قراءة في خطاب كويتي… تأسيسي

قراءة في خطاب كويتي… "تأسيسي"

قراءة في خطاب كويتي… "تأسيسي"

 العرب اليوم -

قراءة في خطاب كويتي… تأسيسي

بقلم - خير الله خير الله

لم يكن خطابا افتتاحيا عاديا لمجلس الأمة الكويتي الجديد الذي ألقاه نائب أمير الكويت ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح. كان وثيقة عهد جديد حسب تعبيره، رسمت حدود الصلاحيات بين مختلف السلطات وحددت الأدوار ونظمت العلاقات بينها… وصولا إلى تحفيز الكويتيين على الرقابة والمحاسبة بعد تأكيد القيادة الكويتية أنها لن تنحاز إلا لمصالح الناس وأملهم في التغيير وتوقهم إلى أن تلحق بلادهم بركب التنمية الذي قطعت فيه الدول الخليجية المجاورة أشواطا كبيرة وبعيدة.

عندما يتحدث نائب أمير الكويت عن وثيقة عهد جديد، إنما يفتح الباب عمليا لمرحلة تأسيسية لا بد أن تعبر منها البلاد إلى مستقبل مختلف. القضية ليست ترفا أو تفصيلا في مسار دولة إنما هي قضية بقاء أو عدم بقاء. لذلك كان التركيز في الخطاب بشكل متناسق على جملة التحديات الداخلية المتعلقة بالتنمية وتطوير النظام السياسي وتحصين الديمقراطية بالعمل والإنتاج من جهة وعلى وجوب التصدي للتحديات الخارجية بروح المسؤولية والوحدة الوطنية وعدم الانجراف، من جهة أخرى، وراء إعلاء الصوت المذهبي والقبلي على حساب الدولة والنظام والانتماء.

استحوذت هذه النقطة على حيز كبير من خطاب الشيخ مشعل الأحمد الذي قال “لقد كانت الكويت ومازالت وستظل، بإذن الله تعالى، نموذجا يُحتذى به في ظل مجتمع عاش فيه الحاكم وشعبه في جسد واحد، عرف أهله بالمحبة وفعل الخير للجميع، فلا عصبية تفرق بينهما ولا عنصرية تمزقهما ولا خلافات جوهرية تعصف بهما، ونحن اليوم نعيش ظروفا دقيقة وتقلبات إقليمية ودولية خطيرة وفتنا محيطة بنا من الداخل والخارج، ما بين حاقد يخطط ومتربص ينتظر وحاسد يتأمل السقوط، ونحن منشغلون مع الأسف الشديد بأتفه الأسباب والأمور والتي يمكن تجاوزها بحكمة العقلاء”.

يعطي مثل هذا الكلام فكرة عن ضرورة تحمّل نواب الأمّة في الكويت مسؤولياتهم وأن يحسنوا في الوقت ذاته أداءهم بعيدا عن كلّ نوع من المزايدات، خصوصا أن الأوضاع الإقليميّة والدولية لا تسمح بذلك…

غالبا ما يخرج من يلتقيهم الشيخ مشعل الأحمد بشعور واحد: القلب المفتوح للحديث كفرد من العائلة بصراحة وتواضع وتقبل الملاحظات، والحزم الواضح في أن الاستقرار خط أحمر وأن النظام قوي بالتفاف الناس ومحبتهم. ولذلك كان خطاب وثيقة العهد منحازا للناس الذين قال لهم نائب الأمير إن القيادة السياسية أوفت بوعدها في إجراء انتخابات حرة ونزيهة سبقتها قرارات تصحيحية تتعلق بالقيود، وأوفت بوعودها في عدم التدخل بانتخابات رئاسة المجلس ولا باللجان النيابية، وبالتالي فإن المنتظر اليوم من ممثلي الأمة أن يفوا هم بوعودهم وإلا فعلى “أبناء الوطن متابعة ومساءلة ومحاسبة ممثليهم”.

أما الخطوط التي رسمها نائب أمير الكويت للنواب فكانت التحذير “من قصر النظر في وضع ملفات المتطاولين والمخالفين والخارجين على القانون ضمن الأولويات”. تبدو هذه النقطة مهمة جدا كون بعض النواب يلجأ إلى طرح ملف العفو عن محكومين بقضايا معينة كأولوية بدل أن يعالج قضايا الإسكان والتعليم والصحة مثلا. ومن الخطوط أيضا “التشديد على البعد عن إضاعة الجلسات بمهاترات ومشاجرات” كما كان يحصل في السابق، والتحذير “من المساومة على القوانين للحصول على مكاسب شخصية”.

بالنسبة إلى الحكومة، تحدث الشيخ مشعل الأحمد عن أسلوب جديد لتعاطيها مع الملفات من جهة ولتعاطي القيادة معها من جهة أخرى. إذ شدد على وجوب أن تضع الحكومة خطة إستراتيجية وصولا إلى الحوكمة الرشيدة والوقوف على ضرورة النزول إلى القاعدة لتلمس احتياجات المواطنين، بل تحدث في التفاصيل أكثر حين وجه باعتماد “المراجع الخفي” و”المبلغ السري” للوقوف على كفاءة الإدارات من أجل الثواب والعقاب. واللافت كان ذكره أن الحكومة إن أخطأت فستجد أن القيادة السياسية هي أول من يحاسبها، قائلا “سأكون أول مَن يتابع ويحاسب الحكومة عن تنفيذ برنامج عملها قبل أعضاء المجلس”، وهو يوصل بذلك رسالة إلى النواب بأن يعملوا على مبدأي التشريع والرقابة أكثر من عملهم على تصيّد الحكومة بحجج مختلفة كون العهد الجديد لن يتهاون في المحاسبة.

في خطاب وثيقة العهد لمسة وفاء للماضي، للمتقاعدين الذين خدموا الكويت في الإدارة وأعطوا الكثير ولا بد أن تقابلهم الدولة بعطاء مماثل. كما في الوثيقة تحفيز على دخول المستقبل من عنصر الشباب، إذ طالب الشيخ مشعل الأحمد بتأمين كل ما يخدم مشاركتهم “في بناء كويت الغد”. كذلك كانت معبرة جدا إشارته إلى أن الإعلام الرسمي في الكويت هو إعلام ملك الشعب لا الحكومة ولا بد من “إشراك الشعب في مراقبة أعمال السلطتين” من خلال نشاطات وندوات وورش عمل.

كذلك، من بين الخطوط التي رسمها نائب أمير الكويت لاستقامة العلاقة بين السلطات وجوب “احترام صلاحيات الأمير الدستورية واختصاصاته باعتبارها من صميم إطلاقات أعمال السيادة”، وعدم السماح “بضياع مكانة الدولة وهيبتها وإضعاف أركان الحُكم فيها”.

لا تستقيم “المرحلة التأسيسية” لكويت مختلفة إلا بالاستقرار، ولذلك كان لا بد من تحذير صادق مبني على معطيات حقيقية، حين طالب نائب الأمير من البرلمان والحكومة “البعد عن الانشغال بصغائر الأمور، والتركيز على ما ينفع البلاد والعباد، فما من بلد تعددت فيه الاختلافات وكثرت فيه الصراعات وقادته الأهواء والشهوات وخانت فيه الانتماءات والولاءات، إلا وتمزق شمله وتقاتل أهله وانفرط عقده وتبعثر أمنه وضاع استقراره، والتاريخ يشهد بذلك والواقع من حولنا يصدق ذلك ويؤكده”.

إنها قضية بقاء أو عدم بقاء، ولذلك فمن يقرأ سطور خطاب نائب أمير الكويت وما بين السطور يلمس ذلك الإصرار القوي والالتزام الحديدي بأن البقاء والتطور والتنمية والاستقرار والأمن والوحدة كلها عوامل ترتبط بصلب مسؤوليات الحكم التي يستحيل التفريط بأمانتها… وهنا على كل معني بخطاب وثيقة العهد الجديد أن يفهم تماما مقاصده.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في خطاب كويتي… تأسيسي قراءة في خطاب كويتي… تأسيسي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab