ رأسه وأن يقتنع أهله بأن اللعبة الدائرة في المنطقة أكبر منهم. الأهمّ من ذلك، عليهم استيعاب أنّ هذه مرحلة في غاية الدقّة والخطورة وأنّه لا يمكن من دون أدنى شكّ الاستخفاف بالتنسيق الأميركي-الإسرائيلي على كلّ صعيد وفي غير منطقة، من سوريا إلى العراق، إلى كردستان. أميركا لا تعترض من حيث المبدأ على الاستفتاء الكردي. اعتراضها على توقيته. أما إسرائيل، فليس ما يشير إلى أنّها متضايقة من شيء، خصوصا من انهماك “حزب الله” في ترتيب انتقال “داعش” إلى الشمال السوري، ومن تركيز إيران وتركيا على الاستفتاء الكردي وتفاعلاته وتلهيهما بذلك.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ظل حرب على الاستقلال الكردي في ظل حرب على الاستقلال الكردي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 18:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن
 العرب اليوم - ترامب يعيّن بوهلر مبعوثا لشؤون الرهائن

GMT 14:49 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
 العرب اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 06:33 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ثلاث دوائر

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

منة شلبي توجّه رسالة شكر لجمهور السعودية بعد نجاح مسرحيتها

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 23:47 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا يعين الأميركية جيل إليس رئيس تنفيذى لكرة القدم

GMT 01:25 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاة 143 شخصًا بمرض غامض في الكونغو خلال أسبوعين

GMT 10:21 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"أرامكو" السعودية توقع اتفاقية مع شركتين لاستخلاص الكربون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab