بعد تحوّل حرب غزّة إلى حرب بيبي

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

 العرب اليوم -

بعد تحوّل حرب غزّة إلى حرب بيبي

بقلم : خيرالله خيرالله

الوضع في المنطقة يسير من سيّء إلى أسوأ في غياب دور قيادي أميركي.هذه حرب مستمرّة على غزّة يقودها بنيامين نتانياهو الذي ربط مصيره السياسي بانتهاء الحرب التي لا يريد لها أن تنتهي. تستمرّ الحرب في وقت تشير تقديرات القادة العسكريين الإسرائيليين إلى أنّ غزّة سقطت عسكريا وأن الجيوب التي لا تزال تمتلكها "حماس" لا تقدّم ولا تؤخر. لا تقدّم ولا تؤخّر بغض النظر عما يصدر عن قادة "حماس" والناطقين باسمها الذين يهربون من الواقع عن طريق القول أن الحرب مستمرّة، كأنّ شيئا لم يحدث منذ السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي، بدل قبول الواقع والسعي إلى حل سياسي بإشراف دولي وعربي في الوقت ذاته.

بالنسبة إلى المؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة، انتهت قضية غزّة بغض النظر عّما إذا كانت "حماس" انتهت أم لم تنته. ما قيمة "حماس" ما دامت غزّة تحولت إلى أرض غير قابلة لإستقبال الغزاويين الذين ينوون العودة إلى منازلهم في حال توقفت العمليات العسكريّة؟ هل تنقل "حماس" الحرب إلى الضفّة الغربيّة كي تحول مصيرها إلى ما يشبه مصير غزّة من دون خريطة طريق سياسيّة تأخذ في الإعتبار أنّ إسرائيل، في وضعها الحالي، لا تمتلك أي سياسة من أي نوع باستثناء التدمير؟

ثمّة أسئلة كثيرة تطرح نفسها في حال توقف حرب غزّة التي يبدو أنّ لا مصلحة لرئيس الحكومة الإسرائيليّة الإعلان عن أنّها حرب انتهت. تكمن مشكلة نتانياهو، قبل أي شيء آخر، في أنّه لا يمتلك مشروعا سياسيا لليوم التالي للحرب. يشبه اليمين الإسرائيلي "حماس" في أمور كثيرة. شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي من دون إدراك لما ستفعله في اليوم التالي للهجوم وقتلها نحو 1200 إسرائيلي واسر نحو 200 آخرين. لم يعد لدى "حماس" في الوقت الراهن سوى ورقة الأسرى التي تضغط بها في الداخل الإسرائيلي على "بيبي". ليس لديها أيضا سوى طرح شروط يعرف الطفل أن موازين القوى على الأرض لا تسمح بتحقيقها.

لا تعرف "حماس" ماذا تريد، كذلك الأمر بالنسبة إلى "بيبي" الذي يحتمل أن يهرب إلى توسيع العمليات العسكريّة في إتجاه الضفّة الغربيّة وربّما لبنان. يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الإعتراف بأن لا مجال لإحتلال الضفّة بشكل نهائي، اللهمّ إلا إذا كان يعتقد أن أسرائيل تمتلك ما يكفي من القوّة البشرية التي تسمح لها بأن تكون في كلّ مكان وبخوض حروب عدة في الوقت ذاته من دون مشروع سياسي واضح المعالم في منطقة تعيش على كفّ عفريت.

في النهاية، لا تستطيع إسرائيل تصفية القضيّة الفلسطينيّة ولا تستطيع مواجهة الخطر الإيراني الذي تذرعت به طويلا، مثلما تذرّعت بـ"حماس"، من أجل رفض قيام دولة فلسطينيّة. ليس أمام إسرائيل، في غياب الدور القيادي الأميركي سوى متابعة عملية الهروب إلى أمام، وهي لعبة باتت الهواية المفضلة لدى بنيامين نتانياهو.

من الواضح أن كلّ الرهانات التي اعتمدها رئيس الوزراء الإسرائيلي انقلبت عليه وانقلبت في الوقت ذاته على إسرائيل التي وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه. الدليل علي ذلك أن ليس لديها أي خطة لغزة باستثناء العودة إلى احتلالها. حسنا، بما أن إحتلال غزّة خيار قابل للحياة، لماذا انسحبت الدولة العبريّة من القطاع انسحابا كاملا في العام 2005 من دون أي تنسيق من أي نوع مع السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، هذه السلطة التي كشفت الأيام أنهآ لا تمتلك أي قدرة على إدارة المناطق التي تحت سيطرتها؟

كيف انقلبت رهانات نتانياهو على إسرائيل؟ الجواب في "طوفان الأقصى" الذي يتبيّن يوميا أنّه طوفان حقيقي تجاوز المستوطنات التي هاجمتها "حماس" والواقعة في ما يسمّى "غلاف غزّة". أثبت الهجوم أنّ الإعتماد على "حماس" من أجل إيجاد شرخ فلسطيني – فلسطيني لم يكن الخيار الصائب. اكثر من ذلك، ظهر بوضوح أنّ خط سير "حماس" لا يخدم سوى المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. يبقى أهمّ تطور في مرحلة ما بعد بدد حرب غزّة الحروب التي شنتها "الجمهوريّة الإسلاميّة" من أجل خدمة أهداف خاصة بها. هناك حرب لبنان وهناك حرب الحوثيين التي عطلت جزءا من حركة الملاحة في البحر الأحمر. هناك أيضا صواريخ الحوثي، وهي صواريخ إيرانيّة تطلق بين حين وآخر في إتجاه إسرائيل. هناك فوق ذلك كلّه استغلال إيراني لحرب غزّة من أجل إحكام القبضة على العراق الذي تسرح فيه وتمرح ميليشيات "الحشد الشعبي" المرتبطة بمرجعية إيرانيّة، هي "الحرس الثوري".

اختار اليمين الإسرائيلي الذي يرمز إليه شخص بنيامين نتانياهو الرهان على "حماس" من أجل منع قيام دولة فلسطينية في يوم من الأيام. ذهب إلى أبعد من ذلك عندما اعتقد أنّ لا وجود لرأي عام عربي يعي تماما أنّ ليس في الإمكان بقاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربيّة والقدس إلى ما لا نهاية. تسبب اليمين الإسرائيلي في إحراج للدول التي راهنت على إمكان التطبيع مع إسرائيل. لم يفهم معنى إقدام سائق شاحنة أردني (من معان) على قتل ثلاثة إسرائيليين عند جسر الملك حسين (جسر ألنبي) الذي يربط بين الأردن والضفة الغربيّة. لا يعني ذلك تبرير ما قام به سائق الشاحنة الأردني بمقدار ما يكشف ما تسببت به حرب غزّة من تأليب للرأي العام العربي على إسرائيل من دون مبالاة بالخطر الأكبر على المجتمعات العربيّة الذي مصدره إيران.

المخيف في الأمر أنّ الوضع في المنطقة يسير من سيّء إلى أسوأ في غياب دور قيادي أميركي من جهة وإصرار نتانياهو على أن لا بديل لديه من إستمرار حرب غزّة التي تحولت، من جهة أخرى، إلى حرب الشخص الواحد الذي يمثل فكرا أكثر تخلفا من فكر "حماس" بكثير.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد تحوّل حرب غزّة إلى حرب بيبي بعد تحوّل حرب غزّة إلى حرب بيبي



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab